يقول "الشعراني" ، وهذا النقل من "كتاب التصوف الإسلامي 2/301 نقلاً عن البحر
المرود ص292"
( لقد أخذ علينا العهد بأن نأمر إخواننا أن يدوروا مع الزمان وأهله كيفما دار ،
ولا يزدرون قط من رفعه الله عليهم ، ولو كان في أمور الدنيا وولايتها ، كل ذلك
أدباً مع الله عز وجل الذي رفعهم، فإنه لم يرفع أحداً إلا لحكمة هو يعلمها)
انتهى
أليس هذا القول من أقوال المجبرة ، فأين هم إذن ممن نعى الله عليهم. وقال:
{وإذا فعلوا فاحشة قالوا قالوا وجدنا عليها آباءنا ، والله أمرنا بها قل أن
الله لا يأمر بالفحشـاءِ ، أتقولون على الله ما لا تعلمون قل أمر ربي بالقسط} ،
وأين من قول رسول الله الكريم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))
وننقل من نفس الكتاب [ للدكتور زكي مبارك] :
(هناك كثير من الطرق ثابرت على انحرافها عن الطريق السوي فكانت أروع انقياداً
للمستعمرين من الزنوج الوثنين.
قال الرئيس [فيليب قونداس] من المستعمرين الفرنسيين: لقد اضطر حكامنا الإداريون
وجنودنا في أفريقيا إلى تنشيط دعوة الطرق الدينية الإسلامية لأنها كانت أطوع
للسلطة الفرنسية ، وأكثر تفهماً وانتظاماً من الطرق الوثنية التي تعرف باسم [بيليدو،
وهاجون] أو من بعض كبار الكهان أو السحرة السود) انتهى كلام الدكتور زكي مبارك.
وفي كتاب [تاريخ العرب الحديث والمعاصر] تحت عنوان "المتعاونون مع فرنسا في
الجزائر" :
(وتتألف هذه الفئة من بعض الشباب الذين تثقفوا في المدارس الفرنسية ، وقضى
الاستعمار على كل صلة لهم بالعروبة ، ويضاف إليهم بعض أصحاب الطرق الصوفية
الذين أشاعوا الخرافات والبدع ، وبثوا روح الانهزامية والسلبية في النضال
فاستخدمهم الاستعمار كجواسيس) ص372.
يقول [الدكتور عمر فروخ] :
(يقول الصوفية:إذا سلط الله على قوم ظالماً فليس لأحد أن يقاوم أرادة الله أو
أن يتأفف منها)
لا ريب أن الأوربيين قد عرفوا في الصوفية هذا المعتقد فاستغلوه في أعمالهم ،
فقد ذكر الزعيم الوطني مصطفى كامل المصري في كتابه [المسألة الشرقية] قصة غريبة
عن سقوط القيروان قال:
(ومن الأمور المشهورة عن الاحتلال الفرنسي للقيروان في تونس أن رجلاً فرنسياً
دخل الإسلام وسمى نفسه "سيد أحمد الهادي" ، واجتهد في تحصيل الشريعة حتى وصل
إلى درجة عالية ، وعين إماماً لمسجد كبير بالقيروان ، فلما اقترب الجنود
الفرنسيون من المدينة استعد أهلها للدفاع عنها ، وجاءوا يسألونه أن يستشير
الضريح الذي في المسجد ودخل "سيدي أحمد الهادي" الضريح ، ثم خرج يقول: أن الشيخ
ينصحكم بالتسليم ، لأن وقوع البلاد صار محتماً ، فاتبع القوم كلمته. ودخل
الفرنسيون آمنين في 26 أكتوبر سنة 1881 )
ثم يعقب الدكتور "عمر فروخ" بقوله:
( من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا رأينا المستعمرين لا يبخلون بالمال أو التأييد
بالجاه للطرق الصوفية ، وكل مندوب سامي أو نائب الملك ، لابد أنه يقدم شيخ
الطرق الصوفية في كل مكان ، وقد يشترك المستعمر إمعاناً في المداهنة في حلقات
الذكر..!
والطريقة التيجانية التي كانت تسيطر على الجزائر أيام الاستعمار ، معروف أنها
كانت تستمد وجودها من فرنسا ، وأن إحدى الفرنسيات من عميلات المخابرات تزوجت
شيخاً فلما مات تزوجت بشقيقه ، وكان الاتباع يطلقون عليها "زوجة السيدين"
ويحملون التراب الذي تمشي عليه لكي يتيمموا به ، وهي كاثوليكية ما زالت على
شركها ، وقد أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرق ، وجاء في أسباب منحها الوسام ،
أنها كانت تعمل على تجنيد مريدين يحاربون في سبيل فرنسا كأنهم بنيان مرصوص.. )
ومن كتاب [في التصوف] لمحمد فهر شقفة السوري ص217 يقول:
(ونرى من واجبنا خدمة للحقيقة والتاريخ أن تذكر أن الحكومة الفرنسية في زمن
الانتداب على سورية حاولت نشر هذه الطريقة ، واستأجرت بعض الشيوخ لهذه المهمة ،
فقدمت لهم المال والمكان لتنشئة جيل يميل إلى فرنسا ؛ لكن مجاهدي المغرب لفتوا
انتباه المخلصين من أهل البلاد إلى خطر الطريقة التيجانية ، وأنها فرنسية
استعمارية تتستر بالدين ، فهبت دمشق عن بكرة أبيها في مظاهرات صاخبة)
من كتاب [الصوفية .. والوجه الآخر] للدكتور محمد جميل غازي رحمه الله