ذكاء عالم ( 2 ) : موقف الشيخ محمد بن إبراهيم
- رحمه الله - من جامعة الدول العربية !
سليمان بن صالح الخراشي
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق أن نشرتُ
مقالا بهذا العنوان " ذكاء عالم .. " ، أوردتُ فيه موقفًا حكيمًا لعلامة مصر :
الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله - ، وقفه تجاه من أراد أن يستخفه من دعاة تغريب
المرأة : يجده القارئ على هذا الرابط : http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/23.htm
إشارة إلى أن أمتنا – وسط هذا الكيد العظيم من الكفار
والمنافقين – تحتاج إلى علماء ربانيين ، يجمعون مع العلم : ذكاء ونباهة أمام
ألاعيب أهل المكر ، ممن قال الله عنهم : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) .
لأن العلم والتقوى – على جلالتهما – لا يكفيان حين النزول إلى معترك الحياة ،
فكم رأينا من شيخ فاضل غُرر به من صغار الصحفيين والصحفيات ؛ حتى استدرجوه إلى
سقطات ، متخذين منه سُلمًا لأهوائهم .
خذ هذا المثال الواقعي : إعلامية متبرجة تكشف الشعر
والنحر و .. ، تُنتج الأفلام المليئة بالمحرمات ، تسأل أحد العلماء " الطيبين "
! : ياشيخ .. ! أحسن الله إليك .. ! ماحكم كشف الوجه !!
فينطلق الشيخ " الطيب " ! ذاكرًا لها أقوال العلماء ، وأن في المسألة خلافا ..
!
هذا مثال .. والأمثلة وافرة .
وكم أُتيت الأمة من أمثال هذا الطيب ، الذي لم يستحضر قول محدَّث هذه الأمة :
عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : " لستُ بالخَب ولا الخَب يخدعني " . والخَب (
بالفتح ) = المخادع .
وفي هذا المقال أنقل لكم موقفًا رائعًا من مواقف أحد العلماء
الربانيين النبهاء ؛ ممن كانت له جهود عديدة في
الوقوف سدًا منيعًا أمام طوفان الفساد وأهله ، الذي كان عاتيًا في زمنه ؛ حيث
الجهل والاندفاع غير السوي وراء زخارف الدنيا ، في فترة صعبة مرت على بلادنا ؛
إلا أنه – بتوفيق الله - ، قاد السفينة ومن آزره إلى بر الأمان ، وأسلمها مَن
بعده سالمة غانمة ؛ ليكملوا المسيرة .
أعني به : العلامة الموفق : والمفتي الجليل : محمد بن
إبراهيم – رحمه الله - ، الذي أدار مناصب عديدة بالغة الأهمية باقتدار ، وترك
من بعده آثارًا من الخير والعمل الصالح ؛ كالجامعة الإسلامية ، والمعاهد
الشريعة ، والمجلات الإسلامية ، .... الخ المفاخر التي تجدها على هذا الرابط : http://www.saaid.net/Warathah/1/shaikh-m.htm
هذا الموقف جرى له مع جامعة الدول العربية ! التي أنشئت
لمزاحمة الرابطة الإسلامية ؛ التي كان يشغلها توحيد الأهلة عن توحيد رب
العالمين !
فتأملوا الخطاب الرشيد ، والرد الموجز المفيد ، وادعوا لصاحبة أن يرحمه الولي
الحميد :
( من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ : رشدي ملحس .. سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : -
أعيد لكم خطابكم رقم 21 – 5 – 8 – 838 وتاريخ 12/3/ 77 ومشفوعه ورقة المشروع
الذي أعد لإجابة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية حول البحث في موضوع
مواقيت أهلة رمضان والفطر والحج .
وأفيدكم أن هذه مسألة فروعية ، والحق فيها معروف كالشمس . والفصل في ذلك قوله
صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرويته وأفطروا لرويته ، فإن غم عليكم فأكملوا
العدة ثلاثين " . الخلاف في تطبيق مدلول هذا الحديث وغيره بتأويل ـ اجتهادًا أو
تقليداً ـ مثل نظائره في المسائل الفروعية ، وجنس هذا الاختلاف لابد منه في
المسائل الفروعية ، ولا يضر . إنما الهام هو النظر في الأصول العظام التي الإخلال بها
هادم للدين من أساسه ، وذلك : مسائل توحيد الله تعالى ؛ بإثبات ما أثبت لنفسه
في كتابه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات : إثباتاً بلا
تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل ، وكذلك توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وكذا
توحيد الاتّباع ، والحكم بين الناس عند النزاع : بأن لا يُحَاكم إلا إلى الكتاب
والسنة ، ولا يُحكم إلا بهما . وهذا هو مضمون الشهادتين اللتين هما
أساس الملة : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، بأن لايُعبد
إلا الله ، ولايعبد إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن لايُحَكم عند
النزاع إلا ماجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم . هذا هو الحقيق بأن يُهتم به
وتُعقد المجالس والمجتمعات لتحقيقه وتطبيقه .
لذا لا أرى ولا أوافق على هذا المجتمع الذي هو بخصوص النظر فيما يتعلق بأهله
الصوم والفطر ونحوهما . وقد درجت القرون السابقة ، وجنس الخلاف في ذلك موجود ،
ولم يروه من الضار ، ولا مما يحوج إلى الاجتماع للنظر فيه . والسلام عليكم ) .