|
بسم الله الرحمن الرحيم
جلس سعيد يتذكر أولاده وزوجته فى قطار عودته وكله شوق بعد طول غياب عن زوجته
وأولاده فقد تذكر هذه الجلسات الحانية الرقيقة ، ولكن كم كانت الفاجأة التى
نزلت عليه كصاعقة من السماء فبعد ما فتح باب شقته وجد السكون يخيم على المكان
والمان ، أين زوجتى وأين حسام ولدى وهاجر ابنتى ، لقد كان الجميع نائماً ، رباه
أيعقل هذا ، لماذا لم يكون فى إستقبالى بعد هذه الغياب الطويل ، لقد كنت أمنى
نفسى بوقت جميل اقضيه مع زوجتى بعد عظيم شوق وطول غياب ، وأخذته الأفكار يمنة
ويسرة ، وكان أمام موقفين له أن يتخذ أحدهما أن يلتمس لها عذراً -لم يتصل بها
ليخبره ، كانت طوال يومها منهكة فى أعمال البيت بعد عودتها من عملها المرهق ،
وأما الموقف الثانى فكان غضبة شديدة وحزن أشد وألم أشد وأشد يبنى بكل هذا أسوار
وأسوار بينه وبين زوجته ، لماذا لم تتهياً لى ، لماذا لم تنتظرنى ؟! واختار
سعيد الموقف الأول ليكون سعيداً فى بيته فقد علم وتعلم أن إلتماس العذر أمر فى
غاية الأهمية لسير الحياة ، ومضى اليوم وانتهى الموقف وخرج سعيد غانماً بيته
ووقته وهدم حائطاً كان فى طريقه للبناء بينه وبين زوجته .
لكم هو رائع أن يكون إلتماس العذر سبيل للتعامل من الأزواج ، لعله عائد
من عمله متعباً فلم ينتبه لثيابى ، لعلها لم تنتبه لموعد عودتى فتأخرت فى
إعداداها الطعام ، ماذا لو كانت مثل هذه الكلمات ومثل هذه الروح هى السبيل فى
تعاملاتنا ، واذكرك بأصل وضعه النبى صلى الله عليه وسلم :- ( التمس لإخاك عذرا
إلى سبعين عذرا ) فقبل أن نصدر الأحكام لابد أن نقدم الأعذار .
من كنوز العارفين ..
قال الفضيل ابن عياض :- " الفتوة :- العفو عن عثرات الإخوان " ، وأما
ابن المبارك فيقول :- " المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم " ،
ويقول الإمام الشافعي :- " من أراد أن يقضي الله له بالخير فليحسن الظن بالناس
" ، وقال أحد الحكماء :- ( فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه،
فأحسن الظن بمن حولك وإياك وسوء الظن بهم وأن تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم
وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب ) .
أيعقل أن نملة تسبقنا ؟!
أيعقل أن تلتمس النملة العذر ونحن لا ؟! لقد قالت :- ( وهم لا يشعرون )
قالتها بعد صيحتها لبنى جنسها النمل :- ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا
يَحطِمَنَّكُم سليمان و جنوده ) لقد إلتمست لبنى الإنسان عذراً فى جرمهم الذى
قد يرتكبوه من غير شعور منهم لصغر حجمها وضآلته .
أيها الزوج الحبيب .. أيتها الزوجة الكريمة لنغلق علينا أبواب من مشكلات لا
تنتهى بلعل ، بإلتماس العذر ، بربما لم ينتبه ، لمثل هذا الكلمات وبغيرها نعش
سعداء ..
* مدير تحرير موقع منارات ويب للعلوم الشرعية .