|
" أسلمت من أجل البساطة ، السماحة ، مشهد الناس الطيبين يدخلون في بساطة إلى صحن
المسجد المتواضع ، يصلون في خشوع ، لقد فعل ذلك في نفسي فعل السحر ، حرك كوامن
مترسبة في أعماقي ، أحسست أنني مسلمة قبل أن أعلن إسلامي . لقد وجدت في دينكم
العقل والمنطق ، أنت ببساطة ، وكما فهمت ، تؤمنون بالله ورسوله ، هذا الرسول
بشر مثلنا ، اختاره الله لينقل رسالة إلى الناس ليؤمنوا به ، وبكتاب ربه "
القرآن " ،والقرآن ينظم حياة الناس ليعيشوا متعاونين في خير وسعادة ، ليعيشوا
ببساطة وبلا مظاهر كاذبة ." ...... ممثلة إيطالية أسلمت.
لقد انشرح صدر هذه المرأة للإسلام لسماحته وبساطته ، والنفس بطبيعتها تميل
لليسر والبساطة ، لا للعسر والتعقيد ، فحياة الإيمان – كما يقول الأستاذ سيد
قطب – هي اليسر والاستقامة والقصد . فما بالنا إذن نجد هذا التعقيد في حياتنا ؟
تعقيد في الأكل ، واللباس ، وفي الزواج والعزاء ، وفي طريقة التفكير ، بل وحتى
في فهم الدين ؟ هل حقا أصبحت حياتنا معقدة ، أم أننا نحن الذين تعقدنا فعقدنا
حياتنا معنا ؟! .
يقول ابن القيم أن تعقيد الغذاء ينتج عنه تعقيد المرض ، وهذا يحتاج إلى دواء
مركب معقد . إذن فالتعقيد يولد تعقيدا ، فلماذا سلكنا طريق التعقيدفي حياتنا
وتعاملاتنا ؟ .
نحن مثلا لا نتعامل مع الطعام على أنه وسيلة نتقوى بها لتحقيق الغاية التي
خلقنا من أجلها ، فنحن نهدر الأوقات والأموال من أجل الطعام ؛ تحضيره ، ومعرفة
كميته و وقته ..، وأنالا أرى أن الأمر يحتاج إلى كل هذا التعقيد ، فأنت إن
اخترت الجودة العالية ، وأكلت باعتدال ، حصلت على نتائج طيبة بإذن الله ،
والاعتدال في كل شيء محمود ، أما أن نجعل طعامنا شغلنا الشاغل فهذا أمر مرفوض ،
فالطعام ليس غاية في حد ذاته ، ونحن ما خلقنا لنجعل الأكل في الدرجة الأولى من
اهتماماتنا .
فعار ثم عار ثم عار = شقاء المرء من أجل الطعام
وأما تعقيدات الزواج فقد أصبحت أمرا لا يطاق ،
مما أدى إلى عزوف كثير من الشباب عنه لتكاليفه الباهظة ، وأنا أتساءل: هل لبس
فستان العرس ، وحجز الصالات ، والمغالاة في المهور ، وفرش البيت بما لا يلزم من
التحف والكماليات ، وغيرها من طقوس الأفراح في هذا الزمان ، هل هذه الأمور
مفروضة علينا ؟! أليس بالإمكان التنازل عنها ، وجعل الزواج أيسر وأبسط بدلا من
هذه التعقيدات ؟ فما قيمة هذا كله إن شقيت الزوجة بزوجها ، أو إن ابتلي الزوج
بزوجة لئيمة تنكد عليه عيشه ؟!! .
ثم هل بيت العزاء ، والمراسيم التي تقام فيه شيء جيد ، أم أنه زاد هم أهل الميت
؟ وهل تعلم أحكام التجويد يحتاج إلى كل هذه الدورات وكل هذا الوقت ، أم أن
الأمر أبسط وأيسر من ذلك ؟ وهل .. وهل .. وهل ..، أمور كثيرة عقدنا بها أنفسنا
، وضيقنا بها على الآخرين .
أيها المسلمون ، ما تعقدت أمورنا بهذه الصورة إلا لبعدنا عن الدين ، وعن
الإيمان الصحيح . جاء في تهذيب مدارج السالكين : من عرف الله صفا له العيش ،
فطابت له الحياة ..، ومن عرف الله اتسع عليه كل ضيق .
لقد كانت حياة النبي – عليه الصلاة والسلام – والصحابة – رضي الله عنهم – تتسم
بالبساطة واليسر والسهولة ، وما خير النبي – عليه السلام – بين أرين إلا اختار
أيسرهما ما لم يكن إثما ، فليست الشطارة بالتعقيد ، ولكن بالإيمان الصحيح
والفهم الدقيق والعميق ، فهذا الإمام الشافعي يسأل : ما الدليل على وحدانية
الله ؟ فيقول : ورقة التوت ، تأكلها الدود فتخرجها حريرا ، ويأكلها الغزال
فيخرجها مسكا ، وتأكلها النحلة فتخرجها عسلا ، وتأكلها الشاة فتخرجها لبنا ،
ويأكلها الحمار فيخرجها بعرا . فمن الذي نوع الأشياء والأصل واحد ؟ .
ختاما أقول ، إن تعقد الحياة بهذه الطريقة أدى إلى تعقد الروح ، وإن حياة
البساطة يريح النفس ، ويسمو بالروح فلا تلتصق بالأرض .
بقلم : لبنى شرف / الأردن