الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله
وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد كنت منذ أيام وأنا أحاول الدخول لمشاهدة هدية العيد التي وعد بها تنظيم
القاعدة في جزيرة العرب , وكنت أقول في نفسي : هل ستحمل هذه العيدية مفاجأة
من نوع آخر , بحيث نرى فيها شجاعة في الاعتذار , وإقراراً بالخطأ , لأنني
لا يمكن أن أتصور أن رجلاً تبلغ به الخسة والانحطاط إلى هذا المستوى ,
فضلاً عن أن يكون مسلماً , من أصول عربية , عرفت معنى الخيانة والغدر ,
ناهيك عن أن ينسب هذا لذروة سنام الإسلام , ويلحقه بأفعال السادة الكرام ,
والأئمة الأعلام .
تفاجأت حقيقة , وإن كان عنصر المفاجأة قد يختفي حين يقرأ المسلم قول الحق
تبارك وتعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه
حسنا ) , وقوله جل في علاه : ( قل هل
ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا ) , حيث رأيت الجهل والتخبط , والطيش والخفة والتسرع
في إطلاق الأحكام , وتنزيل النصوص في غير موضعها , وهذا ليس بغريب على من
بضاعته حماسه الطائش , ولا يرى إلا أرنبة أنفه .
دعوني أتنزَّل وأقول إن كلَّ مافي ذلك الشريط صحيح , وعندهم عليه وثائق
وإثباتات , فهل هو مما تكفر به الدولة , ويجوز بموجبه قتالها ؟ .
إن قالوا : نعم .
قلنا لهم : هل هذا علم علمتموه وحدكم , أم هو معلوم لدى العلماء وسكتوا
عنه , أو جبنوا عن التصريح به , أو عندهم فيه شبهة ؟ .
فإن قالوا : لايعلمه غيرهم , قلنا لهم : وهل ناصحتم به قبل أن تقاتلوا من
أجله , وهل أقمتم به الحجة على خصمكم ؟ .
فإن قالوا : نعم , ناصحنا به وأقمنا الحجة على الحكام والعلماء , ولكنهم
لم يستجيبوا .
فيقال : هل أنتم تكفرون بسبب ذلك الحاكم وحده , أم تكفرون الحاكم والعالم
؟ .
فإن قالوا : بل نكفر الحاكم دون العالم , طالبناهم ببيان سبب التفريق .
وإن قالوا : بل نكفرهم جميعاً , قلنا لهم : وهل يقف هذا الحكم على
أشخاصهم , أم يسري على كل من تحت أيديهم , ومن يواليهم , أو يرى إمامتهم
ومكانتهم ؟ .
فإن قالوا : بل هو مقصور عليهم لزمهم البيان , وذكر سبب التفريق .
وإن قالوا : بل هو منطبق على كل من يرى بيعتهم , وأن لهم مكانة وقدرا , وكل
من يواليهم , فقد كفَّروا بذلك عامة المجتمع .
فإن قالوا : هو محصور على الحكام والعلماء لقيام الحجة , وأما العامة
فيعذرون بجهلهم , فيقال : وهل العذر بالجهل في مثل هذه المسائل التي أبحتم
فيها القتال , ورضيتم بموجبها تكفير الأعيان مقبول ؟ .
فإن قالوا : نعم يُعذرون بجهلهم , فيقال : وهل العذر بالجهل يشمل العساكر
التي تقاتلونها , أم هم مستثنون منه ؟ .
فإن قالوا : يشملهم فقد أسقطوا أنفسهم , وأثبتوا أنهم يقاتلون المسلمين
بالشبهة .
وإن قالوا : العساكر لايعذرون بجهلهم , فيلزمهم الدليل على التفريق .
ثم إنهم إن قالوا : بل هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة , والعلماء
يعرفونه , فيقال لهم : ولماذا سكت العلماء عنه ولم يبينوه , أو لم يخرجوا
على الحاكم بموجبه ؟ .
فإن قالوا : منعهم الخوف أو الطمع أو الخيانة , فيقال : لماذا لم يمنعهم
ذلك وقد خالفوا وأنكروا ماهو أقلَّ منه ؟ .
وعلى افتراض أنهم كذلك فهل تستحلون أموالهم ونسائهم كما استحللتم دمائهم ؟
.
فإن قالوا : نعم فذلك والله الفجور , وإن قالوا : لانستحل نسائهم , بل
نستحل دمائهم وأموالهم ليس غير , فيلزمهم الدليل على التفريق .
ثم يقال لهم : من من العلماء يؤيد رأيكم , ويقول بقولكم ؟ .
فإن قالوا : كثير , قيقال لهم : سموا لنا رجالكم .
فإن قالوا : إن بعضهم لايحسن ذكر اسمه , أو يفتينا في الخفاء , فيقال : من
جبن عن ذكر عقيدته فهو أجبن من من أن يكون مجاهدا في سبيل الله , وإن كان
منعه من بيان عقيدته الخوف على نفسه , فلماذا لايهاجر من أرض الكفار إلى
حيث المراغم الكثير والسعة , لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقامة
بين ظهراني الكفار !! .
فإن عجزوا عن ذكر عالم من علماء المسلمين , واكتفوا بذكر بعض المجاهيل ,
فيقال : إن شيئا من أمر الدين غاب عن السادة العلماء , ولم يعلمه ويعمل به
إلا المجاهيل , أو الجبناء فلا حاجة لنا به .
بل أين بعض من يفتيكم ممن تبالغون في تعظيم شأنهم عن القيام بهذا العمل
الذي تقومون به في بلدانهم , لماذا رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ؟ .
بل إني على معرفة تامة , ويقين لايخالطه شكٌ , أن ممن استشهدوا بهم في
ذلك الشريط الفاضح لفكرهم , يخالفونهم في كثير من تخبطاتهم وضلالاتهم ,
وتحديداً في مسألة القتال , فكيف إذا اشتمل على الغدر والخسة والخيانة .
بل وكيف إذا كان ماسبق ذكره على سبيل التنزل للخصم ومجاراته , مفترضين أن
ماقاله صحيح وثابت , وأنه مما لاشبهة فيه , وليس ثمت مايمنع إنزال الحكم
على صاحبه , من تأويل أو غيره من الموانع الشرعية .
أيها الفضلاء :
لن أتعمق كثيراً في المناقشة لأن ذلك يحتاج إلى وقت وجهد وبسط , لكني سقت
هذا النموذج من المناقشة لبيان حقيقة الجهل الذي تنطوي عليه تلك الأفكار ,
وأنها كالذي يترك صلاته مستدلا بقول الله تعالى : ( فويل للمصلين ) ,
وهذا غاية في الجهل والسوء , وسأعود لأقول :
نعم هناك أخطاء وتجاوزات , وهناك ظلم واعتداء , وهذا ليس بسرٍّ أكشفه , ولا
ستر أفضحه , بل هذا مايعترف به المسؤول قبل غيره , ولكن هذا وعلى افتراض
أنه جزء من النظام المعمول به , أو مأمور به بشكل رسمي , لايبيح الخروج ,
ولا يسوِّغ قتل النفس , ولايخرج فاعله عن ملة الإسلام , فكيف إذا علمنا
أنها تجاوزات فردية في كثير من أحوالها , والدليل على ذلك , ماتقوم به
الدولة من تعويض لأصحاب المظالم , أو اعتذار من بعض من وقعت عليهم الأخطاء
, ومعاقبة بعض المتجاوزين , وإن كنت لا أزال أطالب بالتشديد في ذلك ,
والأخذ على يد كل مستهين بالحقوق , أو مستغل لسطوته وسلطته .
لقد تحدثت مع سمو الأمير محمد بن نايف – حفظه الله – عن نماذج من تلك
التجاوزات , ورأيت منه اهتماما خاصا بها , ووعداً بالتحقيق في شأنها ,
ورأيت منه إجراءات صارمة لبعض المستهترين , بل رأيته يعترف بصراحة ووضوح
بوجود الأخطاء , وهذا غاية العقل والحكمة , وكلنا سمعه يحادث ذلك المنتحر ,
ويعترف بالأخطاء , وينفي أن تكون مقصودة .
ولو أن كلَّ إنسان تعرض لمظلمة , أو أسيء إليه في معاملة رفع سلاحه , وخرج
على ولي أمره , لأصبحنا في غابة موحشة , ولكانت الغلبة فيها للأقوى .
يجب على كل مسلم أحسَّ بالظلم , أو وقع عليه شيء من التجاوز , أن يسلك
السبل الشرعية , وأن يطالب بحقه , فإن أنصفه الحاكم فذاك , وإن لم ينصفه
فيلزمه السمع والطاعة بالمعروف , ويجب عليه الصبر , وتغليب مصلحة الجماعة
على مصلحته الفردية , لأن الخروج والفرقة شر , والاجتماع والوحدة مع احتمال
الظلم خير وبركة .
ونحن حين نعترف بالأخطاء ليس لمجاملة هؤلاء والتنزل معهم , بل لأن ذلك من
الدين , ولكننا في الوقت نفسه لايجوز أن نجعلها مبررا للتكفير والتفجير ,
أو مسوغا للخروج على الحاكم , لأن مصلحة بقاء الحاكم على ظلمه , أعظم من
زواله وذهابه , ذلك إن كان الظلم مقصودا , فكيف والحاكم قد فتح بابه
لاستقبال المظالم , وأعلن أنه سيضرب بسيف العدل هامة الظلم , والمحاكم قد
أشرعت أبوابها , وقد رأينا قضايا أُنصِف فيها أصحابها , مع اعترافنا
بالتقصير كما أسلفت .
أيها الفضلاء :
تحدث التسجيل " عيدية التنظيم " عن انتهاك الحرمات والأعراض , وأعتقد أن
سمع المكالمة التي دارت بين الأمير والمنتحر يعلم كذب تلك التهمة , فكيف لو
سمع هؤلاء ولاهؤلاء إلا وقد سمعوا , ولكن كما قال الله تعالى :
( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )
, أقول : كيف بهم وقد سمعوا سمو النائب الثاني – حفظه الله – وهو يقرر
استنكاره لمن يقبل أن تعمل زوجته سكرتيرة أو نحوها , ويؤكد أن الأنفس فداء
للأعراض !!! .
إن وجود الحالات الفردية الشاذة , بسبب ظروف خاصة , يتطلبها الموقف تارة ,
أو يتجاوز فيها بعض الأفراد , لايجوز أن تتخذ قاعدة عامة , أو تكون ذريعة
للثلب والانتقاص , فكيف وقد رأيت بنفسي قبل غير , وشهدت من المواقف مايثبت
كذب هذا الاعتداء وزيفه .
بل لقد تحدثت مع الأمير محمد بن نايف – حفظه الله – بخصوص بعض الإجراءات
التي تتم مع النساء في أقسام الزيارة في السجون , ووجدت منه تجاوبا كبيرا
في هذا الجانب , ووعدني خيرا , وأقسم بالله أنه لايقبل ولا يرضى , وأنه
يكره هذا , لكنه يتحسر من بعض حماقات من يستغل الثقة , فيتسبب في مثل هذه
الإجراءات , ووعدني بحلٍّ عاجل لهذه المسألة , فأسأل الله أن يجري الحق على
يديه .
وتحدَّث التسجيل " عيدية القاعدة " عن التهديد لسمو وزير الداخلية , وسمو
مساعده – حفظهم الله – وأنا هنا أقول لتلك الأقزام المتطاولة , ماقاله أبو
طالب في لاميته , وهو وإن كان قالها في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم ,
إلا إني أسوقها متمثلاً , والعبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب :
كذبتم
لعم الله نبزى محمدا **** ولمَّـا ننـافح دونه ونناضل
ونُسلمه حتى نُصرَّع دونه **** ونذهل عن أبنـائنا والحلائل
أقول هذا ليس دفاعاً عنهما لذواتهما ,
وإن كانا يستحقان , بل دفاعا عن الأمن الذي يحرسانه , ويسهران على استتبابه
, وأقول لتلك الأقزام , كلنا عيون ساهرة , ومهما أزبدتم وأرعدتم , فوالله
من بلغت به الخسة واللؤم إلى هذا الحد من العمل , الذي تجاوز القيم
والمروءات , فلن تعدو تهديداته حنجرته , والجحر الذي يختبىء فيه .
لكن بقي أمر مهم , وحديث يجب أن نقوله , وهو أن نسبة هذه الأعمال المشينة ,
والأفعال المنكرة إلى عظماء الرجال , وتشبيهها بأفعالهم , من أعظم الكذب
والزور , فمن تأمل قضية اغتيال كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق , التي
استشهد بها هؤلاء الجهلة , وجد أنها في حق أفراد آذوا النبي صلى الله عليه
وسلم , فكيف يصح إنزالها على خصمهم حتى وإن كانوا يكفرونه , إلا إن كانوا
يرون أنهم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم , وله ماله من أحكام ,
فتلك والله كارثة وطامة , وإلا فلماذا لم يقتل رسول الله صلى الله عليه
وسلم كفار قريش غيلة ؟ .
وتحدَّث التسجيل " عيدية القاعدة " عمن لامهم على عملية الخسة , وبرروا
فعلها بأنهم لم يمنحوا خصمهم أماناً , ولم يوقعوا معه عهداً , وأقول لهم :
تقولون هذا عندنا
غير جائز **** ومن أنتمُ حتى يكون لكم عندُ
ولكن :
إذا ساء فعل
المرء ساءت ظنونه *** وصدَّق مايعتاده من توهم
ليتكم سكتم ورضيتم بما رأيتم من فشل
جهدكم , وظلال سعيكم , لكن أبيتم إلا السوء لأنفسكم , وأن تبقوا في الناس
علامة للغدر والخسة , وإذا كان وعيدكم لخصومكم بمثل هذا الفعل , فثقوا أنكم
ستنتصرون في المعركة , لأن خصمكم يتعامل معكم بمكارم الأخلاق , ولم يفكر
بالغدر .
وإن كان وعيدكم بالمواجهات فقد رأيتم مالاقبل لكم به .
ولكن أفلا أدلكم على أمر رشد , وشيء في لكم يتحقق الخير بإذن الله ؟ .
عودوا إلى رشدكم , وتبصروا في أنفسكم , وفكروا في عواقب الأمور , وانظروا
من المستفيد من ممارساتكم , وفي مصلحة من تصب , وتذكروا أن من تتهددونه كان
أحنَّ الناس على أهليكم , وأرحمهم بذويكم , وتذكروا سعيه لإطلاقكم من السجن
الذي ذقتم فيه المرارات كلها , وتسبب في لمِّ شملكم بأهليكم , والإنفاق
عليكم , وتيسير كثير من أموركم , فلا تعضوا تلك اليد التي امتدت إليكم , (
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) , وإني ضامن لكم أنكم ستجدون منهم قلوبا
رحبة , وستجدون فيهم عليكم شفقة ورحمة , ولستم أول من تجنَّى فعفوا عنه ,
ولن تكونوا آخر من أساء لنفسه , ووالله لو أقبلتم إليهم رغم ماعملتموه خطوة
, لوجدتموهم قد قطعوا تجاهكم خطوات .
أقول هذا وأنتم في سعة من الأمر , وقبل أن يًصيب أحدكم دما حراما يبوء
بإثمه يوم القيامة , واعلموا أن خلفكم من الآباء والأمهات , وربما الزوجات
والذراري , من يتقطع قلبه حسرات عليكم , فاتقوا الله فيهم , ولاتجمعوا
عليهم فوق مصائبهم ولوعاتهم مصائب ولوعات أخرى .
وتذكروا أنكم بحماقاتكم هذه التي تنسبونها للإسلام , وتزعمون أنها ذروة
سنامه , تفسدون أكثر مما تصلحون , وتهدمون أعظم مما تبنون _ إن كان ثمت
إصلاح وبناء - , بل والله يشهد أنكم قد فتحت على الخير وأهله من أبواب
المحن والابتلاء , والوقيعة والانتقاص , وفتحتم على المشاريع الخيرية
وأعمال البر , من الشر والسوء ملايعلم ضرره وخطره إلا الله تعالى , ولكم أن
تنظروا في واقع الحال لتعلموا إن كانت لكم قلوب تفقهون بها , أو آذان
تسمعون بها , أو أعين تبصرون بها .
لقد أحدثتم في حصن الدعوة شرخا كبيرا , وتركتم مشاريع الفضيلة حمى مشاعاً
للمتردية والنطيحة , لينالوا منها , ويقعوا فيها , واستطالت الأوزاغ على
الثوابت مستغلة فتنتكم , وصرتم كالمنبت الذي لاأرضاً قطع , ولاظهراً أبقى ,
فلستم الذين عملتم لخدمة أعمال الخير وأهله , ولا هي بالتي سلمت منكم ومن
فتنتكم .
أقسم لكم بالله غير حانث , أن أعداء الحق لايتمنون زوالكم , بل هم أكثر من
يفرح بأفعالكم , وذلك لأنها تُقدِّم لهم المسوغات والمعاذير على طبق من ذهب
, ودون أدنى كُلفة أو مؤونة .
لقد كانت بلادنا في وقت مضى منارة مضيئة , ومعلما واضحاً , لبذل الخير ,
ورعاية المشاريع والمدارس , ونفع الناس في أصقاع المعمورة , فلما اشتعلت
فتنتكم , بدأت هذه المكانة التي تبوأتها بلادنا تضعف وتتلاشى , وصرنا عنصرا
غير مرحب به في أكثر بلاد الدنيا وللأسف الشديد .
أعلم أنكم ستقولون وبكل برود إن هذا بسبب الحرب العالمية على الإرهاب ,
وهذا غير صحيح , فإن مشاريع الخير التي ترعاها بعض دول الخليج لازالت قائمة
, بل أصبح لها حضور أكثر من ذي قبل , فلماذا لم تتأثر بالحرب على الإرهاب ؟
.
لقد أحجم كثير من أهل اليسار عن مواصلة دعمهم لمشاريع الخير بسبب إقحامكم
لها في جهالاتكم , فلم يسلم منكم إفطار الصائم ولا غيره , ولست هنا أردد
بيانات وزارة الداخلية كما تزعمون , والتي تنسبونها للكذب دائما , بل هذا
مما وقفت على بعضه , واعترف به بعض من كان معكم , لهذا فقد خشي المنفق أن
تنقلب صدقته إلى قنبلة يروح ضحيتها أبرياء لاذنب لهم .
بل لقد وجد أصحاب الجنح والجرائم في فتنتكم أعظم رافد لهم , فانشغلت أجهزة
الأمن بتتبعكم , وضعف تعاطيها مع هؤلاء المفسدين , فتحقق لهم ما أرادوه ,
وكل ذلك ثمرة من ثمار أفعالكم .
ولو أننا بقينا نعدد آثار فعالكم السلبية لجفَّ حبر المطبعة ولمَّا ننتهي
من ذكر بعضها , فكيف وأنتم ترونها نصراً للإسلام , وقياما بشعيرة الجهاد
!!!.
إننا على يقين أن الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة , وأنه لاتزال أمة من الناس
على الحق ظاهرين , لايضرهم من خذلهم أو خالفهم , ولكننا على يقين مثله ,
أنْ ليس من صفاتهم الغدر والخيانة , ولا اللؤم والخسة , ولاالكذب والفجور
في الخصومة , والطيش والخفة , ولا الظلم والجور .
ألا فاتقوا الله فإني لكم ناصح , وعليكم مشفق , والله من وراء القصد
اللهم من أراد أمننا وإيماننا بسوء فأشغله في نفسه , ورُدَّ كيده في نحره
, واجعل تدبيره تدميراً له , ولاتغادره إلا وقد جعلته عبرة , وفضحت أمره ,
وهتكت ستره , كفيت فساده وشرَّه .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم
موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ
عاريهم , وانصر مجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا
ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم ,
وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في
أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم
أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين ,
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم ,
واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
, ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي
والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها ,
وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم
البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا ,
واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له ,
ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز
الدويش
أبو مالك