|
كان الحديث الرئيس الموجه للمرأة المسلمة الذي ينتشر في أدبيات الصحوة الإسلامية
المعاصرة هو الدعوة إلى الحجاب والعفة والتحذير من التبرج والسفور .. ويختلف
أسلوب الخطاب من بيئة إلى أخرى ، ولكنه – في الغالب – لا يتجاوز هذه الدائرة
المحدودة .
ولقد كان هذا الحديث مهماً ، ولازال كذلك ، فالهجمة التغريبية الشرسة – التي
تهاجم المرأة ، لتزج بها في حماة الرذيلة – تزداد يوماً بعد يوم
ولكن العجب أن المرأة – بعد التزامها وعفتها واعتزازها بحجابها – لا زالت تسمع
الخطاب ذاته ، وتعاد عليها الاسطوانة من بداياتها في اكثر من لقاء ، وفي اكثر من
درس ، وفي اكثر من مقالة ..!
والتذكير أمر مطلوب شرعاً .. ولكن ألا توجد موضوعات أخرى تهم المرأة المسلمة ..؟!
شعرت بعض المجلات الإسلامية بأهمية التجديد في معالجة الموضوعات النسائية ، فبدأت
تتحدث عن أزياء المرأة المحجبة ، والتصميم الداخلي للمنزل ، وطرق الغذاء اليومي
.. وأحسنها حالاً تكلمت عن تربية الأولاد ..! وليس عندي اعتراض على طرح مثل هذه
الموضوعات ما دام ملزماً بالضوابط الشرعية ، فهناك شريحة واسعة من المجتمع
النسائي يهمهن ذلك . ولكني أحسب أن الاقتصار عليها ، أو التعامل مع جميع النساء
على هذا الأساس تهميش لهن واستهانة بهن ...!
وإلا فأين خطابنا للمرأة الداعية التي انطلقت بكل صدق وإخلاص ، جادة في التربية
والتعليم ؟!
أين خطابنا للمرأة المعطاء المنتجة التي اصبح همها الأساس هو تعبيد الناس لرب
العالمين ..؟!
أين خطابنا للمرأة المدركة المفكرة ، القادرة على التأمل والنظر ..؟!
إن نسبة غير قليلة من نسائنا يملكن إمكانات كبيرة للإبداع والعطاء ولكنهن مكبلات
بآسار من الرتابة والغفلة ، فهل نستطيع إطلاق تلك الطاقات ، وتوظيفها وفق الأسس
الشرعية المحكمة ، بعيداً عن التمييع والتفريط . لقد سطرت المرأة عبر التاريخ
أروع صور البذل والتضحية ، ووقفت بجوار أخيها الرجل ملبية نداء الحق تستحث بنات
جنسها على الاعتصام بحبل الله المتين ، لا يضرها من خذلها ولا من خالفها ، وواجب
الصحافة الأسرية أن تبرز هذا الجانب العظيم في المرأة ،وتساهم في بنائها وتربيتها
، وتخرج من بوتقة ( الطبق الغذائي ) إلى المخاطبة الناضجة للمرأة المصلحة المبدعة
المفكرة .
المصدر : مجلة الاسرة / العدد ( 43 ) شوال عام 1417هـ - آذار 1997م