الحمد لله و الصلاة و السلام على رسوله و مصطفاه محمد بن عبد الله و على آله و
صحبه و من والاه و بعد ...
فإن الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة هي أشرف ما قضى الإنسان به وقته و هي
وظيفة الأنبياء و المرسلين عليهم السلام ...
قال الله تعالى:
(( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) (فصلت:33)
و قال تعالى :
(( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
)) (يوسف:108)
و قال النبي صلى الله عيه و سلم:
(( لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر
النعم ))
فمن هذا المنطلق القرآني الكريم وجب على المسلم اتباع سبيل الأنبياء و المصلحين
و الدعاة الصادقين و مع تغير أسلوب الحياة و تطورها في مجالات عديدة اختلف
أسلوب الاحتكاك المباشر بالناس عما مضى ...
فقد كان في السابق ينزل المصلحون إلى الناس في منتدياتهم و مساجدهم و أسواقهم
لدعوتهم إلى الله تعالى و قد اختلف هذا الأمر اليوم بتطور الوسائل الحديثة (
التكنولوجية) فصار الداعية يتكلم إلى الملايين عبر المذياع أو التلفاز أو عبر
طباعة الكتب و المجلات و الأشرطة و غيرها ....
وهذا الأمر نفسه ينطبق على شبكة
المعلومات العالمية (( الإنترنت)) فهي وسيلة رائعة جدا للدعوة إلى الله تعالى
لأسباب عديدة :
1- إقبال الناس المتزايد على هذا
الاكتشاف المذهل : فقد أصبح الإنترنت
اليوم مرجعا لكل باحث عن معلومة معينة و ملاذا لكل طالب علم ديني أو دنيوي ،
لقد كان من الصعوبة في ما مضى الحصول على معلومات صحيحة و شاملة عن الإسلام في
كثير من بلدان العالم أما اليوم فقد اختلف الوضع تماما و صار الإسلام يقتحم
بيوت الناس و معاهدهم بل و غرفهم الخاصة !
لقد حدثني صاحبي أحمد و هو شاب نيوزلندي أنه أسلم منذ 3 سنوات و والداه لا
يعلمان عن إسلامه شيئا ! و حدثتني الأخت جميلة و هي فتاة أمريكية أسلمت عبر
الإنترنت أيضا أنها تقوم بطباعة الكتب الإسلامية من الإنترنت أثناء العمل لتسهر
على قراءتها في عطلة نهاية الأسبوع ! و تردني في بريدي الإلكتروني كثيرا رسائل
من باحثين و طلبة من كافة المستويات يسألونني عن معلومات تفيدهم في بحوثهم عن
الإسلام و آخر رسالة وصلتني من شاب بريطاني عمره 15 عاما يطلب معلومات عن موقف
الإسلام من الإعدام كما وصلتني رسالة من بروفيسور من جامعة هارفارد الأمريكية
يطلب معلومات أخرى !
2- قلة تكلفة هذه الوسيلة الدعوية :
لو فكر إنسان بطباعة كتيب صغير لينشره بين الناس لكلفه ذلك مبلغا يتجاوز الألف
دولار مثلا ! بينما لو قام نفس هذا الشخص و نشره في الإنترنت فلن يكلفه شيئا
يذكر ، إن كثيرا من الخدمات التي تقدمها الشركات العالمية أصبحت مجانية و هذه
الخدمات هي نفسها التي يستخدمها الدعاة إلى الله
3- سهولة استخدام هذه الوسيلة :
إن ممارسة الدعوة إلى الله تعالى و تعلم أساليبها عبر الإنترنت سهلة و يسيرة و
لا تحتاج لشهادات أو دورات معقدة ... لقد تعلم الكثيرون من إخواني الدعاة إنشاء
الصفحات أو الدخول في حوارات مع الآخرين في أيام قليلة و صاروا اليوم ممن
أستفيد منهم و أتعلم أمورا كنت أجهلها ....!
4- بما أن الإنترنت في أحيان كثيرة ليست
وسيلة احتكاك مباشر بالناس فإن هذا الأمر يعطي مرونة كثيرة للدعاة
فمن ذلك مثلا : في حال نومك أو سفرك أو انشغالك مثلا فإن الناس أيضا سيستفيدون
من موقعك الدعوي و المعلومات المتوفرة فيه و هذا أمر يختلف عن الشيخ الذي يجلس
في المسجد و يعلم الناس فإنه في حال سفره أو مرضه فقد انتفت الاستفادة من علمه
( و ما أقصد هنا التقليل من هذا العمل أبدا ) ثم أيضا لو سألك إنسان بطريقة
مباشرة عن حكم من أحكام الإسلام و لا تعرفه فأنت تقول له لا أعلم أما عبر
الإنترنت و الاحتكاك غير المباشر فإنه ينفع في إعطائك وقتا كافيا للبحث أو سؤال
العلماء ثم الرجوع على السائل و هكذا ....
5- خصب الساحة و حاجتها الماسة لاستثمار هذه
الوسيلة الدعوية : يؤسفني أن أقول أن
أهل الدنيا قد سبقونا كثيرا جدا في استثمار الإنترنت و صار الدعاة عالة عليهم
في أساليبهم و شركاتهم .... و هذا أمر واضح للعيان و هو موضوع بحاجة أن يفرد
بشكل مستقل !
و هناك أسباب عديدة لم أقصد أن أتكلم فيها
بشكل تفصيلي و إنما هي خاطرة و مدخل سريع للموضوع ....
تابع .. كيف تدعوة إلى الله تعالى عبر
الإنترنت ؟
|