|
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
إنتهينا في الدرس
الرابع من
دروس فقه العبادات إلى حالات يكره فيها إستعمال الماء الطهور ، وذكرنا ما
معنى كلمة
(
يكره ) أي الأفضل تركه لو وجد غيره ، وإذا لم يجد فيمكنه إستعماله ولا شيء
عليه .
نكمل في درسنا هذا
الحالات
التي لا يكره فيها إستعمال الماء الطهور ، وطرق تطهير الماء النجس
.
الحالات التي لا
يكره فيها
إستعمال الماء الطهور:
قد
يطرأ على الماء الطهور أحوال لا تخرجه عن كونه طهورا ، ويجوز
إستعماله
بدون كراهة
وهي
:
1-
إن
تغير الماء
بطول بمكثه
أي
تغير
الماء بطول بقاءه في مكانه ، ويسمى الماء الآجن ، والدليل على عدم الكراهة
أن
النبي عليه الصلاة والسلام توضأ بماءٍ آجن ، ويقاس عليه الماء المتغير بطول
إقامته
في
الصنابير ( حنفية الماء ) يخرج منها أحيانا ماء لونه برتقالي بسبب الصدأ
فلا
يكره
إستعماله.
2-
إن
تغير بطاهر
ساقط فيه ، ولكن يشق صون الماء
عنه.
فلا
يكره
إستعماله ، ولكن لو وضع في الماء شيء عن قصد وتغير به الماء سلبه الطهورية
(
يعني أصبح غير طهور ) لا يجوز الطهارة به
.
مثل:
أن
تنبت في الماء طحالب ، أو يسقط فيه ورق شجر أو ما
تلقيه الريح أو السيول من تبن ، كل ذلك لا يسلب الماء الطهورية ولا يكره
إستعماله.
3-
إن
تغير الماء
برائحة ميتة بجانبه لا يكره إستعماله
.
مثال:
أن
تموت قطة بجانب البركة فتتغير رائحة الماء بسبب
هذه
المجاورة ، في هذه الحالة لا يكره إستعمال الماء ولكن لو سقطت فيه صار
الماء
نجس
لا يجوز إستعماله إلا بشروط سيأتي
ذكرها.
4-
إن
سخن الماء
بحرارة الشمس.
لا
يكره
إستعماله عند الحنابلة ، ولكن الشافعية تكره إستعماله لأنه إستدلوا بحديث
ضعيف
عن
النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا حُـمَـيـْراء لا تستعملي الماء المغلي
بالشمس
فإنه
يسبب البرص
).
سؤال : هل ثبت علميا أن الماء المغلي بالشمس يسبب
البرص؟
5-
إذا
بلغ الماء قـلتين
قلتين بضم القاف ، وتشديد
اللام ، وهي تثنية لكلمة قُـلَّة.
وهي إسم لكل ما
ارتفع وعلا ، والمراد هنا : الجرة
الكبيرة من قلال هَجَر
،
وهي قرية كانت قرب المدينة المنورة
.
قال
الرسول عليه الصلاة
والسلام: ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
) .
والقلتين تعادل
قديما 500 رطل عراقي ، وبالمقاييس الحديثة تعادل 204 لتر
.
فإذا بلغ
الماء هذا الحد وخالطته نجاسة غير بول
الآدمي أو عَـذْرَتَهُ المائِعَة أو الجامدة(
الغائط السائل أو الجامد)
ولم تغيره
، أي
لم
تغير
طعمه ولا لونه ولا رائحته
فإن الماء يبقى طهور
.
والدليل حديث
القلتين : ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
) .
مسألة:
إذا
بلغ الماء قلتين ، وخالطته نجاسة
الآدمي ( بول أو غائط) ويصعب نزحه ( يعني إزالته
)
مثل
الخزانات الكبيرة
التي
كانت تسمى قديما مصانع ، وسقطت فيه نجاسة الآدمي
ولم
تغيره
فإنه
يبقى طهورا ، أما إذا كان لا يشق نزحه فإنه
ينجس.
وعن الإمام أحمد بن
حنبل رواية أخرى : أن الماء الطهور إذا خالطته نجاسة
الآدمي فلم تغير لونه ولا طعمه ولا رائحته فلا ينجس بها ، لأن بول الآدمي
لا تزيد
على
نجاسة بول الكلب.
طرق تطهير الماء
النجس ليصبح طهورا صالحا
للطهارة:
1-
المكاثرة
أن
نزيد ماء طهور على
الماء الموجود ويصبح مجموع الماء أكثر من قلتين أي أكثر من 204 لتر ، ولا
يكون هناك
أي
تغير في اللون أو الطعم أو الرائحة.
2-
النَّـزْح ( إزالة وسحب النجاسة
)
بأن
يخرج الانسان من الماء النجس ما وقع فيه من النجاسة ، ثم يتبقى بعد
ذلك
ماء كثير غير متغير ، عندها يطهر الماء لزوال علة
التنجيس.
مثال: أن تموت قطة بجانب بركة الماء وتسقط في أحد
أركانها ، فيقوم الإنسان بإزالة جثة القطة الميتة من هذا الركن ، ويجد أن
الماء في
الركن الآخر من البركة لم يتغير لا لونه ولا طعمه ولا رائحته عندها يكون
حكم الماء
طهور
.
3-
أن يتغير الماء
بنفسه
كأن
يبقى الماء النجس
لمدة
طويلة متعرضا للشمس أو الريح وتزول منه النجاسة ولا يبقى لها أي
أثر.
مثال:
أن
تسقط جثة القطة في بركة ماء ،
فيتركها الإنسان لمدة سنة ويهجرها ، ثم بعد فترة يعود ويجد بأن الجثة إختفت
ولا
يوجد
لا لون ولا طعم ولا رائحة للماء في البركة ، إذن الماء هنا حكمه طهور
.
النوع الثاني من
أنواع المياه : الماء
الطاهر
هو
كل ماء تغير لونه أو طعمه أو رائحته أو كثير من إحدى
هذه
الصفات
.
حالات لا يجوز فيها
الطهارة بالماء
الطاهر:
1-
سقوط شيء طاهر في
الماء
مثل:
أن يسقط في الماء
زعفران أو توت أو شاي فيتغير لونه أو طعمه أو رائحته ، بأي شيء يسلبه
الطهورية ،
يصبح
الماء هنا طاهرا ، لا تصح الطهارة به
.
2-
إذا طبخ في الماء
شيء طاهريسلبه
الطهورية
مثل:أن يطبخ في الماء فاصوليا أو عدس
وغيره.
3-
إذا
استعمل الماء في طهارة واجبة كالوضوء
الواجب والغسل الواجب ،
أصبح
الماء طاهرا يجوز إستعماله في
العادات مثل الطبخ مثلا ، ولا يجوز إستعماله في الطهارة
.
4-
إذا قام الشخص من
نوم ليل وغمس يده في الماء الطهور القليل
، لا
يجوز في الطهارة ويجوز في الطبخ أو غيره
.
لحديث الرسول عليه
الصلاة والسلام : ( إذا إستيقظ أحدكم من نومه فليغسل
يده
قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده
) .
قاعدة فقهية :
(اليقين لا يزول بالشك
)
من
شك في الطهارة وتيقن من الحدث فهو مُحْدِثْ ، ومن شك في الحدث وتيقن
الطهارة فهو طاهر
.
مسألة:
-
إذا
شك في نجاسة ماء أو غيره من الطهارات ، أو شك في
طهارته
بنى على اليقين
،
يعني هو متأكد إنه طاهر لكنه يشك إنه ممكن دخل
الحمام بس ناسي ، إذن يبني على اليقين - يعني ع الشيء المتأكد منه - وهو
الطهارة ،
والعكس صحيح
.
-
إذا اشتبه ماء طهور
بماء نجس
حرم إستعمالهما ، وعليه أن يتركهما
ويتيمم.
-
إذا اشتبه ماء طهور
بماء طاهر
توضأ منهما وضوءا واحدا من هذا غرفة
ومن
هذا غرفة
(
بذلك سيقطع الشك باليقين بأنه توضأ من الطهور بكل تأكيد
).
-
إذا اشتبهت ثياب
طاهرة بثياب نجسة أو محرمة فله خيارين
:
1-
إذا علم عدد الثياب المحرمة أو النجسة
فإنه
يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس ويزيد
واحدة
مثال: أن يكون هناك 5 ثياب ، إثنان منها نجسة في هذه
الحالة يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس ويزيد واحدة ، فيصلي في 3
ثياب.
2-
أن لا يعلم عدد الثياب النجسة أو
المحرمة
يصلي
فيها جميعا ، يعني يعيد الصلاة بعدد الثياب ، بكل
ثوب
يصلي مرة
.
-
يطهر
ذيل المرأة إذا
مرت
بمكان مبلل وبعده مكان جاف ، ولكن عند الرجال لا يطهر وثيابه نجسه لا يجوز
له
الصلاة بها ( وهذا من رحمة الإسلام بالمرأة لأنها إمتثلت أمره ، ومعاقبة
للرجل لأنه
خالف)
.
بهذا نكون قد
إنتهينا من الدرس
الخامس ، وأيضا إنتهينا من كتاب الطهارة كما هو مذكور في كتاب الرَّوْضُ
المُـرْبـِعْ
.