بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية ربما يتحدث المتحدث
عن أمرٍ يؤرقه ويكون عادةً في محيطه القريب أو البعيد ! لكن بعد تتبع واستقراء
, وجدت أن أغلب المشاكل الصغيرة والكبيرة على مستوى الأفراد أو الأمم هي أزمة
تقبل ! دعني في البداية نذكر أمثلة عن هذه الأزمة في مجال الحياة العادية أو
حتى المسائل الفقهية التي يتكلم عنها الفقهاء لست أنا ! ربما من الأزمات في
الحياة العادية , يتضايق الشخص بشكل مبالغ فيه من أحدهم يتابع فُلان في مواقع
التواصل ! ومبرره الوحيد "ليش تتابعه أنا ما بلعته !" والآخر يكاد ينفجر من
سلوك صاحبه في إدارة وقته دون تبرير لتضجره ! والآخر يتضايق أنه يتناول قهوته
اليومية من أحد المقاهي العالمية دون ايضاً مبرراً مقنعاً لتضايقه ! أنت لا
تشجع فريق الكرة الذي أشجع إذاً أنت ضدي , حروب بين أصحاب جوالات ( الآيفون
والجلاكسي ) اختلافات بسيطة وتافهة وأخرى ليست بالهينة ! وربما لو فصّلنا في
مواقف الحياة اليومية لوجدنا أمثلة كثيرة ! غير أنني أريد أن أوضح ان العالم
أكبر من المحيط الذي نعيش فيه ! بيوت الناس ليست كبيتي سلوك الناس يختلف عن
سلوكي هذه الفكرة يجب أن نعيها ونتقبلها ! التضايق والحنق والزعل والضجر لن يضر
إلا نفسك ! وصدقني سعة صدرك لتقبل الآراء والأفكار سينعكس أثره الإيجابي على
نفسك, وفي ذكر المسائل الفقهية , والتي أحرص أن لا أتكلم فيما لا أفقه ! غير
أنني متأكد أن الدين أوسع وأشمل مما نعرفه نحن , دعوني أنقل لكم قصة قصيرة
عايشتها قبل سنتين تعلمت منها الشيء الكثير ونقلتها كثيراً , القصة في أحد
اللقاءات خارج المملكة , وفي إجتماع كبير حضره عددٌ كبيرٌ من مختلف انحاء
العالم الإسلامي , وأحد الاصدقاء المغربيين , لطيف سهل المعشر طالب علم ورئيس
جمعية إسلامية في بلده , استأذن منّا ليذهب إلى الخلاء ليقضي حاجته , وبعد
دقائق عاد لنا وهو غضبان ومتضايق , ويحكي لنا الموقف بلهجته المغربية التي
تعجبني كثيراً , فيقول : كنت في الحمام , وجاءني إتصالاً اضطررت إلى الرد عليه
, وبعد ما أنتهى خرج و أقبل إليه أحد الشباب منكراً عليه مغلظاً عليه بالقول
محرماً ومجرماً فعلته أمام الناس ! فتضايق الصديق المغربي وقال له القاعدة
المعروفة ( من قل علمه كثر إنكاره ) وقال لنا تتبعت مسألة الحديث في الخلاء
أكثر ما قيل في حكمها الكراهة ! لا أدري ذكر هذه القصة في أزمة التقبل لها مجال
, لكن خذوا موقفاً آخر لأحد الأصدقاء منكراً محذراً محرماً مجرّماً كل من يتابع
قناة بداية , وأسماها النهاية , وشغله الشاغل عيوبها وسوؤها ! وقد غفل عن خيرها
وفضلها ودعوتها وإيجابياتها , يا صاحبي الذي لا تتقبله أنت لا تلزم الناس أن
يكون رأيهم مثل رأيك ! أنت تريد أن لا تتابع كما تريد لا تتابع , الناس مالم
يفعلوا حراماً واضحاً لا تضيق عليهم إيّاك أن تكون ممن لديهم (أزمة التقبل )
قيسوا مثل هذه المواقف كثيراً ما تجدها في حياتنا اليومية , أنا لا أدعوا إلى
التمييع , أنا أدعوا إلى تقبل الرأي الآخر ما دام في إطار المباح ! تــعرفون
كلمة الإمام الشافعي رحمه الله تعالـــى المعروفة ( الا يصلح أن نبقى إخواناً
ولو اختلفنا ) والقصص في حياة الصحابة والسلف كثيرة , تعضد مسألة تقبل الرأي ,
فعلاً لو استطعنا أن نحل أزمة التقبل , سنكون بخير بإذن الله ,
والحمد لله رب العالمين
عايش بن ماجد الديحاني
جنوب المملكة 11/ 3 / 1438هـ
|