|
باتت العنوسة مشكلة تؤرق مجتمعاتنا بشكل كبير وملحوظ ، وأنا لا أريد أن أخوض في
أسباب هذه المشكلة ، ولكني أريد فقط أن أذكر أحد الحلول والذي يقع على عاتق
الآباء ، فبدلا من أن يقف الآباء موقف المتفرج ، لماذا لا يبحثون هم عن أزواج
صالحين لبناتهم ؟! هل هناك حرج في هذا ؟ هل هناك حرج في أن يعرض الأب أو الأخ
أو العم ابنته أو أخته أو ابنة أخيه ، أو حتى ابنة أخته على رجل صالح قد ارتضى
دينه وخلقه ؟ ! ، لا حرج إطلاقا ، بل ربما إن الأصل أن يكون مثل هذا الأمر شيئا
طبيعيا بين المسلمين ! فهذا الخليفة عمر – رضي الله عنه – يعرض ابنته على أبي
بكر وعثمان – رضي الله عنهم أجمعين - ، ولا يجد حرجا في ذلك ، وهذا التابعي
الجليل سعيد بن المسيب يعرض ابنته على طالب علم ممن يحضرون حلق العلم عنده .
ولكن ، ماذا لو أن المرأة هي التي تعرض نفسها على من ترى فيه الصلاح والتقوى
؟!! ، ربما تكون هذه الصورة غريبة بل مستهجنة عند البعض في زماننا !! ، مع أن
هناك من عرضت نفسها على النبي – عليه الصلاة والسلام - ، بل إن أمنا خديجة –
رضي الله عنها وأرضاها – قد عرضت نفسها عليه ولكن بطريقة ذكية وحصيفة ، بحيث
يكون الرسول – عليه الصلاة والسلام – هو الذي يطلبها وليست هي التي تطلبه . فهل
لو عرضت امرأة في زماننا على ولي أمرها رغبتها في الزواج من رجل صالح ، فهل
سيساعدها في هذا الأمر ، أم تراه سينهرها ؟!! .
أيه الإخوة ، لقد تغيرت مقاييس ومعايير الزواج في زماننا ، وأصبحت مادية بدرجة
مقيتة ، فبعض الآباء لا يكتفي بأن يقف موقف المتفرج كما ذكرت ، بل إنه يقف حجر
عثرة أمام زواج ابنته ، ويحرمها من الزواج والذي هو حاجة ومطلب فطري عندها بحجة
أنه لابد من أن تساهم في نفقات البيت وفي تعليم إخوتها ، أي بعبارة أخرى يريد
الأب أن يسترد ما أنفقه على تعليم ابنته منها !!! . إن هذا الأب مسكين فعلا ،
لأن الرحمة قد نزعت من قلبه ، فلم يدرك معنى الأبوة الحقيقية !! ، فأي أبوة هذه
التي تقاس بالدرهم والدينار ؟!!! ، وكيف لهذا الأب أن ينتظر أن تنزل عليه رحمة
ربه وهو يظلم أقرب الناس إليه ؟!.
أدعو الله أن يفطن الآباء لدورهم في حل مشكلة العنوسة ، وأن يرضي كلا بما قسم
له .
اللهم اجعل نفوسنا مطمئنة بالإيمان ، وأرجعها إليك راضية مرضية ، وألحقنا
بالصالحين ، وأدخلنا الجنة دار رضاك ، يا أرحم الراحمين ........ اللهم آمين ،
والحمد لله رب العالمين .
بقلم : لبنى شرف / الأردن