|
*
كانت أم حسان مجتهدة في الطاعة ، فدخل عليها سفيان الثوري فلم ير في بيتها
غير قطعة حصير خَلِق، فقال لها: لو كتبت رقعة إلى بني أعمامك لغيروا من سوء
حالك.
فقالت: يا سفيان قد كنتَ في عيني أعظم وفي قلبي أكبر مذ ساعتك هذه ، أما إني
ما أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها، يا سفيان والله ما أحب أن
يأتي علي وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله بغير الله فبكى سفيان.
*
وقالت أم سفيان الثوري له: يا بني اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي؛ يا بني إذا
كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنه لا
ينفعك..
*
وكانت أم الحسن بن صالح تقوم ثلث الليل وتبكي الليل والنهار فماتت ومات الحسن
فرؤي الحسن في المنام فقيل: ما فعلت الوالدة؟ فقال: بُدِّلت بطول البكاء سرور
الأبد.
*
كانت عابدة لا تنام الليل إلا يسيراً فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بالموت وطول
الرقدة في القبور للمؤمن رقاداً.
*
ودخلوا على عفيرة العابدة فقالوا: ادعي الله لنا.
فقالت : لو خرس الخاطؤون ما تكلمت عجوزكم، ولكن المُحسن أمر المسيء بالدعاء،
جعل الله قِراكم ( إكرامكم) الجنة ، وجعل الموت مني ومنكم على بال.
*
وقدم ابن أخٍ لها من غيبة طويلة، فبُشرت به، فبكت فقيل لها: ما هذا البكاء؟
اليوم يوم فرح وسرور..
فازدادت بكاءَ ثم قالت: والله، ما أجد للسرور في القلبي سكناً مع ذكر الآخرة
، ولقد أذكرني قدومه يوم القدوم على الله، فمن بين مسرور ومثبور.
*
وبكت عبيدة بنت أبي كلاب أربعين سنة حتى ذهب بصرها وقالت: أشتهي الموت، لأني
أخشى أن أجني جناية يكون فيها عطبي أيام الآخرة.
*
عمرة امرأة حبيب العجمي : كانت توقظه بالليل، وتقول: قم يا رجل، فقد ذهب
الليل وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد
بقينا.
إعداد الأخت زرقاء اليمامة