|
مدخل :
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تزولُ
قدمُ ابنِ آدم يوم القيامة من عندِ ربه ، حتى يُسألَ عن خمس : عن عُمُرِه فيمَ
أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أينَ اكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا
عمِل فيما علِم "
أخي لن تنالَ العلمَ إلا بستةٍ *** سأُنبيكَ عن تفصيلها ببيان ِ
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبُلْغةٌ *** وإرشادُ أستاذٍ وطول زمان ِ
الهمسةُ الأولى : أيُّها الطالبُ
العزيزُ الكريم .. أُولى هذهِ الكلِمات ، وفي مُقدِّمة هذهِ الهمسات لا أجدُ
أفضل من أوصي بهِ نفسي وإياكَ بـ " تقوى الله تعالى " ، " ومن يتَّقِ الله
يجعلَّ لهُ مخرجاً " ، " ومن يتَّقِ الله يجعلَّ لهُ من أمرهِ يُسراً " ، "
ولقد وصَّينا الذين أوتوا الكتابَ من قبلِكم وإياكم أنِ اِتَّقوا الله " ،
فبالتقوى تسهُل الأمورُ وتتيسَّر ، وتنفرجُ الضوائقُ ولا تتعسَّر .
الهمسةُ الثانية : اِعلم - رعاكَ الله – أن العِلمَ بالتعلُّم ،
والتفوُّقَ بالجِدَّ والاِجتهاد ، والنجاحَ بالمُذاكرةِ والمثابرة ، والوصولَ
إلى المعالي بالحِرصِ والتعب .. والاِستعدادَ الجيِّدَ قبل الامتحان من أهمِ ما
يُساعِدُكَ على بُلوغِ ذلك ، فمن زرَعَ البذلَ والعطاء حصَدَ النجاحَ والتفوُّق
– بإذنِ الله –
الهمسةُ الثالثة : اِبدأ المُذاكرةً والاِستعداد للاِمتحان مستعيناً
بالله وحده ، ودع عنكَ كلِمةَ " سوف " فإنها سبَبٌ لِفشلِ الناجحينَ إن تمكَّنت
منهم ، واحرِص على فتراتٍ من الراحة ، وتجنَّبَ السهرَ وكثرةَ الإرهاقِ فإنهم
يُؤذيانِك ..
الهمسةُ الرابعة : اِعلم أن التوفيقَ من عندِ الله ، والنجاحِ بيدِهِ
سبحانهُ وحده ، فأكثر من طلبِهِ ذلك .. وتعرَّف إليهِ في الرخاءِ واليُسر
يعرِفُكَ سبحانهُ عندَ الشِّدة والضيق .. { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا
لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } .
الهمسةُ الخامسة : تجنَّبِ القلَقَ والانزعاجَ وكثرةَ الوساوِس ، وعليكَ
بالإكثارِ من ذكرِ الله فإنها تطرُدُ كلَّ ذلك " الذينَ آمنوا وتطمئنُّ قلوبهم
بذكرِ الله ، ألا بذكرِ اللهِ تطمئنُّ القلوب " ..
الهمسةُ السادسة : قبلَ أن تُجاوبَ على الأسئلة .. تأنَّ في قراءتها ،
فالتأنِّي من الله ، وابدأ بالأسهلِ منها ، " واذكر ربَّكَ إذا نسيت " ، وإذا
استصعبَ عليكَ سُؤالٌ فاستغفِرِ الله كثيراً ، وردِّد : ( اللهم لا سهلَ إلا ما
جعلته سهلاً ، وأنت تجعلُ الحزنَ إن شئت سهلاً ) ، وقد كان شيخُ الإسلام ابن
تيمية - رحمه الله - إذا استغلق عليه فهْمُ شيءٍ يقول : يا معلّم إبراهيم
علِّمني ويا مُفهِّم سليمانَ فهِّمني .
الهمسةُ السابعة : الغشُّ ظاهرةٌ سلبيّة ، وفعلٌ سيِّء ، ومن أسبابهِ :
ضعفُ الإيمانِ وغيابُ التربية ، وعلاجُهُ : تذكُّر الوعيدِ الذي ورَدَ في ذلك :
( من غشَّ فليس منَّا ) ، وآثارُهُ : تبوُّؤ أناسِ ليسوا أهلاً ؛ لمناصبَ
ووظائفَ خطيرة ، فينتُجُ عندَ ذلكَ جيلُ هشٌ ضائع ، ولسنا بحاجة إلى أجسادٍ
فارغةٍ من العقول والله المستعان .. كما أنهُ يجبُ على من رأى من يغشُّ أمامه
أن يُنكِر ذلكَ عليه " من رأى منكم مُنكراً فلْيُغيِّرهُ بيَدِه ، فإن لم
يستطِع فبِلِسانه ، فإن لم يستطع فبِقَلْبِه ... " .
الهمسةُ الثامنة : أحذِّرُ الشبابَ والفتيات من
لصوصِ الامتحانات " رفقاءِ السوء الكُسالى " الذينَ يُفسدونَ في هذهِ الأيام ما
يُصلِحهُ المُربُّونَ في شهرٍ أو أكثر ، فإنهم يصطادونَ في مثلِ هذهِ الظروف ،
سواءً كانوا من أربابِ المخدرات أو من أربابِ الشهواتِ والفساد .
لا تصحبِ الكسلانَ في حالاته *** كم صالح بفسادِ آخر يفسُدُ
عدوى البليد إلى الجليد سريعةٌ *** كالجمرِ يُوضعُ في الرماد فيجمُدُ
الهمسةُ التاسِعة : قال تعالى : [
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا ] ، فنجاحُ الدنيا مرتبِطٌ بنجاحِ الآخرة ، بل من سعا إلى طاعةِ
ربِّهِ وفلاحِ آخرته أتتهُ الدنيا وهيَ راغمة .
الهمسةُ العاشرة : أخيراً .. (... وَإِنْ
أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ
الشَّيْطَانِ ) ، فارضَ بما يُقدِّرُهُ اللهُ ويكتُبُه ، والعاقلُ اللبيبُ هوَ
الذي يستفيدُ من تجارُبِه .
أسألُ الله عز وجل لك الفوزَ والفلاح في دنياكَ وآخِرتِك .. كما أسألُهُ أن
يجعلَ هذهِ الامتحانات برداً وسلاماً عليك .. وفَّقني اللهُ وإياك .
بقلم : عبد الرحمن بن محمد السيد – تبوك
مساء الأحد 29 محرم 1430 هـ
للتواصل : am.daaw@gmail.com