بسم الله الرحمن الرحيم
تجاربُ في الطلب 《١》
من خلال تجربة ..
من أحب أنْ يستفيد ويستمرَّ في البرامج العملاقة ، ولا ينقطع ؛ فعليه أن يسير
في الخطة المرسومة أولاً بأول ، ولا يؤخر عمل اليوم أوحفظه للغد ، فإنَّ تراكم
المقدار من أكثر القواطع عن الاستمرار ؛ فتفوتك الفوائد الغزار والبرامج الكبار
بسبب التفريط والإهمال .
فاحزم على نفسك واتعب قليلاً ؛ تغنم كثيراً ، وسِرْ على الخطة كما رُسِم ؛ تحمد
عاقبة ما بذلتَ .
ولا تنظر للمتساقطين ، فليسوا هم القدوات .
والغنائم لا تُنال إلا على جسر المشقة والتعب ، والإمامةُ في الدين تحتاج إلى
صبر وثبات وبذل وتضحيات .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب《٢》
** ( أهميةُ المذاكرةِ لحُفاظ الكتاب والسنّة ) **
المذاكرةُ للكتاب والسنّة من أهمّ المهمات لطالبِ العلم .
فينبغي للحافظ أنْ يَصرف لها جُهداً كبيراً ، إذ هي طريقُ النبوغ ، وسبيلُ
ترسيخِ العلم ، وتفتيقِ الفهم وتنميةِ المِلكات ، وسببٌ لتقوية الاستحضار ،
وبروز الشخصياتِ وإزالة الإشكالات .
ويظهرُ مِنْ خلالها مَنْ فيه نبوغ في العلم ، وله فيه عُمق ومعرفة وإتقانٌ وفهم
.
وتَتلاقح فيها العقول ، ويستفيدُ الضعيفُ فيها من القويّ ، والبليدُ من الذكيّ
.
وتُختصر بها المراحلُ على الطلاب اختصاراً ظاهراً ، لا سيما إن كانت مع شيخٍ
مُتقنٍ ، ورفقةٍ أذكياء مُقبلين .
ومع ذلك ؛ فأكثرُ الحُفاظ عنها غافلون ! وفي اغتنام فوائدها مفرطون ! وجملةٌ
كبيرةٌ منهم لا يُميزون بينها وبين المراجعة ، ويَخلطون بينها وبين الاختبارات
! ، وهذا الخلطُ أفقدَها بريقَها ، وجعل الطالبَ عنها عازفاً ، وعن التفاعل
معها معرضاً ؛ ظانا أنّ المقصد منها مجردُ تقييم الطالب ، أو حثه على المراجعة
، أو ربطه بشيخه وهذا خلل !
المذاكرةُ علمٌ برأسه ، وأصلٌ بذاته ؛ لتحصيل العلم ، لها أهدافُها ، وضوابطُها
، وثمارها ، اعتنى بها العلماءُ في مراحل حياتهم كلها .
مَنْ فرّط فيها ، أو لم تتيسرْ له ؛ فاته من بُحور العلم الكثير .
لها ثمارٌ غِزار ، لا سيما إن كانت مع شيخ متقن ، وطالبٍ حافظ ذكيّ مقبل ، فهذه
لبٌّ لا قشور فيها ، وثمرةٌ لا شوك معها ، وفيها من النفع والبركة ما يُرحل
إليه ، فمذاكرةُ حاذق في الفن ساعة أنفعُ من المطالعة والحفظ ساعاتٍ بل أياماً
!.
وشَغفُ العلماء بها ، وحرصُ السلف عليها مشهور ، وخبرُهم في الكتب مسطور،
أُلفتْ لها مؤلفات ، وانكشفتْ فيها مخبآت ، وظفر بكنوزها النابهون ، وفاتتْ
خيراتُها الغافلين .
ومن أهمّ أنواع المذاكرات التي ينبغي لحافظ الوحيين العناية بها في مجالسهم
ولقاءاتهم خمسةُ أنواع :
النوع الأول :
المذاكرةُ بإيرادِ الأدلة على أصول العلم وأبوابه ، ومحاولةُ استحضار الأدلة
عليها والبحثُ عنها ، مثل :
أعطني الأدلة على الأمر بالتوحيد ، وفضله من سورة البقرة ، ثم آل عمران ، ثم
النساء .. .. إلخ .
ومن السنة ، مثل :
أعطني الأحاديث في فضل كلمة التوحيد وثمرتها .. .. إلخ
أو
أعطني الآياتِ في تقرير القدر ، وأنّ كلَّ شيء بقدر الله وعلمه ومشيئته وخلقه
من البقرة ، ثم آل عمران .. .. إلخ
ومن السنة كذلك ، مثل :
من كتاب الإيمان ، ثم باقي الجزء الأول وهكذا .
أو
أعطني أمثالَ القرآنِ من سورة البقرة ، ثم آل عمران ... إلخ
أو
أعطني أمثالَ السنّة الواردةِ في الجزءِ الأول من محفوظِك في الصحيحين ثم
الثاني ... إلخ
أو
أعطني أدلةً على قاعدةِ سدِّ الذرائع ، أو أنَّ الأصلَ في الأشياء الحِل إلا ما
حرمه الدليلُ من القرآن ، ثم من السنة... إلخ
وهكذا من أنواعِ العلم وقواعدِه وأصولِه التي لا حصر لها .
وهذا مهمٌ جداً ، ينبغي للطالب أنْ يَصرفَ له جهداً كبيراً ، فالنبوغ فيه نبوغٌ
في العلم ، واختصار لمراحله ، وتطبيق له ، وفيه استفادة مثلى من محفوظك ، ولا
يَقدر عليه إلا من حَفظ وضَبط وحرص على تنمية هذه المَلَكة ، وكلما وُجد الحفظ
والفهم ؛ كانت المذاكرةُ أنفع .
النوع الثاني:
المذاكرةُ في الكلمات الغريبة ، وبيان أين ذكرت وما معناها من القرآنِ والسنة ؟
مثل :
(مدراراً ، بِشقِّ الأنفُس .. من القرآن )
ومن السنة :
(الجلالة ، مُطل ، هَدر ، الرِكاز، البُهم ، الظروف) .
النوع الثالث :
المذاكرةُ في مشكلاتِ الأحاديث النبوية ، والجوابُ عنها ، والتوفيق بينها بأن
تَذكر أحاديثَ بينها إشكالٌ ، ويُطلب الجواب عنها والجمع بينها ، مثل :
( لا تزالُ طائفة ... مع حديث لا تقومُ الساعةُ إلا على شِرار الناس ...) .
(وخلق الله التربة يوم السبت...)
أو ما معنى قوله :
( شهرا عيد لا ينقصان ،... أنْ تَلِد الأَمَةُ ربّتها...) .
النوع الرابع :
المذاكرةُ في مَروياتِ الرُواة ، مثل :
( أحاديث عياض بن حمار في الصحيحين ، المقداد بن الأسود ، سمرة بن جندب ، سعد
بن أبي وقاص ، مَن ليس له في الصحيحين إلا حديث ، حديثان ، ثلاثة...).
أو ( أعطني أيَّ حديث فيه ذكرُ العدد ثلاثة ، مثل :
ثلاثٌ من كُنّ فيه ، أو آيةُ المنافق ثلاث ، أو ثلاثةٌ لا يكلمهم الله ، وسبعة
، وأربعةر، وواحد ، وهكذا...).
أو (مروياتُ النساء في الصحيحين ،... في السنن وهكذا...).
النوع الخامس :
السؤالُ عن المحفوظ وإكماله ، مثل: (اقرأ حديث أم زرع ، أو حديث فلان ، أو فلان
).
وهذه المذاكراتُ لا يَنبغي أنْ يَملَّ من إعادة السؤال فيها ، وتكراره ؛ ليرسخَ
المحفوظ ويثبت ، وهي تُنمي المَلَكة في الاستحضار والمبادرة للجواب ، وحضورَ
الذهنِ ، واستخراجَ ما تحتها .
** ومما يُعين على هذا النوع من المذاكرة :
- الحفظُ المُتقن.
- كثرةُ المذاكرة فيه.
- استنهاضُ العقلِ ؛ للتفكير فيها.
- سبْرُها وتأملها أثناء المراجعة.
- المذاكرةُ مع شيخٍ مُعتن بها ؛ يَفتح لك المعاني .
- وجودُ أقرانٍ أذكياءِ ؛ تتعاون معهم .
- التخفف من المزاحمات ، والبُعدُ عن المُشغلات ، وما أكثرها ! ، والتقليل من
المزاحمات العلمية الاخرى ، مما يأخذ الجهد والوقت والفكر ؛ فيجعل الفكرَ
كَالّاً ؛ لا نشاطَ له في التفكير بذلكر، ولا وقت للجلوس لها .
- معرفة ضخامة ما يحويه الوحيان من كنوز العلم وقواعده في كل أبواب الدين ،
فهما مَخزن العلوم ، وبنكُ القواعد ، فلابدّ من الإقبال على استخراج ذلك .
- استجماعُ الفكر أثناء المراجعة لهذه الأبواب ، ومحاولة جمعها والتنبه لها .
فدونكم يا حُفاظَ الوحيين هذا البابَ العظيم من العلم فادخلوه ،ووعلى موائده
تحلقوا ، ومن فوائده انهلوا ، ضعوا له البرامجَ والطرق ، وابتكروا له الأساليبَ
والخُطط ، واجمعوا من خلاله العلومَ والدُرر، ودَوّنِوا ما ترون من أبكار
فوائده ولآلئ جواهره ، وحدِّثوا مَنْ ترون بأهميته ، وأحيوا ذكره ، واعْمروا
مجالسه ، واقرؤوا عن العلماء وأخبارِهم وطرائقهم معه ؛ سترون شيئاً يُثلج
الصدور ، ويفتح لكم من هذا النوع أبواباً تُحفظ به الأعمار وتَتلاقح به الأفكار
، يسّر اللهُ لنا ولكم الخيرَ وأعاننا وثبتنا عليه .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب ..《٣》
لقراءةِ صحيحيْ البخاريّ ومسلمٍ قراءةَ تأمّلٍ ..
وهو منهجٌ أوصي به مَنْ أنهی حفظَ الجمعِ بين الصحيحين ؛ للتعامل مع صحيحِ
البخاريّ وصحيحِ مسلمٍ ، وأما سننُ أبي داود ، فلها خُطةٌ تزيد علی هذه -
أذكرها فيما بعدُ إن شاء الله -
والخُطةُ في قراءةِ الصحيحين كالتالي :
1- جَرْدُ البخاريّ ومسلمٍ واستخراجُ الأحاديثِ المسندة التي لم تَردْ في
محفوظك ، مرفوعةً ، أو موقوفةً ، أو مقطوعةً ، وترتيبها حسبَ منهج الحفظ ،
وحفظها ، أو استظهارها
2- جمع الألفاظ التي زادها مسلمٌ علی البخاري مع اتفاقهما علی أصل الحديث ،
والنظر في صحّة هذه الزيادة ، وما يترتب عليها من الأحكام ، مثل :
زيادة " ولا تخمرورا رأسه " ( ولا وجهه) ، ولفظة (وجنّبوه السوادَ ) ، ولفظة (
ولا يرقون )... أقبلتُ راكباً أتان .. بعرفة .
3 - النظرُ في عاداتِ البخاريّ ومسلمٍ في الترتيبِ ، والتكرار ، والاختصار ،
والفقه ،روالمنهج ، وعادات البخاري في التبويب ، ومعرفة وجههِ ، واستقراء ذلك ،
وتدوين ما يظهر لك فيها .
4- جَمعُ الروايات المتعددة للحديث الواحد في الصحيحين في ملفٍ واحد ، وفهمها
وتوجيه مختلفها ، مثل :
( أحاديثُ الإسراء والمعراج )
وأحاديثُ (نوع نسك الرسول)
وأحاديثُ (رؤية النبي لموسی وعيسی ) .....
أحاديثُ الكسوف ، اللعان ، صلاة الخوف ، ما يقطع الصلاة ، المحرم
5 - محاولةُ الجمع بين النصوص المختلفة ، وتوجيهها ، والتوفيق بينها وإعمالُ
الفكرِ فيها .
6 - جمعُ الألفاظِ المشكلة ، وتدوينها ، وإعمالُ الفكرِ في الجواب عنها .
7 - معرفةُ مسألةِ الباب والأحاديث التي أُوردتْ فيها ، وتحريرها ، وفهم رأي
المؤلف ووجهه .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب 《٤》
- مِن أظهرِ الأمور على صَفاء مَعدن الطالبِ وُجودُ شيئين فيه .
الأول: وفاؤه لمن أحسنَ إليه في الطلبِ برأيٍ وتَوجيهٍ ، أو تعليمٍ
ومَعونةٍ ؛ فلا ينسى ذلك مع طُول العهد ، وشيوعِ صِيته ، وارتفاعِ ذكره ، بل
يعرف الفضلَ لأهلِ الفضل ؛ مهما قَلّ وتَقادم ، فيذكرُ فضلَ مَنْ علّمه وتابعَه
، ووجّهه في بدايةِ أمره ، ممن كان لكلامهم وتربيتهم وتعليمهم ؛ أعظمَ الأثرِ
في تربيته وتوجيهه نحو الايمانِ والعلمِ ، والتميّز ، واختصارِ مشوارِ الطلب ،
والبعدِ عن الشّتات فيه .
ابتداءً بالقرآنِ وانتهاءً بالعلومِ الأخرى ، ويعلم أنَّ بَذلَهم وتوجيهَهم
وعطاءَهم ومتابعتَهم ؛ هو الغرسُ الذي أينعتْ ثمارُه بعد ، وأكلَ منه كلَّ
حياته ، وسيُمد - بإذن الله - بعد وفاتِه ؛ فخرج كما هو ، فلا يَنساهم من دعائه
، وثنائه ، وتقديره ، واحترامه ، وصِلاتِه ، ومعروفه ، وتواضعه قولاً وفعلاً .
وبِحقٍ لا يَرعى ذلك ؛ إلا موفق طيبُ المعدن ، زكيُ النفس حافظٌ للوُد مراعٍ
للعهد.
وفَتّش في نفسك هل أنت كذلك ؟.
الثاني: حُسنُ الأخلاقِ ، وطيبُ التعاملِ بالتواضع والبَشاشة ، والصلةِ
والبذل ، وعدمِ التَلوُن مع مَنْ علّمه ، أو عاشرَه وزامله من صُحبته
، ودَوام ذلك فيه فلا يَثبت عليها إلا مَنْ هي فيه أصلٌ لا فرع ، ثابتٌ لا طارئ
، لا تتبدلُ هذه الأمورُ بِتبدل الأحوال ، ولا بمرور الأزمان ، بل كلما زاد
علمُه وارتفع ذكرُه ؛ زادت فيه هذه الأخلاقُ والآدابُ وضوحاً وبريقاً ، وعَمّ
أثرُها مَنْ يُعاشرهم ، ففتّش عن نفسك هل أنت كذلك ؟
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب 《٥》
- من الناسِ مَنْ يطلبُ العلمَ الى أمدٍ معيّنٍ ؛ ثم ينقطعُ !
* فمنهم مَن يطلبه إلى الفراغِ من الجامعةِ ، أو استلامِ وظيفةٍ ، ثم ينشغلُ
وينقطعُ ! ،
* ومنهم مَن يطلبه لِفراغه ، فإذا دهمتْه المشاغلُ انقطع !
وكلّ هؤلاء على خير ٍ، لكنّهم لا يكونوا علماءَ غالباً ، وإنما يُفلحُ في
العلمِ ، وينالُ منه بُغيته ؛ مَن يُداوم في طلبه ، ويَثبتُ عليه ، لا تُشغله
عنه الشواغلُ ، ولا تقطعه القواطعُ ، إنْ جاءته المشغلاتُ عن العلم تَركها ، أو
تخفّفَ منها .
عينُه على المرتبةِ العُليا ، وهمّتُه لا تعرفُ الدُون ، وعزيمتُه لا تعرفُ
الإنقطاعَ ، لا يقفُ عن الطلبِ ؛ منشغلاً بالعلم والتزوّد منه ونشرِه ؛ حتى
تفارقَ روحُه جسدَه ، شعارُه مع المحبرةِ الى المقبرةِ ! .
هؤلاء هم الذين يَرفعُ اللهُ بالعلم ذكرَهم ، ويبقي به أثرُهم ، ويكونوا أئمةً
فيه ، ولا يُضيعُ ربُك إحسانَ المحسنِ ، ولا يُخيّبُ مسعاه ، فاجعلْ شعارَك مع
المحبرة إلى المقبرة ؛ تنلْ بركةَ ما طلبتَ ، ولا يَضيعُ عليك ماحصّلتَ ثبتنا
اللهُ وإياك .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب 《6》
- لم أجدْ في العلم أبركَ ، ولا أنفعَ ، و لا أثمنَ من العناية بالحفظ ؛ فهو
رأسُ مالِ الطالب ، وكنزُه الذي يَنهلُ منه كلَ حياته ، ومَعينٌ لا يَنضبّ ،
وعلمٌ يَصحبُه أينما وَجّه ، وعلى قدرِ إتقانه ؛ تكونُ الفائدةُ منه أكبرَ ،
وأكثرُ ما يُعيق الطالبَ عن الاستفادةِ مِن الحفظِ والاستمرارِ فيه أمورٌ منها
:
▪عدمُ معرفتِه بأهميتِه .
▪عدمُ الاشتغالِ بحفظِ الأَهمِّ من العُلوم .
▪عدمُ السّيرِ المستمرِّ .
▪عدمُ الضبطِ والاتقانِ .
▪عدمُ التّفهُمِ لمحفوظِه .
☆ أمّا أهميةُ الحفظِ ، فلا يُنكرُه إلا جاهلٌ ، ولا تَسمعْ لمن يُثبّطك ؛ فلنْ
تأخذَ في العلمِ أثمنَ منه ، فعلمُك الحقيقيُ ما وَقرَ في صدرِك ، لا ما
أوْدعتَه كتابَك ، فليس بِعلمٍ ما لا يَحضرُ معك الناديْ ، ويَعبرُ معك الواديْ
، وتجدُه حينَ يَغيبُ عنك كتابُك .
وكلُ شيءٍ يُمكنُ استدراكُه إلا الحفظُ ؛ فإنه إنْ فاتَ وقتُه ؛ عَسُرَ تداركُه
، وإنْ نُسيَ صَعُبَ استرجَاعُه ، فبادرْ العُمْرَ ، واغتنمْ الفُرصَ في الحفظِ
؛ تَحمدْ ذلك بلا شَك .
☆وأَهمّ ما يُحفظُ الأصلانِ ( الكتابُ والسنّةُ ) ، فليس شيءٌ يُحفظُ لِذاتِه
غيرَهُما ، فكلُ علمٍ يحتاجُ لدليلٍ إلا الكتابَ والسنةَ؛ فهما الدليل ُ، فإن
أردتَ اختصارَ الطريقِ ، والوصولَ لأصلِ العلمِ ، وبلوغَ غايتِه ؛ فاعْتنِ بهما
حفظاً وفهماً ، وأهمّ ما يُحفظُ من كُتبِ السنّة الصحيحانِ ؛ لاشتمالهما على
أبوابِ الحديثِ وعُلومِه كلِّها ، فاغتنمْ ذلك ؛ تَنلْ خيراً لا يَعرفُه إلا من
ذاقَه .
☆ وعليك بالسّيرِ المستمرّ ؛ ولو قَلّ المقدارُ ، وإياك والتَقطّعات ؛ فإنها
قاطعةٌ عن المُواصلةِ ، مُبعدةٌ عن التَميزِ ، يَظنّ صاحبُها أنه سائرٌ ؛ وليس
كذلك ! ، فغيرُه يَقطعُ المراحلَ وهو في مَحلّه قائمٌّ .
☆ وعليك بضبطِ مَحفوظِك ، وأهمّ ما يُعينُك على ذلك :
● الانضباطُ بالمقدارِ اليوميّ .
● التكرارْ للمقدارِ اليوميّ ، وكلما كَثُرَ التكرارُ ؛ ثبتَ الحفظُ وأبطأَ
النسيانُ .
● إكثارُ المراجعةِ لآخِرِ ما حفظتَ ، وربْطُه مع محفوظِ اليوم .
● السّردُ المستمرُ للمحفوظِ السابقِ على الشيخِ ، أو أحدِ الأقرانِ ؛ فلهذا من
الأثرِ على ضبطِك ما يَشهدُ به مَنْ عاناه .
وبِسيْرك على ذلك ؛ تَضمنُ إتمامَ المحفوظِ ، وإتقانَه ، والاستفادةَ منه .
☆ الارتباطَ الارتباطَ بالشيخِ والصُحبةِ الذين يَعيشون هَمّ الحفظِ ، وكثرةَ
المذاكرةِ معهم ؛ فإنّ هذا يُهيّجُ على الحفظِ ويُحركُ الفَهمَ ، ويَفتحُ
مشاريعَ الاستفادةِ منه ، ويُظهرُ لك النقصَ عندك ، ويُزيلُ الوَحشةَ من قِلّةِ
السالكين في الدربِ ، لا سيّما مشاريعُ الحفظِ الكِبار ! كحفظِ الكتابِ والسنةِ
؛ فإنها تَحتاجُ لِهممٍ عاليةٍ ، وصُحبةٍ دائمةٍ ، وتَيقُظٍ ومُلازمةٍ ؛ حتى
تخالطَ لَحمَك ودمَك ، وتَقرَ في سُويداء قلبِك ، وتعيشَ معها ليلَك ونهارَك ؛
لِتشرقَ أنوارُها في قلبِك ، وتَتفتحَ أزهارُها في نفسِك ، وتجري كنوزُها على
لسانِك ، وتتنزلَ خيراتُها على نفسِك ، وتَحلَ بركاتُها على علمِك ، و تَثبتَ
على حفظِها وفهمِها ، وتعملَ بها وتنشرَها ، وهذا - وربي - مَعدنُ العلم ،
وأصلُه ، ورأسُه ، وذروةُ سنامِه ، مَنْ وُفق لها ؛ فازَ ، ومَنْ حُرمها ؛
فاتتْه خيراتٌ لن يَجدَ عنها عِوضاً .
☆ ومما يْعينك على تَفهم ِ محفوظِك :
▪ التدبرُ والتأملُ لما حفظتَ وإِعمالُ الفكرِ فيها .
▪ جَمْعُ النظائرِ إلى بعضٍ .
▪المذاكرةُ المستمرةُ مع المشايخِ والأقرانِ في المعاني والفوائدِ .
▪الارتباطُ الوثيقُ بالكتابِ والسنةِ ، والمداومةُ على النظرِ فيها ، فانْفتاحُ
علومِها ، واستقرارُها في القلب ؛ يأتي رويداً رويداً ، لا دفعةً واحدةً .
▪النظرُ في الكتبِ المؤلفةِ عليها ، كشرحٍ وقواعدَ ، ومواضيعَ ، واستدراكٍ ،
وتحشيةٍ ، ودراساتٍ ، ومداخلَ ، ومقدماتٍ ، وتقريراتٍ ، وغَيرِها ؛ فهذا يفتحُ
لك فوائدَها ويُظهرُ لك نفائسَها .
وفقنا اللهُ جميعاً لذلك ، وفتحَ لنا من عطاياه وجودِه .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلب 《7》
- من أهمّ المُهماتِ حين يَفتحُ اللهُ عليك في بابٍ من العلم ، و يُحبّبُه لك
وتبدأ بالإنجاز فيه .
أو حين يَفتحُ لك في مشروعٍ علميٍّ أو غيرِه ؛ تَنفعُ من خلالِه أمّتَك .
- أنْ تُوقنَ أنه ليس منك ! بل هو محضُ فضلٍ من اللهِ ؛ لِيبلوَك ، أتشكرُ أم
تكفرُ ؟ فمنه الإيجادُ والإمدادُ ، فلا تَنسبْ ذلك لِعقلِك وذكائك ، ولا لحرصِك
واجتهادِك ، ولا لاستحقاقِك وصلاحِك ؛ بل استشعرْ عظيمَ مِنّة اللهِ عليك ، حيث
وَفّقَ وأعانَ ويسّر .
وأْظهرِ الفقرَ له ، والشكرَ له فلستَ أفضلَ من غيرِك المحرومين ، ولا أَحرصَ
منهم ، فكم مِن أقوامٍ خيرٌ منك ، وأحرصُ منك ولم يُوهبوا كما وُهبتَ ؛ فاحمدْ
ربّك ، وداومِ الافتقارَ له ، واجتهدْ في الصدقِ والإخلاصِ ، واحذرْ أنْ تُسلبَ
هذه النعمةَ ، وتُصرفَ عنك بذنبِك وتَقصيرِك .
وأَقبلْ عليها عاملاً ، مخلصاً ، مفتقراً ، منكراً ذاتَك ، ناسباً كلَ توفيقٍ
منه إلى ربِك ، وكلّما ازددتَ توهّجاً وخيراً ؛ فلْتزددْ افتقاراً ، وانكساراً
، وحمداً ، وشكراً ، ورهبة،ً وخوفاً ، وجِداً ، وعملاً ، وتَحرزاً ، وتَوقِياً
، ولن يُضيعَ ربُك أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً .
أحمد بن محمد الصقعوب
تَجاربُ في الطلب《8》
* - { همسةٌ للحفاظ }
- من الخللِ الذي يقعُ فيه بعضُ الحفاظِ ، وتُؤثرُ على استفادتِه ، وتركيزِه ،
وعطائه ؛ استعجالُه الانشغالَ ببرامجَ لا تخدمُ مشروعَه الكبيرَ ، الذي بذلَ
فيه عُصارةَ فكرِه وعمرِه ، فيبدأُ بمشروعٍ علميّ آخرَ ، يكونُ مشرفاً ، أو
عاملاً فيه ، يأخذُ عليه جهدَه ، وهو لم يَخبُرْه ، ولم يَسرْ فيه قبل ، فيأخذُ
من جُهده ، وفكرِه ، ووقتِه على حساب برنامجِه الأكبرِ ، الذي بَذلَ فيه زُبدةَ
وقتِه ، وعُصارةَ جُهده وفكرِه ، فيُؤثر ُعليه من نواحٍ منها :
■ ازدحامُ الوقتِ عن إكمالِ محفوظِه وضبطِه .
■ انفكاكُه عن الصّحبةِ ، التي مع الوقتِ ستُفيده ثَباتا ، ومُنافسةً ، وعلماً
، وتجربةً .
■ انصرافُه عن شيخهِ في برنامجِه الأساس قبل اكتمالِ عقد مشروعِة ، ونُضوجِ
ثمرتِه ؛ مما يُفقده أشياءَ سيُدرك أثرَها لاحقاً .
■ عدمُ إكمالِ المسيرةِ ، وبذلِ الوقتِ للعناية بكاملِ الأعمالِ المتعلقاتِ
بالصحيحين بأصولها ، وفِقهها ، وقواعدِها ، ومُستدركاتها ... و .... و إلخ .
■ انشغالُه ببرنامجٍ جديدٍ عليه ، لم يُعرفْ به ؛ طالباً، عن مشروعٍ عُرفَ به
في أوساطِ طلبةِ العلم ، والشيوخِ ، وخَبَرَ شيئاً من دقائقه ، من خلالِ
معايشتِه اليوميةِ لحفظِه ، ومراجعتِه ، وتردّدهِ على حِلَقِه .
☆ فيا حُفاظَ السنةِ خُذوها من مُجربٍ سَبَقكم ، وجَرّب ما لم تُجربوا ، أعطوا
السُنّة حقّها ، وأنزلوها منزلتَها ؛ تَظفروا بكنوزِها ، وإلا فاعلموا أن هذا
العرشَ العلميّ لن يَبرعَ فيه مَنْ يَسيرُ فيه وهو مُثقلٌ بالمُزاحماتِ ، ولا
مَنْ لا يزالُ بَعدُ يَعيشُ التّردداتِ .
هذه دواوين ُالإسلامِ الكبارُ
(الصحيحانِ مع السنن الأربعة) هي أساسُ لا فُضولٌ ، وأصولٌ لا فروعٌ ، هي
بُحورٌ يَنهلُ منها أربابُ العلومِ ، والمختصراتِ ، فلا تذهبْ بكم الأوهامُ
بعيداً عن كنوزِها ، خُوضوا غِمارَها ، وسَابقوا في ميدانِها ، واقطفوا ثمارَها
، وتَفنّنوا في علومِها ؛ فقد حَوَت خلاصةَ ما أتى به المصطفى - عليه الصلاةُ
والسلام - قولاً ، وفعلاً ، وتقريراً ، فهي بحقٍ قُبةُ العلمِ وتاجُه بعدَ
القرآنِ .
▪ابذلوا لها الوقتَ حفظاً ، وإتقاناً .
▪وابذلوا لها الوقتَ فهماً ، وفقهاً وتأملاً .
▪وابذلوا لها الوقتَ قراءةً لشرحها وما كتب حولها.
▪وابذلوا لها الوقت عطاءً وبذلاً وإقراءً .
فلِمنْ تتركوْها ، وقد فُتحَ لكم بابُها ؟ وبأي شيئٍ تنشغلوا عنها ، وقد رأيتم
فضلَها ؟ .
☆اغتنموا هذا الفتحَ بالبذلِ فيه وله، وكونوا رؤوساً فيه بالثبات ، والصبر فيه
وله .
☆ هذه هي السُنة ميراثُ محمد - صلى الله عليه سلّم - بَذلَ الأئمةُ ؛ لأجلها
أعمارَهم وأنفقوا لتحصيلِها أموالَهم ، وهجروا لجمْعها أوطانَهم ؛ فلم يُخيبِ
اللهُ مسعاهم ، والبعضُ يَستكثرُ ما يَبذلُه لأجلها !! وهو متكئٌ على أريكتِه ،
باقٍ في بلده !! فسَلْ نفسَك ياحافظَ السُنةِ ، كم أعطيتَها من وقتك ؟ ومالك ؟
وفكرك ؟ واجتهادك ؟
اعزمْ على البذلِ ؛ لنشرِها يُعنْكَ ربُك ، ويفتحْ عليك من خيري الدنيا
والآخرةِ فوقَ ما تُؤمّل .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطّلبِ 《9》
* من الناسِ مَنْ يطلبُ العلمَ إلى أمدٍ معينٍ ؛ ثم ينقطعُ ، فمنهم مَنْ
يَطلبُه إلى الفراغِ من الجامعةِ ، أو استلامِ وظيفةٍ ؛ ثم يَنشغلُ و يَنقطعُ ،
و منهم مَنْ يطلبُه لفراغِه ، فإذا دهمتَه المشاغلُ ؛ انقطعَ !
وكلُ هؤلاءِ على خيرٍ ، لكنهم لا يكونون علماءَ غالباً ، وإنما يُفلحُ في
العلمِ ، وينالُ منه بغيتَه ؛ من يَثبتُ في طلبِه ، لا تَقطعُه القواطعُ ، إنْ
جاءته المشغلاتُ عن العلمِ تركَها ، أو تَخفّفَ منها حسْبَ طاقتِه .
عينُه على المرتبةِ العُليا ، وهمتُه لا تعرفُ الدُوْنَ ، وعزيمتُه لا تعرفُ
الإنقطاعَ ، مُتحركٌ ، لا ثابتٌ ، متقدمٌ ، لا واقفٌ ، لا يَفترُ عن الطلبِ ،
منشغلاً بالعلمِ ، والتزودِ منه ، ونشره حتى تُفارقَ روحُه جسدَه ، شعارُه مع
المِحبرةِ إلى المَقبرة .
هؤلاءِ هم الذين يرفعُ اللهُ بالعلمِ ذكرَهم ، ويبقي به اثرُهم ، ويكونون أئمةً
فيه ، ولا يُضيعُ ربُك إحسانَ المحسنِ ، ولا يُخيبُ مسعاهُ ، فاجعلْ شعارَك مع
المِحبرةِ إلى المَقبرةِ ؛ تنلْ بركةَ ما طلبتَ ، ولا يَضيعُ عليك ماحصّلتَ ،
ثبّتنا اللهُ وإياك .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطّلبِ《10》
* من المهمِ لطالبِ العلمِ ألاّ يقتصرَ في طلبِه للعلمِ ؛ على شيخٍ واحدٍ ،
مهما كان علُمه ؛ لِتتسعَ مداركُه ، وتَتنوعَ معارفُه ، ويكتسبَ من أخلاقِ
العلماءِ ، وطرائقهم .
هذا يُقالُ له : إذا كان شيخُه متمكناً من كلِ العلومِ ، فكيف إذا كان الحالُ ؛
أقلّ من ذلك بكثيرٍ ؟ وكان الشيخُ ليس متمكناً من بعض أبوابِ العلمِ ؟
فالتأكيدُ في تَنوعِ الشيوخِ يكونُ أظهر !
ومن نصيحةِ الشيخِ لطالبِه أن يُعينه على ذلك ، و يُرشده ، و يُشجعه ، ولا
يتغيرُ عليه بانتقالِه لغيرِه ، فالطالبُ ليس مِلكاً للشيخ ، لكن لابدّ أنْ
يكونَ تَنقلُُه ممنهجاً ، وتَنويعُ الشيوخِ مدروساً ؛ ليأمنَ الشتاتَ ، وتعظمَ
الفاىدةُ ، وتستمرَ العلاقةُ .
ومِن أحسنِ ما أُوصي به الطلابَ في هذا :
١- أنْ تحرصَ على الارتباطِ ببرنامجٍ علميّ يُؤصلك ، ويُثبتُك ، ويُربيك
، لكن لا تقتصرْ عليه ، وطوّفْ في أوديةِ العلمِ ، ولاقِ الشيوخَ بطريقةٍ تخدمُ
ما رُسمَ لك في منهجك ، فتكون الخطةُ العِلميةُ مرسومةً ، والتلقي فيه تَنوعٌ ،
كالنحلةِ تَسيرُ بين الزهورِ ، وتَجني من رحيقِها ، بطريقةٍ محددةٍ ؛ فيخرجُ
منها عسلٌ صافٍ .
٢- أن تكونَ التوصيةُ في ذلك ، من الشيخِ نفسِه ، فيرشدُ الطالبَ لمن يعلمُ
أنهم أعلمُ منه في هذا الفنِّ وأنفعُ للطالبِ ؛ ليختصرَ عليه عناءَ البحثِ ،
وينصحَه بمن يعلمُ أهليتَه ويُربيه على هذا المنهج .
وقد كان عددٌ من العلماءِ إذا سُئلوا قالوا : لا نعلمُ اذهبوا إلى فلانٍ ؛
ليُعلِّمَ الناسَ قدرَ المُوصى به
، وهذا من نصيحتِهم .
أحمد بن محمد الصقعوب
تجاربُ في الطلبِ ( 11)
* من أظهرِ الأمورِ على صفاءِ مَعدنِ الطالبِ ؛ وجودُ شيئينِ فيه :
الأول :
وفاؤهُ لمنْ أحسنَ إليه في الطلب ، برأيٍ وتوجيهٍ ، أو تعليمٍ ومعونةٍ ، فلا
ينسى ذلك ، مع طولِ العهدِ وشيوعِ صيتِه ، وارتفاعِ ذكرِه ، بل يعرفُ الفضلَ
لأهلِ الفضلِ ، مهما قلّ وتقادمَ ، فيذكرُ فضلَ مَنْ علّمه وتابعَه ووجّهَه في
بدايةِ أمرهِ ، وأنه كان لكلامِهم وتربيتِهم وتعليمِهم ؛ أعظم الأثرِ في
تكوينِه وتوجيهِه نحوَ الايمانِ ، والعلمِ ، والتّميزِ ، واختصارِ مشوارِ
الطلبِ ، والبعدِ عن الشتاتِ فيه .
ابتداءً بالقرآن ، وانتهاءً بالعلومِ الأخرى ، ويعلم أنْ بذلَهم ، وتوجيهَهم ،
وعطاءَهم ، ومتابعَتهم ؛ هو الغرسُ الذي أينعتْ ثمارُه ، فأكل منه كلّ حياتِه ،
وسيُمد - بإذن الله - بعد وفاتِه ، فخرج كما هو ، فلا ينساهم من دعائهِ ،
وثنائهِ ، وتقديرِه ، واحترامِه ، وصلاتِه ، ومعروفِه ، وتواضعِه ، قولاً
وفعلاً .
وبحقٍ لا يَرعى ذلك ؛ إلا مُوفق طيبُ المعدنِ ، زكيُ النفسِ ، حافظٌ للوُدِ
مراعٍ للعهدِ .
وفتشْ في نفسِك ، هل أنتَ كذلك ؟
الثاني : حُسنُ الأخلاقِ ، وطيبُ التعاملِ بالتواضعِ ، والبَشاشةِ ،
والصلةِ ، والبذلِ ، وعدمِ التلوّنِ معَ مَنْ علّمه ، أو عاشرَه وزاملَه من
صُحبتِه .
ودوامُ ذلك فيه ، فلا يَثبتُ عليها ؛ إلا مَنْ هي فيه أصلٌ ، لا فرعٌ ، ثابتٌ ،
لا طارئ ، لا تتبدلُ هذه الأمورُ بِتبدلِ الأحوالِ ، و لا بمرورِ الأزمانِ ، بل
كلما زادِ علمُه وارتفعَ ذكرُه ؛ زادتْ فيه هذه الأخلاقُ والآدابُ وضوحاً ،
وبريقاً ، وعمّ أثرُها معَ مَنْ يُعاشرُهم ، ففتشْ عن نفسِك ، هل أنت كذلك ؟ .
أحمد بن محمد الصقعوب