عندما كتبتُ رسالة " شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن ناصبيًا " في الرد على
الجهلة الذين اتهموا شيخ الإسلام بالفرية السابقة ، بينتُ أنه رحمه الله عند
رده على الرافضة كان بين خيارين :
الأول :
أن يلزم الأسلوب المشهور عند العلماء ؛
وهو أسلوب الدفاع عن الصحابة ، وتفنيد مفتريات الرافضة عليهم . فكلما أوردوا
شبهة كشفها وردها . وهذا أسلوب لايجدي مع أمثالهم ممن دينهم الكذب والجرأة على
خير الأمة بعد رسولها صلى الله عليه وسلم .
الثاني :
أن يلجأ لأسلوب ( الإلزام ) ، ومواجهة شبهات الرافضة وأباطيلهم بشبهات الخوارج
والنواصب لكي يُسكت الطائفتين . وقد ذكر أن هذا منهجه في ردوده المتنوعة ؛ كما
في درء التعارض .
فكلما أورد الرافضة شبهة على أحد الصحابة .. رد عليهم الشيخ بأن هذا أو مثله
يلزمهم في علي - رضي الله عن الجميع .
وبهذا يضمن تبكيتهم وقمعهم عن التطاول .
وقد نجح الإمام في مهمته أيما نجاح .. وأصبح من بعده عالة على رده ؛ لما رأوا
من تميزه وأثره .
ولكن البعض من المتعجلين ( أو الحاقدين على الشيخ ! ) لم يفهم هذا الأمر حق
فهمه ، فصعب عليه ، وظن في الشيخ الظنون . فأصبح يحاكم الشيخ بكلماته (
الإلزامية ) للرافضة ، متعاميًا عن نصوصه الصريحة الواضحة .
فضل وأضل ..
وقد بينتُ في الرسالة السابقة أن هذا الخيار والمسلك جادة مطروقة بين العلماء
في ردودهم على المخالفين ؛ وذكرتُ إلزام الباقلاني الأشعري للنصارى لما طعنوا
في عائشة - رضي الله عنها - بما قاله اليهود في مريم - عليها السلام - ؛ حتى
أفحمهم .
ثم عثرتُ على مثال آخر يشهد لما ذكرت في كتاب الآمدي الشافعي الأشعري ! ( أبكار
الأفكار ) الذي طُبع حديثًا في خمسة مجلدات .
فقد قال عند رده على الرافضة في اتهامهم عثمان رضي الله عنه بأنه ضرب عمارًا
رضي الله عنه ( 5 / 279 - 280 ) :
(( ماذكروه لازم على للشيعة ؛ حيث أن عليًا رضي الله عنه قتل أكثر الصحابة في
حربه ، فلئن قالوا : إنما قتلهم بخروجهم عنه ، وافتئاتهم عليه . قلنا : فإذا
جاز القتل دفعًا لمفسدة الافتئات على الإمام ؛ جاز التأديب أيضًا )) !!