|
لا أحد ينكر أن هناك ظلم يقع على بعض النساء ، و أن هناك من لا تحيا حياة كريمة ،
و لا تعامل معاملة تليق بالكرامة الإنسانية ، و تتعرض أحياناً للذل و الإهانة ،
كتلك المرأة التي ذكر أحد الدعاة الأفاضل أنها كانت تعيش عند أخيها ، و هي غير
متزوجة ، فركلها مرة بقدمه أمام زوجته ثم ضحك ، و كأنه قام بعمل بطولي ! ،
يستعرض عضلاته على هذه المسكينة ، و ربما لو لقي العدو لكان أجبن الجبناء ! ..
سريع إلى ابن العم يلطم خدّه --- و ليس إلى داعي
الندى بسريع !!
و لكن الله ابتلى هذا الأخ بعلة في رجله ، فقرر
الأطباء بترها من الأعلى ، نفس الرجل التي ركل بها أخته .. فسبحان الجبار
المنتقم !! .
هذا جعلني أفكر في حل لهؤلاء المستضعفات من النساء ، حتى يستطعن أن يعشن حياة
كريمة ، تعينهن على الرقي و العطاء ، فخرجت بفكرة إنشاء وقف ، و هو عبارة عن
سكن داخلي ، مزود بمرافق و أنشطة تثري الجوانب الفكرية و الاجتماعية و الجسدية
و .. عند هؤلاء النساء ، و طبعاً ستكون الأمور منضبطة وفق القيود و الضوابط
الشرعية .
بعد فترة خمدت الفكرة عندي ، ثم عادت و انتعشت مؤخراً عندما سمعت على الإذاعة
امرأة تسأل إن كان يجوز لها أن تسكن في بيت لوحدها ، فهي غير متزوجة ، و
والداها متوفَّيان ، و زوجات إخوانها لا يرغبن بوجودها في بيوتهن ، و لا حول و
لا قوة إلا بالله ! .
فهل يا ترى الفكرة التي فكرت فيها مناسبة ، أم أن هناك حل أفضل لتفريج كروب مثل
هؤلاء النساء ؟ فهذه قضايا واقعية ، و إن كان وأد البنات الذي كان منتشراً في
الجاهلية الأولى قد انتهى ، فقد عاد في الجاهلية الحديثة و لكن على شكل وأد
معنوي ، وأد للإحساسات ، و قتل للطاقات ، و اغتصاب للحقوق ، الحقوق التي أعطاها
الإسلام للمرأة عندما جاء و استنقذها من عسف الجاهلية و تقاليدها الظالمة
المهينة ، و حمى لها هذه الحقوق يتيمة كانت أم امرأة مستضعفة ، ثم جاءت
الجاهلية الحديثة لتغتصبها منها مرة أخرى ، و حسبنا الله و نعم الوكيل !! .
هذا واقع لا يجدي فيه الإنكار ، فكيف نعالجه ؟ بهز الكتفين ؟ أم نتركه يعالج
نفسه بنفسه ، حسب الظروف و المصادفات ، كما نفعل في كثير من القضايا ، و كما
يفعل كثير ممن تأمل المرأة المستضعفة أن تجد عندهم الحل و النصرة ، و لكنها
تعود خائبة الآمال ، و قد يمتلئ قلبها كرهاً و حقداً على هذا المجتمع الذي تعيش
فيه ؟! .. فأين أنتم يا أصحاب النجدة و المروءات .. ؟! .
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز ، و لا إلى الناس فنضيع ، و نعوذ بك أن نذل في
عزك ، أو نُضام في سلطانك ، أو نُضطهدُ و الأمر إليك .. اللهم آمين ، و الحمد
لله رب العالمين .
لبنى شرف – الأردن .