|
" هم البنات حتى الممات " .. قول قيل و ما زال يقال ، و لا أدري ماذا كان قصد من
قالها ابتداءً ، فهي يمكن أن تُفسر على أكثر من وجه . و لكن أنا أريد أن أذكر
حالات يمكن أن تكون فيها البنت همّاً على أهلها فعلاً ، و ذلك بعد أن تتزوج ..
عندما تزعج أهلها باتصالاتها و زياراتها المتكررة ، تشكو على زوجها في كل صغيرة
و كبيرة ، مع أن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا ، فطبيعة الحياة الزوجية تستدعي
أحياناً اختلاف وجهات النظر بين الزوجين في بعض القضايا ، و لكنها تُحل ببساطة
بين الزوجين ، و لا تحتاج بل ليس من الحكمة إعلام الأهل بها ، و لكن يبدو أن
بعض البنات لا يعين هذا ، و كان من الجدير بالأم و الأب أن يجلسا مع ابنتهما
قبل زواجها ليبصراها ببعض الأمور المتعلقة بالحياة الزوجية ، و كان من الجدير
بهما أيضاً أن يكونا قد ربياها منذ الصغر على تحمل المسؤولية ، و أن يكونا قد
عزَّزا في شخصيتها الجوانب التي تعينها على أن تعيش حياة متزنة مستقلة ، تعرف
كيف تتصرف مع الأمور بحكمة .
حالة أخرى ، و هي عندما تعتاد البنت على أن تترك أولادها عند أهلها ، و تذهب هي
لقضاء بعض الأمور ، فأحياناً تكون هذه المور حاجات ملحة و ضرورية فعلاً ، و
اصطحاب الأطفال فيها سيكون مُتعباً جدّاً للأم ، ففي مثل هذه الحالات يحتاج
الأمر إلى تعاون بعض الأهل ، إن كان من طرف الزوج أو من طرف الزوجة ، و لكن في
أحايين أخرى كثيرة لا تكون هناك حاجة فعلية لأن تترك البنت أولادها عند أهلها ،
و لكنها إنما تفعل ذلك استسهالاً ، فهي تريد أن ترفه عن نفسها و لا تريد أن
تتعب !! و الجد و الجدة بدافع حبهما لابنتهما و لأحفادهما لا يقولان شيئاً ، و
يقبلان بنفس رضية ، مع أنهما قد يصيبهما أحياناً الضيق و الضجر من أحفادهما ، و
خاصة إن كانوا من النوع المشاغب و المزعج ، فالأمر هنا يحتاج إلى شيءٍ من الذوق
من هذه البنت ، فالجد و الجدة ما عادا بتلك القوة الجسدية و العصبية و النفسية
حتى يحتملا تربية و رعاية شؤون أحفادهما كما ربيا أولادهما ، فهما يوجهان من
بعيد ، و أما التربية فعلى الأم و الأب ، و البنت إن كانت على درجة من الحساسية
، فستدرك و تشعر بهذا ، و أما إن كان إحساسها متبلداً ، فلن تنفع معها لا
الإشارة و لا الكلام !! .
و في بعض الحالات تعيش البنت في بلد آخر ، و تأتي في كل عام لزيارة أهلها ،
فتبقى في ضيافتهم هي و أولادها مدة من الزمن ثم تعود ، و البنت تشتاق لأهلها ،
و كذلك الأهل يشتاقون لابنتهم ، و هذا أمر فطري و طبيعي ، و لكن المشكلة تكمن
عندما تظن هذه البنت أنها عندما تأتي لزيارة أهلها لقضاء الإجازة ، أنها في
إجازة من كل شيء و حتى من أولادها !! فتتركهم يعبثون و يخربون و يصرخون و هي لا
تحرك ساكناً ، فهي أتت هنا لترتاح منهم ، و لا يهم ما يسببونه لأهل البيت من
ضيق و إزعاج !! . هذه البنت في رأيي لاأبالية و أنانية و قليلة الذوق ! فهي
ضيفة عند أهلها ، و الضيف إن لم يكن خفيف الظل فسيصبح ثقيلاً على قلوب أهل
البيت ، و إن كانوا أهله و ذويه ، بل ربما سيصبح أهلها يستثقلون زيارتها في كل
عام !! .
و كلبك آنس بالزائرين *** من الأم بابنتها
الزائرة
هذه بعض نماذج لسلوكيات بعض البنات اللواتي لم
يدركن أنهن بزواجهن قد فُطِمْن عن أهاليهن اجتماعياً ، و أنهن أصبحن مسؤولات عن
أسرهن ، فإلى متى سيبقى هذا التواكل على أهاليهن ؟ أما آن الأوان أن يرتاح
الأهل ، و أن تخف عن كواهلهم بعض الأعباء و الهمـوم ؟! .
اللهم مُنَّ علينا بإصلاح عيوبنا ، و اجعل التقوى زادنا ، و عليك توكلنا و
اعتمادنا ... اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين .
لبنى شرف – الأردن .