أجرت إحدى الإذاعات مرة لقاءً مع أحد المنشدين ، فأخذ يتحدث عن رسالته التي يريد
إيصالها من خلال هذا النمط من الإنشاد ، فانهالت عليه الاتصالات من المستمعيـن
، بل .. من المستمعــــات !! ، وبدلاً من أن تكون الأسئلة والمداخلات حول مضمون
الأناشيد ورسالة منشدها ، ونقد الأسلوب الإنشادي لديه ، جاءت أغلب المداخلات
خلاف ذلك كله ، فهذه تسأل إن كان متزوجاً أم لا ، وأخرى تسأله إن كان لديه
أولاد ، وثالثة تقول بأن أمنية حياتها كانت في لقائه والحديث معــه !!! .
لقد كانت هذه المداخلات وغيرها ـ وللأسف ـ مخيبةً للآمال ، فقد كان هناك افتتان
بشخص المنشد ، وأما رسالته فأُهْمِلت وغُض الطرف عنها ، ولم يُلْقَ لها بال !!
.
هذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة مما يحدث مع مختلف الشخصيات ، من منشدين
ودعاة ومحاضرين وغيرهم ، فبدلاً من أن يكون الاهتمام برسالتهم ومضمون دعوتهم
عبر الإنشــــــــــاد و البرامج و المحاضرات ، ترى فئة تهتم بأحوالهم الشخصية
والاجتماعية ، يسألون عن أزواجهـم و أولادهم و أسرهم ، لديهم فضول لمعرفة كل ما
يتعلق بشؤون حياتهم الخاصة والعامة !! .
أيها الإخوة ، وحتى نبينا الكريم ـ عليه و آله أزكى الصلاة وأتم التسليم ـ
والذي هو خير خلق الله أجمعين ، لا ينبغي أن يكون تعلقنا به كبشر ، فنتغزل
بشعره وعيونه وقده .. ، كما نسمع في بعض الأناشيد والمدائح النبوية ، ومن ألفاظ
أخرى لا تليق بمقام النبي ـ عليه و آله الصلاة والســـلام - ، من أن غرامه ملأ
الفؤاد ، وأننا مُتَيَّمون بحبه .. ، نحن نحب رسول الله ـ صلى الله عليه و آله
وسلم ـ بل يجب أن نحبه أكثر من أنفسنا و والدينا وأولادنا ، ولكن هل نحبه حب
عشق وغرام وتتيم ، أم حب سنته وسيرته العطرة و أخلاقه الرضية ، وحب رسالته التي
جاء بها لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور ؟! .
إن حبنا للنبي ـ عليه و آله الصلاة والسلام ـ ينبغي أن يكون بإحياء سنته ،
والسير على هديه في حياتنا وتعاملاتنا وتربية أولادنا ، ينبغي أن نركز على
الرسالة التي جاء بها إلينا وإلى الناس أجمعين ، ففلاحنا يكون بذلك ، وإلا
فلماذا لم يذكر اسم نبينا " محمد " ـ عليه و آلـــه الصــــــــــلاة و
الســلام ـ في القرآن إلا خمس مرات فقط ، بينما كان جل الخطاب القرآني له
بالنبــوة وبالرســــالة ؟! .
ختاماً أقول بأنه لابد أن يكون الاهتمام مُنْصَباً على الرسالة ، والعاقل يدرك
ذلك ، فحامل الرسالة سيموت ، فهل ستنتهي وتندثر الرسالة بموته ، أم أن هناك من
سيحملها من ورائه ؟! .
اللهم افتح مسامع قلوبنا لذكرك ، وارزقنا طاعتك وطاعة رسولك ـ عليه و آله
الصـــلاة والسلام - ، وعملاً بكتابك ... اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين .