قل لي ماذا تأكل ، أقل لك من أنت وكيف تفكر !! لطعامنا تأثير في تفكيرنا وسلوكنا
، فلماذا نجغل أجسامنا مكبا للنفايات ؟! نحن حقا جعلناها كذلك ، فنحن نأكل
النافع والضار ، الغــث والسمين ، ما نحتاج وما لا نحتاج ، وحتى النافع والمفيد
نأكله بلا حساب أو ميزان ، فلماذا هذه العشوائية ، وهذه اللامبالاة ؟ أليس
لأبداننا علينا حقا ، فلماذا لا نتقي الله فيها ؟ لماذا لا نتقي الله فيما نأكل
؟ ولماذا لا نتقي الله في أطفالنا وما يأكلون ؟ أمانات سنُسأل عنها يوم القيامة
، أحفظناها أم ضيعناها .
هل أصبح الآن شغلنا الشاغل ماذا نأكل ، ومتى نأكل ، وكيف نأكل ، وكم نأكل..؟
أسئلة مهمـــة ، ولكن .. هل هذا جل تفكيرنا في حياتنا ؟ هل نحن نعيش لنأكل ، أم
نأكل لنعيش ونقوى على عمارة الكون بإقامة شرع الله فيه ؟ .
قلنا بأنه يجب علينا أن ننتقي طعامنا بطريقة سليمة وصحيحة ، ولكن هذا لا يعني
أن يكون الأكل هو شغلنا الشاغل في حياتنا ، فلابد من الاعتدال في كل شيء ، دون
إفراط أو تفريط .
ثم هل نحن نتحرّى الطيب الحلال حتى نبعد أجسامنا عن النار ، كما قال عليه وآله
الصلاة والسلام : " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " [ صحيح ، الألباني ـ
صحيح الجامع : 4519 ] ؟ ، و قال تعالى : ﴿ يـٰأيها الناسُ كلوا مِمّا في الأرضِ
حلـٰـلاً طيباً .. ﴾ ..{ البقرة : 168 } : حلالاً لصاحب الدين ، أما من ليس له
دين فيستطيع تمييز الطيب من الخبيث إن كان له عقل مستنير !! . و جاء في كتاب
جامع العلوم و الحكم : (( و من أعظم ما يحصل به طيب الأعمال للمؤمن من طيب
مطعمه ، و أن يكون من حلال ، فبذلك يزكو العمل )) .
وهل نتحرى الطعام الخالي من الإضافات الغذائية ـ كالمواد الحافظة والملونة.. ـ
؟ فالطعام الذي خلقه الله كما هو دون إضافات هو الأنسب لجسم الإنسان والأقرب
لطبيعته .
كم من الأوقات تُصرف في شراء وتحضير الطعام ، ومتابعة برامج الطبخ وصناعــة
الحلويات ، وكم من الأموال تُنفق في سبيل ذلك ، وفي شراء كتب الطبخ ، لماذا كل
هذا ؟ أوقات تصرف ، وأموال تنفق ، أنحن بحاجة إلى كل هذا ، أم أننا تجاوزنا
الحد ـ حد الاعتدال - ، وأضعنا الوقت ، وأسرفنا في المال ؟ .
نحن كما قلت نأكل لنقوى على أداء مهمتنا التي خُلِقنا لأجلها ، ولم نُخلق لنأكل
ونأكل .... ونأكل !! ، أمرٌ يحتاج منا إلى إعادة نظر ... و الحمد لله رب
العالمين .