إخوتي الأفاضل
.. هذا المقال الذي بين أيديكم هو جهد المقل ، رأيت فيه ثغرة تدعو الحاجة
الملحة إلى سدها ، مع التفريط الحاصل فيها ، فحاولت أن أضع خطوة على الطريق ،
وآمل منكم ـ أحبتي ـ أن تضعوا معي خطواتكم المباركة ؛ لعل الله تعالى ـ بمنه
وكرمه ـ أن يكرمنا بجزيل الثواب .
مع العلم ... أن هناك إخوة لكم في أمس الحاجة إلى مثل هذا الموضوع .. فلا
تبخلوا علينا وعلى أنفسكم ، بارك الله فيكم ورزقنا وإياكم الإخلاص والسداد .
أهمية الموضوع
1)
تذكر فضائل الدعوة إلى الله .
2)
الحاجة الملحة للدعوة في القرى حيث : تفشي الجهل والبعد عن الدين ، والوقوع
في شركيات وبدع وخرافات ... ولك أن تتخيل خيمة بجوارها طبق الاستقبال الفضائي
؛ ما مدى التأثير الذي سيحدثه في أهلها .
3)
كثرة إرساليات المعلمين الجدد إلى القرى مما جعل وجوب تعيين الدعوة عليهم
أكثر من غيرهم .
4)
وجود عدد من المعلمين ممن لا خلاق لهم يسعون لقضاء مآربهم في أهل القرى مما
زاد أهمية وجود المعلم الداعية .
5)
الإهمال والتفريط في هذا الجانب من الدعوة رغم أهميته وحاجة أهل المنطقة لذلك
.
6)
وجوب العمل للدين في أي مكان وضعت فيه .
وصايا عامة
1)
الإخلاص وحسن النية طريق لتيسير الصعوبات .
2)
تهيئة النفس لما قد يلاقيها من صعوبات وعقبات نفسية وخارجية .
3) كن
قدوة بفعلك قبل قولك .
4)
ليكن همك الأول كيف تنصر دين الله وتنشره ، لا المال وحتى الرجعة إلى الأهل
والراحة .
5)
تذكر جلد سلفك رحمهم الله تعالى في الدعوة إلى الله وصبرهم في سبيل الله
تعالى .
العقبات والمشكلات التي تعترض الداعية في
القرى
1)
وهي من أهم العقبات وأخطرها : عقبة النفس الضعيفة الملولة الكسولة .
فكثيراً ما ترى إخوة ظاهرهم الاستقامة ، ولكنهم ليس لهم أثر يذكر ، ولا بذل
يبذلونه لأنهم ( محطمين ) نفسياً . والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع
وإن تفطمه ينفطم
والعلاج :
إخلاص النية لله تعالى واللجوء إليه ( وهو أقوى علاج ) ، اختيار الرفقة
الطيبة التي تعينك ( وليس شرطاً ) ، الاستشارة ، والرجوع إلى الأخوة المسؤولين في كل فترة وغيرها .
2)
المواصلات ( أحياناً ) :
فلا تتوفر لدى الأخ وسيلة مواصلات مما يجعله في بعض الأحيان يستعين بزملائه
فيصبح تبعاً لهم ، وهذا قد يعيقه عن التحرك بسهولة في القرية .
3)
السكن :
قد لا يتوفر سكن في القرية - كما في بعض القرى - إلا سكن يتجمع فيه المعلمون
، وهم بين مستقيم -القلة- ، وغير مستقيم -الكثرة- ، والغلبة للكثرة -كما
يقولون- ، حتى أنه يذكر عن بعض الدعاة أنه كان يبكي من شدة الألم ، لأنه يسكن
في غرفة واحدة بها جميع المدرسين ، بين مدخن ودش وغيرها ، ولا يوجد في القرية
سكن غيره والله المستعان .
والعلاج :
الاستعانة بالله في البحث ومحاولة إصلاح
الموجودين .
وعلاج آخر قوي ومجرب : أن يبدأ الأخ باستئجار منزل لوحده ، وسوف يأتي إليه
مجموعة من المعلمين ليسكنوا معه ، فيختار ويشترط عليهم ما شاء ، لا تلفاز ولا
دش ، ولا أغاني أو صور ، ولا تدخين ، وصلاة في المسجد - مسجد القرية - ،
وهكذا فيصبح المنزل مملكته يتصرف كما يشاء .
4)
وهي عقبة - لا بد منها - : وهي طبيعة القرى الجغرافية ، الصعوبة في التحرك ،
وشدة وعورة الطرق ، والتيهان الوارد والذي حصل كثيراً .
العلاج :
استعن بالله ، واعلم أن هذا وضع جميع القرى ، ب هناك قرى أشد سوءاً من قريتك
التي تسكن فيها .
5)
صعوبة تقبل الناس في بعض القرى ، بل هي قلة جداً ، وكثير من أهل البادية في
القرى يحبون الملتزمين ، ويشهد بذلك المجربون ولله الحمد .
العلاج :
استعن بالله ولا تيأس وتذكر حبيبك المصطفى
صلى الله عليه وسلم وما لاقاه من قومه .
6)
مضايقة من بعض المسؤولين في القرية كشيخها أو أميرها أو محافظها أو إمام
المسجد ، إذا رأوا أنك قد سلبت الأنظار عنه إليك بحركتك ودعوتك ونشاطاتك التي
تقيمها .
العلاج :
" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " كما قال المصطفى صلى الله عليه
وسلم.. أعطه مكانة ،
أشركه معك في دعوتك - سيأتي كلام عنه - .
وهناك عقبات أخرى ... والعلاج الجامع : الاستعانة بالله تعالى ، وإخلاص النية
لله ، واللجوء إليه فإنه مفرج الكربات ومنفس الهموم سبحانه وتعالى .
كيف ندعو إلى الله في القرية ؟
أولاً : تذكر أهمية الدعوة إلى الله
وفضلها ، وخصوصاً القرى والجهل فيها ، " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير
لك من حمر النعم " .
ثانياً :
وهي نعمة أخرى : سرعة تقبل كثير من أهل القرى وحبهم للملتزمين ، إذا رأوا لك
أثراً ، ومنك حرصاً على دعوتهم وتعليمهم دين الله .
ثالثاً :
أ-
اجعل المسجد نقطة انطلاقة لدعوتك :
1-
خصص درساً أو درسين أسبوعياً ، " الدروس المهمة لعامة الأمة " ، " فتاوى
للعلماء " ، "العقيدة" ، "الفقه" .
2-
كثف جهدك في المواسم كرمضان والحج والإجازات .
3-
افتح حلقة لتحفيظ القرآن الكريم .
4-
نسق لمحاضرات تستضيف فيها بعض الدعاة ، ولا يحتاج الأمر إلى موافقة رسمية ،
وإنما حرصك على حضور الداعية وعلى حضور أكبر عدد من أهل القرية ، وتذكر أنهم
عوام لن يحضروا ما لم يكن هناك حوافز وجوائز مرصوصة على الطاولة .
5-
خطبة الجمعة وسيلة قوية للتأثير على الناس ، فاحرص عليها وإن كان هناك خطيب
فلا تخسره بل تذكر أنه يظن نفسه شيخ القرية وأعلمها ، فاكسبه في صفك .
ب-
توزيع أشرطة وكتيبات - واهتم بالأشرطة
- وعمل مسابقات عليها كمسابقة رمضان وجوائزها في العيد .
ج)
استعن -بعد الله- بمن حولك من المعلمين
السعوديين أو غيرهم ، وكذلك بعض العمالة يكونون على خير كثير ولكنهم دفنوا في
القرية ، كأن يكون معلماً لتحفيظ القرآن - إن كان يجيده- ، ولا بد من أذن
كفيله وإقناعه .
وكذلك استعن ببعض أهل القرية الذين ترى فيهم خيراً ، ولو لم يكن ظاهرهم
الاستقامة ، والواقع يشهد بأمثال هؤلاء وكم قدموا .
د)
تأكيد على
أن يكون معلم التحفيظ شخصاً آخر ، ولو تم إحضاره من خارج القرية براتب ثابت .
هـ)
احرص على كسب كبار القرية
بزيارتهم وإعطائهم مكانتهم ، حتى يساعدوك في تيسير دعوتك ، ولا تنس تخصيصه
بزيارة مع الشيخ الزائر من خارج المنطقة قبل المحاضرة أو بعدها .
و)
عمل المسابقات
، وإقامة الحفلات التكريمية لها ولطلاب التحفيظ في نهاية كل فترة -وكم لها من
أثر- .
ز)
عمل مخيمات دعوية وإغاثية
لضمان حضور أكبر عدد من أهل القرية .
ح)
احرص على تفقد أحوالهم -والغالب فيهم الفقر- ، وإحضار المواد الغذائية
بالتنسيق مع الجهات المعنية كالمستودعات الخيرية أو المؤسسات الخيرية ، أو
أحد الميسورين أو المشايخ والدعاة وغيرهم .
ط)
اعمل حلقة وصل بينك وبين الأخيار
في القرى المجاورة ، واحرص على التعاون بينكم
، وليكن همك المنطقة بكاملها .
ي) في
أسوأ الأحوال ظروفاً
، إذا لم تجد المعاونين في قريتك وزملائك
والقرى الأخرى .. فإياك إياك أن تقف عن العمل ، فكم من أناس نفع الله بهم ،
وهم فرادى .
والناس ألفٌ منهم كواحدٍ وواحدٌ كالألف إن أمر عَنَى
ك)
احرص على أخذ من استعطت من أهل القرية
شباباً أو شيباً لأداء العمرة في رمضان ، وأداء فريضة الحج ، وي الله كم لك
من الأجر إن فعلت - فإن كثيراً من أهل القرى لا يعرفون مكة والمدينة ، ولم
يروها في حياتهم -والله المستعان- .
ل)
لا تنس دعوة زملائك المعلمين
سواء كانوا معك في السكن بعمل برنامج داخل السكن ، أو خارج السكن بربط علاقة
معهم وإهدائهم الأشرطة المفيدة وزيارتهم .
وكذلك طلاب مدرستك ومدرسيهم ، احرص على إقامة نشاط دعوي فيها ، وتذكر في
مدرستك أن تكون قدوة في كل شيء ، وتذكر-أيضاً- أن الدير لا يريد منك سوى
الجدية في العمل والتحضير .. ثم إن فعلت ، ادع في المدرسة فلن يمنعك .
م)
تذكر أنه يوجد لديك أوقات فراغ
، فإياك إياك أن تهمل نفسك من قراءة القرآن
وحفظه أو مراجعته ومن الاستفادة من وقتك عموماً .
ن)
استشر أهل الخبرة
ومن سبقك في هذا العمل .
س)
لا أنفع من إخراج داعية
من أهل القرية وهذه من النقاط المهمة جداً لمن أراد الانتفاع الدائم لأهل
القرية بإذن الله .
ع)
وعلى افتراض سوء أهل القرية وعدم
تقبلهم ـ إن لم تكن أذيتهم ـ فلتحرص بارك الله فيك على إنشاء جيل من الشباب
بتبنيهم وتربيتهم من خلال حلقة للتحفيظ أو أي محضن آخر ؛ مع العلم أن التربية
قد تحتاج منك إلى سنوات ، وما أجملها وأبهاها حين ترى ثمرتها في مستقبل
السنين .
ف)
يمكنك الاستفادة من مواقع الدعوة
في الانترنت وعلى سبيل المثال : موقع صيد الفوائد
http://www.saaid.net/ ، ففيه خير كثير
جداً .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
|