بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم .
أما بعد :
خلف لنا الإمام ابن قيم الجوزية تراثاً عظيماً ضخماً ، واشتغل رحمه
الله بأنواع كثيرة مختلفة من العلوم ، فكثرت تصانيفه حتى بلغت نحو
المائة .
ومنها كتاب الروح ، الذي نورد هاهنا شيئاً يسيراً مما جاء فيه .. وأسأل
الله أن ينفع به .
- قال ابن عبد البر : ثبت عن النبي ﷺ أنه قال :( ما من مسلم يمر على
قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليھ إلا رد الله عليھ روحه حتى
يرد عليھ السلام ) . (١)
- عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ :( مامن رجل يزور قبر
أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به وردّ عليھ حتى يقوم ) . (٢)
- قال عبد الله بن المبارك : حدثني ثور بن يزيد ، عن ابراهيم ، عن أبي
أيوب قال : تعرض أعمال الأحياء على الموتى ، فإذا رأوا حسناً فرحوا
واستبشروا ، وإن رأوا سوءاً ، قالوا : اللهم راجع به .
- ذكر ابن أبي الدنيا ، عن أحمد بن أبي الحواري قال : حدثني محمد أخي
قال : دخل عباد بن عباد على ابراهيم بن صالح وهو على فلسطين ، فقال :
عظني ، قال : بم أعظك أصلحك الله ؟ بلغني أن أعمال الأحياء تعرض على
أقاربهم الموتى ، فانظر مايعرض على رسول الله ﷺ من عملك ، فبكى إبراهيم
حتى اخضلت لحيته .
- قال الحسن بن الصباح الزعفراني : سألت الشافعي رضي الله عنه عن
القراءة عند القبر ، فقال : لا بأس بها .
- ذكر عبد الحق عن بعض الصالحين قال : مات أخ لي ، فرأيته في النوم
فقلت : يا أخي ماكان من حالك حين وضعت في قبرك ؟ قال : أتاني آتٍ بشهاب
من نار فلولا أن داعياً دعا لهلكت .
- قال شبيب بن شيبه : أوصتني أمي عند موتها ، فقالت : يابني إذا دفنتني
فقم عند قبري ، وقل : يا أم شبيب قولي : لا إله إلا الله ، فلما دفنتها
قمت عند قبرها فقلت : يا أم شبيب قولي : لا إله إلا الله ، ثم انصرفت ،
فلما كان من الليل رأيتها في النوم ، فقالت : يا بني كدت أن أهلك لولا
أن تداركني لا إله إلا الله ، فقد حفظت وصيتي يا بني .
- قال عبد الله بن المبارك : رأيت سفيان الثوري في النوم ، فقلت له :
مافعل الله بك ؟ قال : لقيت محمداً وحزبه .
- ذكر ابن أبي الدنيا من حديث سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن
عمير قال : أهل القبور يتوكفون الأخبار ، فإذا أتاهم الميت قالوا :
مافعل فلان ؟ فيقول : صالح ، مافعل فلان ؟ يقول : صالح ، مافعل فلان ؟
فيقول : ألم يأتكم ؟ أو ماقدم عليكم ؟ فيقولون : لا ، فيقول : إنا لله
وإنا إليه راجعون ، سلك غير سبيلنا .
- قال صالح المري : بلغني أن الأرواح تتلاقى عند الموت ، فتقول أرواح
الموتى للروح التي تخرج إليهم : كيف كان مأواك ، وفي أي الجسدين كنت في
طيب أم خبيث ؟ ثم بكى حتى غلبه البكاء .
- قال سعيد بن المسيب : إذا مات الميت استقبله ولده كما يستقبل الغائب
.
- قال عبيد بن عمير : لو أني آيس من لقاء من مات من أهلي لألفاني قد مت
كمداً .
- عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بلغني أن أرواح الأحياء
والأموات تلتقي في المنام ، فيتساءلون بينهم ، فيمسك الله أرواح الموتى
، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم .
- قال العباس بن عبد المطلب : كنت أشتهي أن أرى عمر في المنام فما
رأيته إلا عند قرب الحول ، فرأيته يمسح العرق عن جبينه وهو يقول : هذا
أوان فراغي إن كاد عرشي ليهدّ لولا أن لقيت رؤوفاً رحيماً .
- قال عبد الله بن عمر بن عبد العزيز : رأيت أبي في النوم بعد موته
كأنه في حديقة ، فدفع إلي تفاحات ، فأوّلتهن الولد ، فقلت : أي الأعمال
وجدت أفضل ؟ فقال : الإستغفار أي بني .
- قال ابن السماك : رأيت مسعراً في النوم ، فقات له : أي الأعمال وجدت
أفضل ؟ قال : مجالس الذكر .
- وقال الأجلح : رأيت سلمة بن كهيل في النوم فقلت : أي الأعمال وجدت
أفضل ؟ قال : قيام الليل .
- قال أبو بكر بن أبي مريم : رأيت وفاء بن بشر بعد موته ، فقلت :
مافعلت ياوفاء ؟ قال : نجوت بعد كل جهد ، قلت : فأي الأعمال وجدتموها
أفضل ؟ قال : البكاء من خشية الله .
- قال عبد الملك بن عتاب الليثي : رأيت عامر بن عبد قيس في النوم ،
فقلت : أي الأعمال وجدت أفضل ؟ قال : ما أريد به وجه الله عز وجل .
- قال يزيد بن هارون : رأيت أبا العلاء أيوب بن مسكين في المنام ، فقلت
؛ مافعل بك ربك ؟ قال : غفر لي ، قلت : بماذا ؟ قال : بالصوم والصلاة ،
قلت : أرأيت منصور بن زاذان ؟ قال : هيهات ذاك ، نرى قصره من بعيد .
- قال كثير بن مرة : رأيت في منامي كأني دخلت درجة علياء في الجنة
فجعلت أطوف بها وأتعجب منها ، فإذا أنا بنساء من نساء المسجد في ناحية
منها ، فدهبت حتى سلمت عليهن ، ثم قلت : بما بلغتن هذه الدرجة ؟ قلن :
بسجدات وتكبيرات .
- قال أبو جعفر السقاء صاحب بشر بن الحارث : رأيت بشراً الحافي ومعروفاً
الكرخي وهما جائيان ، فقلت : من أين ؟ فقالا : من جنة الفردوس ، زرنا
كليم الله موسى .
- مر الحسن على مقبرة ، فقال : يا لهم من عسكر ما أسكنهم ، وكم فيهم من
مكروب .
- قال عمر بن عبد العزيز ليزيد بن الملهب لما استعمله على العراق : يا
يزيد اتق الله ، فإني حين وضعت الوليد في لحده ، فإذا هو يركض في
أكفانه .
- عن فضالة بن عبيد ، عن الرسول ﷺ قال :( كل ميت يختم على عمله إلا
الذي مات مرابطاً في سبيل الله ، فإنه ينمي له عمله إلى يوم القيامة
ويأمن من فتنة القبر ) (٣)
- قال رسول الله ﷺ :( إن الميت ليعذب ببكاء أهلة عليھ ) (٤)
- قال عمرو بن جرير : إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها ملك إلى قبره
، فقال : ياصاحب القبر الغريب هذه هدية من أخ عليك شفيق .
- قال سلمان الفارسي : أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت
، وأرواح الكفار في سجين .
- وقال عمر بن عبد البر : أرواح الشهداء في الجنة ، وأرواح عامة
المؤمنين على أفنية قبورهم .
- قال ابن المبارك عن ابن جريج فيما قرئ عليھ ، عن مجاهد : ليس هي في
الجنة ، ولكن يأكلون من ثمارها ويجدون من ريحها .
- قال المكي بن ابراهيم ، عن داود بن يزيد الاودي قال : أراه عن عامر
الشعبي عن حذيفة بن اليمان أنه قال : الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل
تنتظر موعدها حتى ينفخ فيها .
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : روح الآدمي مخلوقة مبتدعة بإتفاق سلف
الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة .
- قال النّظّام : الروح هي جسم ، وهي النفس ، وزعم أن الروح حي بنفسه ،
وأنكر أن تكون الحياة والقوة معنى غير الحي القوي .
- قال جعفر بن حرب : النفس عرض من الأعراض يوجد في هذا الجسم ، وهو أحد
الآلات التي يستعين بها الإنسان على الفعل ، كالصحة والسلامة وما
أشبههما ، وأنها غير موصوفة بشيء من صفات الجواهر والأجسام .
والله سبحانه وتعالى المسؤول المرجو الإجابة أن يجعل نفوسنا مطمئنة
إليه عاكفة بهمتها عليھ راهبة منه راغبة فيما لديه ، وأن يعيذنا من
شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .
* رابط مفيد / كتاب: المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم
لشيخ الإسلام ابن تيمية
http://t.co/7xD1PgtCC2
--------------------------------------
(١) ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (٢/١٥٢٣)
(٢) ذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١٠/٣٦٥)
(٣) اخرجه ابو داود (٢٥٠٠)
(٤) اخرجه البخاري (١٢٩٢)