|
نص السؤال
المكرم فضيلة الشيخ : صالح بن فوزان الفوزان :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماقول فضيلتكم في الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية ؟ وهو الفكر
الذي يدعو إلى الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي ، فيساوي بين المسلم
والكافر بدعوى التعددية ، ويجعل لكل فرد حريته الشخصية التي لا تخضع لقيود
الشريعة كما زعموا ، ويحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه ؛ كالأحكام
المتعلقة بالمرأة ، أو بالعلاقة مع الكفار ، أو بإنكار المنكر ، أو أحكام
الجهاد .. الخ الأحكام التي يرى فيها مناقضة لليبرالية . وهل يجوز للمسلم أن
يقول : ( أنا مسلم ليبرالي ) ؟ ومانصيحتكم له ولأمثاله ؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد : فإن المسلم هو المستسلم لله بالتوحيد
، المنقاد له بالطاعة ، البريئ من الشرك وأهله . فالذي يريد الحرية التي لا
ضابط لها إلا القانون الوضعي ؛ هذا متمرد على شرع الله ، يريد حكم الجاهلية ،
وحكم الطاغوت ، فلا يكون مسلمًا ، والذي يُنكر ما علم من الدين بالضرورة ؛ من
الفرق بين المسلم والكافر ، ويريد الحرية التي لا تخضع لقيود الشريعة ، ويُنكر
الأحكام الشرعية ؛ من الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة ، والأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر ، ومشروعية الجهاد في سبيل الله ، هذا قد ارتكب عدة نواقض من نواقض
الإسلام ، نسأل الله العافية . والذي يقول إنه ( مسلم ليبرالي ) متناقض إذا
أريد بالليبرالية ما ذُكر ، فعليه أن يتوب إلى الله من هذه الأفكار ؛ ليكون
مسلمًا حقًا .
صورة الفتوى

تعليق
جزى الله الشيخ صالح الفوزان خير
الجزاء عن إجابته ، وهو صاحب الجهود المعلومة في الرد على من تأثر بالليبرالية
من الصحفيين - هداهم الله - .
وظني - والله أعلم - أن الليبراليين لدينا ثلاثة أصناف :
1- الصنف الأول -
وهو أسوؤهم - : من يعرف مناقضة الليبرالية لكثير من أحكام الإسلام ، لكنه -
وللأسف - يستمر في الدعوة إليها ، ويرتضيها معتقدًا ، ويُقبل عليها على علم ،
فهذا قد باع دينه بها ، ومعلومٌ حكم هذا ومآله - نسأل الله العافية - .
2- الصنف الثاني :
مقلد ، يردد هذه الكلمة دون فهم لما تدل عليه
وما يترتب عليها ، فهو مفتون بكل فكرة غريبة ، إما بدعوى حب الشذوذ ، أو
لانخداعه بكلمة ( الحرية ) التي تقوم عليها هذه الفكرة ، فيظن أنها لا تُخالف
الإسلام ، ومعلومٌ أن الإنسان مجبول على حب الحرية ؛ لكنه بين حرية يقيدها
الشرع أو حرية تقيدها الأحكام الوضعية ( لأنه لا يوجد حرية دون قيود ) ، فإن
تقيدت حريته بحدود الشرع محتسبًا الأجر من الله فقد فاز ، وإن تقيدت حريته
بالأحكام الوضعية متعديًا حدود الشرع ؛ فقد خاب وخسر ، والاثنان يجمعهما قوله
تعالى : ( تلك حدود الله و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها و ذلك الفوز العظيم . و من يعصِ الله و رسوله و يتعد حدوده
يُدخله نارًا خالدًا فيها و له عذاب مهين ) .
3- الصنف الثالث :
من يعرف مناقضة الليبرالية لكثير من أحكام الإسلام ، لكنه يقول : أنا سأقيد هذه
الليبرالية بأحكام الشرع ، وسأنبذ كل مايخالفه فيها ، وهذا نيته طيبة ، لكنه
متناقض ؛ لأنه إذا قيد الليبرالية بقيود الشرع خرجت عن كونها ليبرالية !
فلاداعي لأن يدعو لها ويعتنقها وهو يخالف أساساتها السابقة في السؤال ، وهذا
يذكرني بمن يدعو للديمقراطية من المسلمين - كالقرضاوي - ويقول : سأقيدها -
أيضًا بأحكام الشرع - فلن أقبل مثلا التصويت على أمر قد حكم فيه الشرع ، وهذا
كالأول متناقض ؛ لأنه إذا قيدها بما سبق خرجت عن كونها ديمقراطية !
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ،
ويجعلنا ممن قال الله فيهم : ( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و
رضيت لكم الإسلام دينًا ) .
أبحاث
ومقالات عن الليبرالية