|
( أخبر الله سبحانه أن من أطاع الله
ورسوله من الأولين والآخرين ، فهو ناج من العذاب ، ويُحصّل جزيل الثواب ، وهذا
أمر مجمع عليه بين الأمة ، ولله الحمد ، لا اختلاف فيه ، لكن الشأن في تحقيق
ذلك وتصديق القول بالعمل بما في كتاب الله وسنة رسوله عليه من الله أفضل الصلاة
والسلام ، وذلك لأن الناس أحدثوا بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، والسلف الصالح
: محدثات زعموا أنها من البدع الحسنة . فأقبح ذلك و أشده دعوة غير الله ،
والاستغاثة بالصالحين من الأحياء والأموات ، في جلب الفوائد وكشف الشدائد ،
وسؤالهم الحاجات ليشفعوا لهم عند الله ويقربوهم عنده .
وكذلك كنا نفعله قبل أن يمن الله علينا بدين
الإسلام ، نحن وغيرنا ، حتى اشتهر ذلك في كثير من البلاد ، وصار عند غالب
الناس هو غاية تعظيم الصالحين ومحبتهم ، ومن أنكره عليهم كفروه وخرّجوه .
فلما ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أسكنه الله
الجنة يوم المآب نهانا عن ذلك ، وأخبر أن هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله إلا
بالتوبة منه ، وأنه هو فعل المشركين عبده الأوثان من العرب وغيرهم .
وأتانا بالدلائل القطعية من الكتاب والسنة
وإجماع سلف الأمة ؛ كقوله تعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )
، وقوله ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم
عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) ،
وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين ) . والآيات في هذا المعنى كثيرة معروفة .
فلما عرفنا أن هذا هو الشرك الذي بعث الله الرسل
وأنزل الكتب تنهى عنه وتأمر بعبادة الله و إخلاص الدعوة له وحده لا شريك له ،
وأن هذا هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، تبرأنا من الشرك بالله وأهله ،
ومن دعوة غير الله والاستغاثة بهم في الشدائد وجلب الفوائد ، وإخلاص الدعوة لله
وحده لاشريك له
فلما فعلنا ذلك وأزلنا جميع
الأوثان والقباب التي في بلداننا أنكر الناس ذلك وكفّرونا وخرجونا وبدّعونا
ورمونا بعداوتهم عن قوس واحد ؛ فاعتصمنا
بالله وتوكلنا عليه ، وجاهدناهم في الله وفي دين الله
؛ فنصرنا الله عليهم ) .
الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود – رحمه الله –
" الدرر السنية ، 2/171-173"
تـــعــــلــــيـــق
إنه الإمام عبدالعزيز بن الإمام محمد بن سعود ؛
الذي كان تلميذًا نجيبًا لشيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -
؛ درس وتعلم بين يديه ، فلما عرف حقيقة التوحيد ودين الله كما أنزل على محمد
صلى الله عليه وسلم ؛ شمّر الساعد في نصرته ، ونشره بالقلم والسنان ، ليُحقق
قول القائل :
فما هو إلا الوحي أو حد مرهـفٍ *** تـُزيل ظباه
أخدعيّ كــل مائـــــلِ
فهذا دواء الداء من كل عاقــــــلٍ *** وهذا دواء الداء من كل جـاهـــلِ
فبارك الله في سعيه ، وسعي من معه
، وعمّ التوحيد والعلم النافع ربوع البلاد ، وتوطدت أركان السنة ، وأنقذ الله
به وبشيخه ومن آزرهما أنفسًا كادت أن تهلك بالشركيات والبدع والانحرافات .
أسأل الله أن يرفع درجته وشيخه وجميع من ناصر الحق ، وأن يجعله قدوة لأسرته
التي إنما نالت الشرف بنصرتها لدعوة التوحيد ، ونشرها للإسلام الصحيح ،
ومراغمتها لأعدائه من أهل البدع والمنافقين ، وتمكينها لأهل الخير وتقريبهم ،
ونبذها لأهل الباطل وترهيبهم ، وصبرها على الحق وعدم التفريط فيه أو المداهنة .