الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين -آمين
كتبت وجمعت ورتبت هذه الوقفات في سورة الفاتحة ، اسأل الله أن ينفع بها
كاتبها وقارئها وناقلها وناشرها آمين ، وهي أكثر من (40) فائدة ، ومنها :
1- قال السلف : إن الله جمع الكتب المنزلة في القرآن ، وجمع علم القرآن في
المفصل -والمفصل المراد به : من سورة ق إلى نهاية سورة الناس - وجمع علم
المفصل في فاتحة الكتاب ، وهي سرّ القرآن ، وجمع علم فاتحة الكتاب في سرها
في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين ) .
2- وقال ابن عثيمين رحمه الله : حري بطلبة العلم أن يحرصوا في كل مناسبة
إذا اجتمعوا بالعامة أن يأتوا بآية من كتاب الله يفسرونها ، لا سيما ما
يكثر ترداده على العامة مثل الفاتحة ، فإنك لو سألت عاميا بل كثير من الناس
عن معنى سورة الفاتحة لم يعرف شيئا منها .
3-الفاتحة أعظم سورة في كتاب الله فحري بكل مسلم أن يخصها بمزيد تدبر وتفهم
لمعانيها ومضامينها ، فقد جاء في صحيح البخاري أنها أعظم سورة في القرآن
وأنها السبع المثاني ، وغيرها .
4- قال ابن القيم : فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته ، وأفضل المواهب
إسعافه بهذا المطلوب ، وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا ، وعلى دفع
ما يضاده ، وعلى تكميله ، وتيسير أسبابه .
5- وقال ابن تيمية : تأملت أنفع الدعاء ، فإذا هو سؤال العون على مرضاته ،
ثم رأيته في الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين).
6- قال ابن القيم : أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه الهداية إلى صراطه
المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر الله واجتناب ما
نهى عنه ، والاستقامة عليه إلى الممات ، مع تضمنها : تزكية النفوس ، وإصلاح
القلوب .
7- جاء في الحديث " اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضُلال " رواه الترمذي
وصححه الألباني في صحيح الجامع ، وقد أجمع أهل التفسير عليه .
8- وقال ابن كثير : كل من اليهود والنصارى ضال ومغضوب عليه ، لكن أخص أوصاف
اليهود الغضب وأخص أوصاف النصارى الضلال.
9- قال ابن عباس : الحمد لله كلمة كل شاكر ، فآدم عليه السلام قالها حين
عطس ، والله قال لنوح عليه السلام قلها بعد النجاة (فقل الحمد لله الذي
نجانا ) ، وإبراهيم عليه السلام قال(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر ..)
10- لفظة الجلالة (الله ) لا يسمى به غيره ، وهو أصل الأسماء ، ولهذا تأتي
الأسماء تابعة له ، ومعناه : المألوه - أي المعبود المستحق لإفراده
بالعبادة لما اتصف به من صفات الألوهية ، وقيل هو اسم الله الأعظم ، فلا
يُثن ولا يجمع .
11- وقوله (رب العالمين ) الرب : ما اجتمع فيه ثلاثة أوصاف : الخلق والملك
والتدبير ، فهو الخالق ، المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور ، وكل مربوب
فهو ضعيف إلى ربه ، محتاج إليه غاية الحاجة ، لا يستغني عن ربه طرفة عين.
12- ووصف الله سبحانه نفسه ب( الرحمن الرحيم ) بعد (رب العالمين)ترغيب
للعباد ببيان سعة رحمته وشمول إحسانه .
13- وفي الآيات الثلاث الأولى يعلمنا الله عز وجل : كيف نحمده ؟ وكيف نثني
عليه ؟ وكيف نمجّده ؟ .
14 - فهل نحن نستشعر حمدنا وثناءنا وتمجيدنا حين نقرأ في صلواتنا ؟! ثم هل
نحن نستشعر ونستحضر جواب الله -سبحانه - لنا ؟! .
15- فقوله (إياك نعبد ) ثناء وتبرؤ من الشرك ، وتدفع الرياء ، (وإياك
نستعين ) دعاء وتبرؤ من الحول والقوة والتفويض إلى الله عز وجل ، وتدفع
الكبرياء .
16-وجاءت (إياك نعبد وإياك نستعين) بصيغة المخاطب بعد أن كان أول السورة
بصيغة الغائب ، كأن العبد لما حمد ربه وأثنى عليه ومجّده قربه وأدناه ،
فصار الأسلوب فيه غيبة في أوله ثم صار حضورا بين يدي ربه .
17- قارئ سورة الفاتحة يسأل الله نوعي الهداية : هداية الدلالة والإرشاد
والبيان ، وهداية التوفيق والإلهام .
وهداية الدلالة والإرشاد والبيان : هي العلم النافع الموافق للحق ، ومن
دقائق ذلك الهداية في الأمور المختلف فيها ، وهداية التوفيق والإلهام : هي
قبول القلب للحق ، وانشراحه به ، ومحبته له ، والعمل به .
18- ومما يدل على أن المراد هنا بالهداية بنوعيها أنه قال تعالى (اهدنا
الصراط المستقيم ) فلم يقل : اهدنا إليه ، أو اهدنا له ؛ ليدل على المعنى
الجامع للهداية ، فهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط .
19- و(الصراط المستقيم)هو الإيمان والعمل الصالح في الدنيا ، فأمرنا بسؤال
الهداية إليه ، فمن استقام سيره على الصراط المستقيم في الدنيا ظاهرا
وباطنا .
20- استقام مشيه على ذلك الصراط المنصوب على متن جهنم ، ومن لم يستقم سيره
على الصراط المستقيم في الدنيا ، بل انحرف عنه ، إما إلى فتنة الشبهات ، أو
إلى فتنة الشهوات.
21- كان اختطاف الكلاليب له على صراط جهنم ، بحسب اختطاف الشبهات والشهوات
له على هذا الصراط المستقيم كما في الحديث " أنها تخطف الناس على بأعمالهم
" متفق عليه .
22- وقال : ومن هنا نعلم اضطرار العبد إلى سؤال هذه الدعوة - اهدنا- فوق كل
ضرورة ، وبطلان قول من يقول : إذا كنا مهتدين ، فكيف نسأل الهداية ؟ .
23- فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم وقال:وما نعرف جملته ولا نهتدي
لتفاصيله فأمر يفوت على الحصر .
24- فطلب الهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفصيل الدينية والدنيوية
علما وعملا ، فعليك في كل وقت عبادة ووظيفة وعمل تطلب الهداية فيها .
25- ونحن محتاجون إلى الهداية ، فمن كملت له هذه الأمور ، كان سؤال الهداية
له سؤال الثبت والدوام .
26- الهداية يسعى لها كل مسلم ، إلا أن الشاب بحاجة إليها أشد لكثرة ما يرد
عليه أمور جديدة عليه ، وكثرة المغريات والصوارف وقلة الخبرة .
27- فحينما يطلب الشاب الهداية : فهو يطلب الهداية إلى الصراط في كل أموره
، ويطلب الهداية التي هي الاستقامة والثبات على هذا الدين .
28- ثم جاءت أوصاف هذه الهداية للشاب بمسلكين ووصفين ظاهرين : القدوة لك
أيه الشاب هم الأنبياء والصالحين وأتباعهم ، واجتنبْ طرق اليهود والنصارى
وأتباعهم .
29- قال ابن تيمية : اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس في الجهر بها
-البسملة-حديث صريح ، ولم يرو أهل السنن المشهورة شيئا في ذلك .
30- جاء في الصحيحين -البخاري ومسلم -عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب ".
31-فدل الحديث على أن قراءة الفاتحة في الصلاة متعينة ، وذهب إلى هذا جمهور
العلماء ، وذهب أبو حنيفة إلى أن الفاتحة لا تتعين .
32- واختلف العلماء في حكم قراءتها خلف الإمام على أقوال:
القول الأول : أن المأموم يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه ، ولا يقرأ فيما جهر
به ، وهذا قول أكثر السلف وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأحد قولي الشافعي .
33-ذكر القرطبي صاحب التفسير أن: الصحيح وهو قول الشافعي وأحمد ومالك أن
الفاتحة متعينة في كل ركعة لكل أحد على العموم، وهذا رأي ابن عثيمين وابن
باز، وقال ابن باز : هذا أرجح الأقوال ، وأظهر في الدليل .
34- إن دخل المسبوق مع الإمام في القيام شرع له التكبير ثم الاستفتاح ثم
قراءة الفاتحة فإن ركع قبل الانتهاء منها فإنه يركع ولو فاته بعض الفاتحة .
35- وإن أدرك المأموم إمامه راكعا فالإمام يتحمل عنه القراءة لإجماعهم على
أنه إذا أدركه راكعا أنه يكبر ويركع ولا يقرأ شيئا ، وإن أدركه قائما فإنه
يقرأ .
36- وإن كان دخل الصف أو في المسجد ولم يكبر مع إمامه وكبر إمامه للركوع
فيخشى على بطلان ركعته لكونه تركها عمدا .
37- وهذه حال بعض الشباب في المدارس يتأخرون قصدا في التأخر بالتكبير لصلاة
حتى يركع في أول الصلاة ، وكذا بعض من يصلي خلف أئمة بعض المساجد في صلاة
التراويح والقيام في رمضان كالحرمين .
38- قال البخاري : باب جهر الإمام بالتأمين أ.هـ- في الفاتحة - سنة مؤكدة
-عند الجمهور-والمشروع إن كان مع الإمام في آن واحد .
39- جاء في صحيح البخاري في كتاب الأذان باب فضل التأمين وذكر حديث "إذا
قال أحدكم آمين ، وقالت الملائكة في السماء آمين ، فوافقت إحداهما الأخرى ،
غُفر له ما تقدم من ذنبه " .
40- قال ابن المنير : وأي فضل أعظم من كونه قولا يسيرا لا كلفة فيه ، ثم قد
رتبت عليه المغفرة .
41- قال ابن رجب : ولا يستحب أن يصل آمين بذكر آخر مثل أن يقول : آمين رب
العالمين ؛ لأنه لم تأت به السنة .أ.هـ ، وكذا قوله استعنا بالله بعد
(..وإياك نستعين ) بل ينصت ويؤمن بعد نهاية السورة .
42-في رسالة قيمة جدا بعنوان : " الطريق إلى القرآن " للشيخ إبراهيم
السكران ، كتب فيه مقالا بــ: " كلُّ المنهج في أُمِّ الكتاب " في سبع
صفحات تقريبا ، كتبتْ بمداد من ذهب تعيش فيه ومعه بأعلى نفحات ومشاعر تدبر
تلك السورة العظيمة ؛ فلا تبخل على نفسك بقراءته ...
43- وانتظر- بإذن الله تعالى - :
مسائل مختصرة في : التأمين ( قول : آمين ) بعد الفاتحة والدعاء .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى صحبه أجمعين - آمين .
كتبه / عبدالله بن محمد الحسين أباالخيل - أبو محمد - تويتر( aabb8010@)