لا يشك مسلم في أهمية الدعوة إلى الله تعالى في السفر كالحضر ، فالمؤمن
الصادق يحمل قضيته معه ، لا ينساها ، ولا يغفل عنها .
وربما يكون سفره في الأمصار على مدى الأعصار سبب عظيم لنشر الخير للغير ،
والتأثير في الخلق ، ودعوتهم إلى ربهم . فبالسفر تزاد خبرته ، وتصقل موهبته ،
وتنمو معرفته بالناس وطبائعهم وأحوالهم وواقعهم ووقائعهم ، فيقف على موطن
الخلل عندهم ، ويسبر أغوار مجتمعهم ، ليلمس بيده مكامن النقص ومواطن الكمال ،
فهو كالنحلة الطيبة ، لا تقع إلا على الطيبات وتنتج الطيبات ، وكالنور في
الفجر حيثما سطع أشرقت به البلاد واستيقظت منه العباد !
فمن الوسائل المفيدة في الدعوة إلى الله
تعالى في السفر :
1 ـ
إلقاء المواعظ القصيرة في المساجد المطروقة ، فحالما أدركته الصلاة ألقى كلمة
قصيرة ومؤثرة ، وهي بذرة مباركة تلقى في قلوب المستمعين ، وستنبت بإذن الله ـ
ولو بعد حين !
وأنا أعرف أحد حفاظ كتاب الله تعالى وهو من الدعاة المباركين ، كانت سبب
هدايته من بعد غوايته وسقوطه في براثن المخدرات والفجور والفواحش والغناء و
ترك الصلوات وغيرها من الطامات كلمة قصيرة من شيخ مبارك سمعها منه في سفر ،
فهل من معتبر ؟!
2 ـ
نشر الكتب والأشرطة والمطويات في كل مكان يكون فيه ، في المساجد ، والمنتزهات
، والفنادق ، والاستراحات ، والمهم أن تترك خلفك ما يذكر بك ، وما يكون سبباً
في هداية غيرك ، وستقطف ـ بإذن الله ـ من هذه الثمرة اليانعة ، في يوم الحصاد
، عندما تقف بين يدي مولاك في يوم المعاد .
3 ـ
الحرص على الخلق الطيب ، والمعاملة الحسنة ، والابتسامة الصادقة ، واللمسات
الحانية ، والكلمات الرقيقة ، والكرم الفياض ، و العفو والصفح ، وغيرها من
الأمور التي جاء الإسلام بها ، ورغَّب فيها ، وحثَّ عليها ، وقد تؤثر بفعلك
أكثر من قولك ، فانتبه !
4 ـ
استغلال الأطفال في الدعوة إلى الله تعالى ، بإنكار المنكر ، والأمر بالمعروف
، ونشر الرسائل الدعوية بين البرية ، فهذا طفل ينكر على مدخن أو سامع للغناء
، وهذه طفلة تأمر بالحجاب ، وهذا آخر يرسل بالكتاب ، وآخر بالشريط ، وأخرى
بغيرها من الوسائل الدعوية المباركة ، والمهم أن نحمل الهم ، فليست النائحة
الثكلى كالمستأجرة .
5 ـ
الوقوف مع أهل الأزمات على مدى الطرقات ، فإن رأيت من خذلته مركبته ، وقفت
معه ، فأصلحتها من عطب إذا علمت السبب أو أوصلته إلى مبتغاه ، أو على أقلِّ
تقدير أمنته من خوفه ، ونصرته حال ضعفه ، ثم وهبته هدية دعوية أو كلمة رقيقة
، أزالت همَّه ، وأذهبت غمَّه ، فكم لها من الأثر ! والله في عون العبد ما
كان العبد في عون أخيه .
6 ـ
نشر المجلات الإسلامية المباركة في الاستراحات ، والشقق والمفروشة ، ومحلات
الحلاقة ، وأماكن الانتظار ، لتكون بديلاً لذلك السم الزعاف من المطبوعات
السيئة المنتشرة في اكثر البلدان .
7 ـ
توزيع النشرات التعريفية بالمؤسسات الخيرية ؛ الإغاثية والدعوية ، والدال على
الخير كفاعله .
8 ـ
زيارة العلماء والدعاة وطلاب العلم في المدن المزارة ، والتعرف عليهم ،
والوقوف على أحوالهم وأعمالهم ، والتنسيق معه للاستفادة منهم ، وكذلك زيارة
المؤسسات الخيرية للوقوف على احتياجاتها ، والمساهمة في نصرتها .
9 ـ
تعليم الأهل أحكام السفر ، وتطبيقها عليهم .
10 ـ
تذكير الأهل بالدعاء للمسلمين ، وتنبيههم أن دعاء المسافر مستجاب ، فترفع همة
الأهل ، ليشعروا بهموم المسلمين .
11 ـ
دراسة المنكرات التي يقف عليها المسافر ، ورصدها ، لتقديمها للدعاة والعلماء
والمصلحين ، ليقوموا بواجب الإصلاح ، كلٌّ بحسبه ، ومن موقعه .
12 ـ
تفقد أحوال المساجد ، والتعرف على ما ينقص فيها ، ومحاولة توفير احتياجاتها ،
ولو لم يكن إلا توفير المصاحف ، فكم في ذلك من خير !
ولن يعدم المؤمن الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله تعالى في السفر ، فعلى
قدر صدقه مع ربه ، واهتمامه بدينه ، وحرصه على نشر الخير للناس ، يُفتح عليه
من ربِّه ، وتأتيه الوسائل والسبل التي لم تكن له على بال ، وذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
المصدر شبكة الدعوة
المعلوماتية
|