أختي الكريمة ، تدركين ما يحدث في هذه الأيام من فتن ومحن ، وتسمعين وترين ما
يكافح من أجله دعاة الرذيلة ، ومحبي نشر الفاحشة وإشاعة الفساد ، ممن جعلوا
همهم إبعاد نساء المسلمين عن دينهن ، زاعمين أنهم يسعون إلى تحرير المرأة
وإسعادها ، ورد الحقوق إليها ، فهم كمن قال الله ـ تعالى ـ فيهم: (( وإذا
رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة
عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون )) [ سورة المنافقون: 4 ]، نعم
هم العدو ، قد فضح الله أستارهم ، وكشف معايبهم.
نراهم ينعقون في كل مناسبة ، ولا يفوتون أية فرصة كي يروجوا لدعوتهم ويمرروها
على الناس زاعمين أنهم أنصار الحق، و محبي نشر الحرية والمساواة.
وحيث إنني أعلم أن مثل هذه الدعوات لا تؤثر إلا على السذج من الناس ؛ فلم أكتب
هذه الكلمات لأقول لك احذري هذه الذئاب ولا تلتفتي إليهم ؛ فأنت تدركين أنهم
دعاة ضلالة ، همهم محاربة الفضائل ، ونشر الرذائل ، والصد عن سبيل الله ، ممن
ينطبق عليهم قول المولى جل شأنه: (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين
آمنوا لهم عذاب أليم في الحياة الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) .
[ سورة النور: 19]، وكما جاء في الحديث: (( دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم
إليها قذفوه فيها )) [ رواه البخاري: 3606]، لكنني كتبت هذه الأسطر لأذكرك بأن
يكون لك دور بارز في مواجهة هذه الفتن وهذه الدعوات الباطلة: ضاعفي جهدك في نشر
الخير والدعوة إليه ؛ فأمتنا تمر بفترة عصيبة ، شمر فيها الأعداء وبذلوا كل غال
ونفيس لتحقيق مآربهم ، مستخدمين في ذلك جميع الوسائل ، وسالكين كل السبل.
أختي الكريمة ، اعملي في مجتمعك النسوي لفضح خططهم ، ونشر معايبهم ، وهتك
أستارهم ، واعملي جهدك كي لا يغتر أحد من بنات المسلمين فتنساق وراء دعواتهم .
احرصي على نشر العلم الشرعي بين أخواتك ، فإن العلم المؤصل هو ـ بعون الله ـ
الحصن الواقي من الزلل . وتذكري أنك بعملك هذا تسهمين في صلاح المجتمع ، و دفع
العقوبة عنه ، والله ـ سبحانه ـ يقول: (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها
مصلحون )) [هود: 117].
ثم اعلمي أنه لا بد من مجاهدة النفس والصبر والمصابرة ، قال ابن القيم –رحمه
الله تعالى- : جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في
معاشها ومعادها إلا به.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك
كله لله ، فإذا أستكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين .
وأختصر رسالتي بهذه النقاط السريعة ، جازما أنها ستجد
نفسًا واعية ، وهمة عالية:
- ابتعدي عن السلبية وليكن لك دور في الإصلاح والبناء.
- تزودي من العلم لتعملي على بصيرة.
- ابذلي وسعك ، وألله ألله أن يؤتى الإسلام من قِبَلك .
- كوني أداة بناء للمجتمع ولا تكوني معول هدم .
- اعملي ولا يهمك عُرفت أم لم تُعرفي ، نوَّهوا بك أم لم ينوهوا ، أشاروا إليك
أم لم يشيروا .
- عليك بالإخلاص ، و لا تنتظري الثناء والأجر إلا من الله .
- كوني كالغيث أينما وقع نفع . وطوبى لمن جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر
.
- تذكري أن العمل لهذا الدين واجب على الجميع صغيرًا كان أم كبيرًا ، ذكرًا كان
أم أنثى كل حسب طاقته .
- كوني ذات همة عالية ونفس كبيرة لا تقنع بالقليل من الخير ، بل كلما قدمت تاقت
لما هو أكبر.
- وأخيراً الصبر الصبر ، فإن الصبر طريق النجاح ، وإياك أن تستعجلي النتائج ،
أو تيأسي وتحبطي مما ترينه من تسلط الأعداء.