|
الإسلام دين العلم
جاء الله تعالى بالإسلام ، والأمم غارقة في ظلام الجهل ، فكان أول ما أنزل على
رسول صلى الله عليه وسلم : ((اقرأباسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق *
آقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم *علم الإنسان مالم يعلم) سورة العلق
0فكانت أول إضاءة في هذا الظلام الحالك ، ثم توالت إثرها الآيات المؤذنة بأن
هذا الدين دين علم ،فهو يدعو أهلة إلى العلم ، وينفرهم من الجهل ، فتحولت الأمة
الأمية إلى أمة علم ونور ، قال تعالى : ((هو الذي بعث في الأمين رسولا ًمنهم
يتلوا عليهم إياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال
مبين) سورة الجمعة.
فالدين كله مبني على العلم 0العلم بالله ، وبدينه ، والعلم بأمره ونهيه ،فلا
يعبد الله إلا بالعلم ، ولا يمكن أن تستقيم الأمة على المناهج الصحيح إلا
بالعلم .
أنواع العلوم
1- منها المحمود ، كعلم الشرع _ وهو أشرف العلوم
-، والعلوم التي بها قوام أمر الدنيا ،كالطب ، والصناعات النافعة ، ونحوها0
2- ومنها المذموم ، كعلم السحر ، والتنجيم 0
3- ومنها المباح ، كالعلم بالأ شعار التي لا
منافاة للشرع ، التأريخ ، ونحو ذلك
العلم الواجب:ـ
العلم الواجب على كل مسلم : أن يتعلم مل تيلم به عقيدته ، وتصح به عبادته ،
فيتعلم معنى الشهادتين ، وما يناقضهما ، وحق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه
وسلم إجمالاً، وأحكام الطهارة والصلاة إجمالأ، وإن كان لديه مال تعلم كيف يزكيه
، وإن كان له تجاره فعلية معرفةما يحل ويحرم في الجملة حتى لا يقع في الحرام،
وهكذاحتى يعبد الله على علم وبصيرة ،
قال صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجه في
مقدمته 1/81ح(224)ورواه غيره,وقد اختلف فيه فضعفه جماعه من العلماء, وقواه
آخرون,وقد حسنه الحافظ ابن حجر ,والمزي,والسوطي,وغيرهم.
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى في معنى الحديث :إنما طلب العلم فريضة
أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه فيسأل عنه حتى يعلمه ) المقاصد الحسنه ,وكشف
الخفاء
فضائل العلم
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لايحسنه ،
ويفرح به إذا نسب إليه،وكفى بالجهل ذما أن يتبرأ منه من هو فيه ) تذكرة السامع
والمتكلم
وللعلم فضائل كثيرة تدل على شرفه ورفعة مكانته ،منها :
1ـ أن الله تعالى وصف أهل العلم بالخشية له ,فقال
تعالى (انما يخشى الله من عباده العلمؤا) سورة فاطر. فالعلم يورث خشية الله
تعالى .
2- أن الله تعالى أمر رسوله صلىالله عليه وسلم
بطلب الزيادة منه ,فقال تعالى (وقل ربي زدني علما) سورة طه .قال الحافظ ابن حجر
–رحمه الله تعالى-عن هذه لأية : انما واضحه الدلالة على فضل العلم ؛لأن الله
تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب لازدياد من شيء الا من العلم) فتح
الباري أول كتاب العلم.
3- أن العلم سبب للرفعة في الدنيا و الأخرة ، قال
تعالى ( يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) سوره المجادلة
.والمعنى أن الله تعالى يرفع المؤمن على غيرة ، من المؤمنين
4- أنه علامة على إرادة الله تعالى الخير للعبد .
عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من يرد الله
به خيراً يفقهه في الدين ) متفق عليه
من آداب العالم والمتعلم
1- الإخلاص: فيطلب العلم تقرباً إلى الله وحدة ،
فينفع نفسه، ويعلم الآخرين ، لاأن يطلب العلم ليقال :عالم ،ولا لمباهاة الأقران
، وتعظيم الناس ، والتصدير في المجالس ، ولا يطلبة لتحصيل شهادة يتوصل بها عمل
دنيوي . روى أبو هريره رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن
أول الناس يقضي يوم القيامة عليه... )وذكر ثلاثة ،ومنهم (رجل تعلم العلم وعلمه
، وقرأ القرآن ، فأتي به فعرفة نعمة ، فعرفها ، قال : فما علمت فيها ؟ قال :
تعلمت العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال :
عالم، وقرأت القرآن ليقال : هو قارىء ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى
ألقي في النار) رواه مسلم
2- العمل بالعلم إن من أعظم ثمار العلم : العمل
به ، وإلا فما فائدة أن يعلم المسلم أن هذا الفعل واجب ثم تجدة معرضاً عنه ، أو
يعلم ان ذلك الفعل حرام ثم تراه منكباً عليه ، ولأجل هذا اهتم العلماء بهذا
الجانب ، فكتبوا فيه ، فمن ذلك كتاب : (اقتضاء العلم والعمل ) ، للخطيب
البغدادي ، وكتاب : ( ذم من لا يعمل بعلمه ) للحافظ أبي القاسم ابن عساكر رحمة
الله تعالى عليهما . قال صلى الله عليه وسلم :لا تزول قدما عبد يوم القيامه حتى
يسأل عن اربع خصال : عن عمره فيما افناه ، وعن شبابه فيما ابلاه ، وعن ماله من
اين اكتسبه وفيما انفقه,وعن عمله ماذا عمل فيه) رواه الترمذي عن ابي هريره
,وقال :حسن صحيح قال المنذري في الترغب والترهب اسناده صحيح
3- الدعوة إلى الله بما معه من العلم : ومن ثمار
العلم : بذله للناس , وهو من تبليغ العلم المأمور به في مثل قول النبي صلى الله
عليه وسلم (بلغوا عني ولو آيه) رواه البخاري
4- التواضع: فلا يترفع عن الآخرين عجبا بنفسه وما
وصل إليه من علم ، ولا يحتقر الناس ويزدريهم ، فالكبر خلق مذموم ،والتواضع
واللين خلق محمود ،فعن أبي هربرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال : (ما نقصت صدقة من مال ،وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا ، وما تواضع
أحد لله إلا رفعه ) رواه مسلم
ومن علامات التواضع : العطف على الصغير ، واحترام الكبير ، وألا يرى في نفسه
أنه أعلى قدراً من أقرانه .
5- أن يتأدب الطالب مع معلمه : فيحترمه ويجله ، ويتأدب معه في السؤال
،ولا يسابقه الجواب أو الكلام ،ولا يقاطعه ،بل ينصت إلى كلامه ، ولا يتحدث مع
أحدِ أثناء كلام المعلم .
فعن ابن عباس –رضي الله عنهما – أنه أخذ بركاب زيد بن ثابت – رضي الله عنه –
فقال له : تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم )، فقال ابن عباس : (إنا
هكذا نفعل بكبرائنا وعلمائنا) رواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد على
شرط مسلم .
6- عدم الجرأة على الفتوى وإصدار الأحكام بدون علم
،وليكن شعاره فيما لا يحيط بعلمه أن يقول :(لاأعلم )،أو(لاأدري)، فليس
أحد يزعم أنه يعرف كل شيء ،
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتي لمجنون ،
وقال الشعبي : لاأدري نصف العلم . رواهما الدارمي
تظهر خطورة القول –في الدين –بغيرعلم إذا علمت أنك في الحقيقة لا تخبر عن رأيك
، وإنما تخبر عن حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فكأنك تقول لمن
سألك :هذا هو حكم الشرع في ذلك قال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم000)
سوره الاسراء .
وقال تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والا ثم والبغى بغير
الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ًوأن تقولوا على الله ما لا تعلمون
) سوره الاعراف .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح أسوة حسنة ، فقد
كانوا إذا سئلوا عما لا يعلمون قالوا:(لاندري )،أو (لانعلم )،أو (الله أعلم )
وإليك مثالاً واحداً على ذلك :عن جبير بن مطعم –رضي الله عنه أن رجلا سأ ل
النبي صلى الله عليه وسلم فقال :أي البلاد شر؟ قال (لاأدري حتى أسأل ) فسال
جبريل عن ذلك ، فقال (لاأدري حتى أسال ربي ) فانطلق فلبث ما شاء الله ، ثم جاء
، فقال :(إني سألت ربي عن ذلك فقال :شر البلاد الأسواق ) قال الحاكم :هذاالحديث
أصل في قول العالم : لاأدري .
7- أن يتلقى العلم على أهله ، وهم العلماء ، ولا
يأخذ عن كل من هب ودب ،فإن المتكلمين كثير ، وكثير منهم لا يتورع عن إطلاق
التحليل والتحريم بدون علم .
8- محبه العلماء ، وتقدير جهودهم ، الحي منهم
والميت ، وعدم انتقاص أحد منهم ، فإن ذلك مزلة قدم ،قال صلى الله عليه وسلم
(قال الله تعالى :من عادي لي وليأ فقد آذ نته بالحرب) رواه البخاري
قال ابو حنيفه و الشافعي رحمهما الله تعالى :إن لم يكن العلماء أولياء لله فليس
لله ولي ) التبيان في آداب حملة القران
وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله تعالى :إن لحوم العلماء مسمومة ،
وعاده الله في هتك أستار منتصيهم معلومة ، وإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب
، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب . التبيان في اداب حملة القران
9 ـ الاستمرار في طلب العلم ، وعدم التوقف عند حد
معين ، وليس الغرض مجرد تحصيل شهادة معينه ثم ينتهي التعلم ، بل يستمر في تحصيل
العلم وزيادته الى اخر العمر ، قال الامام احمد : انما اطلب العلم الى ان ادخل
القبر ) مفتاح دار السعاده
10- خدمة امته ووطنه بالمجال الذي يحسنه ويتقنه ، وهذا
من العمل بالعلم . واخيرا فليحذر الطالب من القراءه غير النافعه ، فانها
تضيع الزمان ، وتشوش الفكر ، وقد تفسد العقائد ، وليحرص على انتقاء ، وليسأل
عما يقرا من يثق به من عالم واستاذ ومرب ، وليس المراد بالعلم مجرد القراءه ،
فان القراء اليوم كثير ، ولكن العلماء قليل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
علي بن عبدالعزيز الراجحي
الرياض alt1@maktoob.com
ص ب 26200 الرمز 11486