حين بدأ استعمال ( البيجر ) طار الناس فرحاً ، كونه أمراً جديداً ، يستطيع معه
، مَنْ يريدك أن يبلّغك بذلك ، أين كنت .. ولم يمض كبير وقت ليكتشف الناس أنه
أدخل مزيداً من الشقاء إلى حياتهم ، فقد كان على من يُتصَل عليه ، من خلال
البيجر ، أن يركض إلى اقرب هاتف ( ثابت طبعاً ) ليتصل .. ومن ثم فقد كان البيجر
يصبّ في مصلحة المتصل ، لا المتصل عليه .. ولذا فإن الناس الذين كانوا يركضون ،
لمجرد أن يدق رقم ، حتى لو لم يعرفوه ، على بيجر أحدهم .. أصبحوا ، مع مرور
الوقت ، يتثاءبون ، وهم يمشون ببطء ، حتى لو كان المتصل أحد افراد اسرهم .!!
ولذا ما إن أعلن عن قدوم الهاتف الجوال ، حتى حدثت معارك ، في زحمة الطوابير ،
التي تقف أمام بوابات موظفي الاتصالات ، مسابقة في حضورها حضور موظفي الاتصالات
أنفسهم .. ولم يبال الكثيرون أن يدفعوا عشرة آلاف ريال ، رسماً للجوال ، في
بداية الأمر .
وبالفعل فقد أدخل الجوال البهجة والسرور على حياة الكثيرين ، وإن كان يكدر ذلك
السرور ، خروج الفاتورة المثقلة بالريالات ، آخر كل شهرين .
وحاول البعض أن يخفف من ضغط الفواتير النفسي عليه فلجأ إلى البطاقات المسبقة
الدفع .
أصبح الجوال يسمعنا صوت من نريد ، في غالب الأماكن ، التي نكون فيها .. وأصبح
وسيلة تجبر الجسر الذي كاد ينهدم بيننا ، وبين بعض أقاربنا ، وبعض أصدقائنا
القدامي أو البعيدين ، عن طريق الرسائل .. بل أصبحت رسالة طريفة قد تغيّر مزاج
صاحب الهاتف المتعكر ، حين تندلق ابتسامته ، إثر قراءة تلك النكتة ، التي نقلها
له الجوال .
بل كم من حالات الإنقاذ التي تمت عبر الجوال ، وكم الخدمات الأمنية ، التي كان
الجوال هو الوسيط فيها ، ضد مخترقي الأمن ، ومثيري الشرور والفتن .
بل هناك خدمات ترفيهية ، لا يزال الجوال يطالعنا بها ، بين حين وآخر .
لكن ، في مقابل تلك الجوانب الإيجابية كلها ، ثمة سلبيات مزعجة ، ولكن لم يكن
الجوال هو المسؤول عنها ، بل مستخدموه السذج والسفهاء .
ولعل أبرز سلبيات استخدام الجوال تورط الأزواج ، في المعاكسة وإقامة العلاقات ،
مع النساء . ولكن المعاكسة لا تقتصر على الجوال ، حيث يقاسمه فيها التواصل عبر
الانترنت . وإن كان الانترنت يفوق الجوال كونه يجمع إلى الصوت الصورة .
بين يوم آخر تتصل عليّ زوجة مفزوعة ، وهي تشير إلى أنها كشفت زوجها يعاكس ، في
الجوال .. أو أنها اطلعت على رسائل غزلية ، مرسلة منه أو له ، تقطر شوقاً ورقة
.!
وتشير زوجة أخرى إلى أن زوجها يجري محادثات يومية ، مع بنات ، من خلال برنامج (
what's app ) .
وهناك من تكون مفاجأتها أكبر ، وفزعها أشد ، لأنها وجدت مع الرسالة صورة للفتاة
، التي بعثت الرسالة . أو صورة لزوجها ، قد بعث بها إلى فتاة . وقد تكون تلك
الصور ، في أوضاع مخلّة .
وهناك من تريد الاتصال على زوجها ، من مقر عملها ، فتفاجأ بأن شحن جوالها انتهى
أو كاد .. فتضطر إلى الاتصال على زوجها من جوال زميلتها ، لتفاجأ بأن زوجها
أقام علاقة مع تلك الزميلة ، أو تفاجأ بتلك الزميلة تشكو لها من شخص يضايقها ،
لتكتشف بعد أن ترى الرقم ، بأنه رقم زوجها ، الذي خزّن رقم الزميلة ، حين اتصلت
زوجته ، وكأنه كان يبحث عن امرأة يعاكسها ..!
وهناك من تعلّم زوجها الدخول إلى شبكة الانترنت ، وتؤسس له بريداً الكترونياً ،
وحين يمضي بعض الوقت ، وتدخل الحاسب بعده ، ترى آثاراً تدل على بدايات عبث ..!
بل إن هناك من يقدر له الدخول ، من حاسب زوجها ، أو الحاسب المشترك بينهما ، أو
من حاسبها الذي دخل منه زوجها للشبكة ، ثم تفاجأ بأن زوجها لم يغلق الإيميل ،
فتجد فيه عدداً من البنات المضافات .. وربما ملفات منهن ، تحوي صورهن ..!
وأسوأ الحالات أن تدخل الزوجة فجأة على زوجها ، في وقت يظنها غارقة في النوم ،
ثم تفاجأ به ، في وضع مخلٍّ ، وهو يمارس الجنس الالكتروني ، مع فتاة ، على شبكة
الانترنت ، من خلال المايك والكمرة .
ولكني ، من خلال سنوات طويلة من سماع مثل هذه الشكاوى ، أؤكد أن ( أكثر )
العلاقات ، التي يتورط فيها الأزواج ، هي علاقات لا تتجاوز الكلام والرسائل .
ولا فرق بين الأزواج ، في التورط بالمعاكسة ، بين الصغير والكبير ، والغني
والفقير ، والمدني والعسكري ، وذو الرتبة الصغيرة والكبيرة .. فكل من هذه
الشرائح مندوبون ، في دائرة المعاكسة ، وإقامة العلاقات .. وإن تفاوت حجم
تمثيلهم فيها ..!
وليس هناك اعتبار للعمر ، في موضوع معاكسة الأزواج ؛ فبعضهم يعاكس ، وهو في
الستين ، وبعضهم وهو في الأسبوع الأول ، من الزواج . لكن بالتأكيد أن الشريحة
الأولى هي الأقل . والأغلب هو ما يكون عمر الزواج فيه بين سنتين وعشر سنوات .
ولعل من أطرف المشكلات ، المتعلقة بهذا الجانب ، تلك الزوجة التي شابت علاقتها
بزوجها الكثير من المشكلات ، وحين اكتشفت أن زوجها له علاقات ببعض الفتيات ، لم
تلبث أن اشترت بطاقة مجهولة الهوية ، وظلت تتصل عليه ، باعتبارها شابة غريبة ،
حتى أدخلها دائرة علاقاته .. حتى إنها لتقول – ساخرة - : ربما أنزل السماعة مني
، إثر اتصال صاخب بيني وبينه ، ليتصل عليّ من الرقم الآخر ، ليعاكسني ، طبعاً
دون أن يدرك أني أنا زوجته ، التي انهى الحديث معه مخاصماً ، منذ دقائق ..!!
ولكي يتخلص الأزواج المتورطون ، بالعلاقات والمعاكسات ، من حصار زوجاتهم ، أو
مفاجآتهن ( التفتيشية ) راح بعضهم يستخرج رقماً آخر ، يخفيه – عادة - في
السيارة .. ولكن الزوجات بحدسهن لا يلبثن أن يكتشفن ذلك ، ليظل الأزواج يمارسون
أدواراً ( تمثيلية ) تضحك منها الزوجات ، في دواخلهن ؛ فبعض الأزواج ليس الجوال
له ، بزعمه ، ولكنه لصديقه أعطاه إياه ، ليحفظه له ..!
وذلك يذكرني بالنكتة ، المنسوبة إلى بهلول المجنون ، وقد رأى معه رجل طعاماً
يأكله ، فطلب منه أن يطعمه منه ، ولكن مفاجأته كانت كبيرة ، وبهلول يقول له :
إنه ليس لي ..! فسأله – بتعجب - : ولمن هو إذن ؟ .. فقال بهلول : إنه لزبيدة ،
زوجة هارون الرشيد .. أعطتني إياه ، لآكله لها ..!!
وبعض الأزواج حين تكتشف زوجته رسالة ( مريبة ) ، مرسلة من جواله ، وتسأله ،
يبادر بالقول : إنها بالتأكيد ، لزميله ، فهو قد استعار منه جواله ، هذا اليوم
..! ثم يبدي أساه ، على وضع ذلك الزميل ، منتقداً ذلك السلوك ..!
وثمة إجوبة ( غريبة ) يسارع بعض الأزواج ، في رميها ، في وجوه الزوجات ، حين
يكتشفن علاقاتهم ؛ فهناك من يتحوّل لمفتٍ ، فيقول لزوجته : إنه مجرد كلام ،
وأنه لا شيء في ذلك ..!
ومنهم من يزعم أنها زوجة ثانية ، أو أنه قد تزوجها مسياراً .
لكن هناك أزواج ، تصل فيهم الوقاحة مداها ، وهو يقول لزوجته : نعم أعاكس ، ولي
علاقات .. يعجبك ، وإلا فإن الباب يطلع جمل ..!
ولكل زوجٍ معاكسٍ حكاية ، ولكن أروعهم الذي يدرك أن سلوكه ذاك خاطئ ، ومن ثم
يدرك أن انزعاج زوجته وصدمتها ، دليل على عمق حبّها له ، ومن ثم يتحمّل عتابها
، بل ويكون شجاعاً ، وهو يعدها أن يغلق ذلك الملف .
والمعاكسة وإقامة العلاقات ، لدى الأزواج يكون المشجع عليها الفتور الزوجي ..
ومن مظاهر الفتور الزوجي ، الانشغال بالأبناء .. فالزوجة ، حين يبدأ لديها
إنجاب الأطفال قليلاً ما تكون قد خططت لذلك .. أو تثقفت في إدارة ذاتها ووقتها
، بين زوجها وأولادها .. ومن ثم فقد تتباعد عن زوجها .. ويكون الأمر أكثر
وضوحاً ، حين يحدث إنجاب ( عدد ) من الأبناء المتتالين ، في سنوات الزواج
الأولى .. فالزوج محتاج إلى زوجته ، نفسياً وجسدياً ، وزوجته تمسي منهكة من
معركة عنايتها بأولئك الأطفال .
وقد تعمدت أن اسأل ، ضمن أسئلتي ، في مشكلات وجود علاقات للزوج ، فرأيت أن من
الحالات ، التي يكثر فيها تورط الزوج ، في إقامة علاقات ، خارج نطاق الزوجية ،
وجود عدد من الأطفال ، في سنوات الزواج الأولى .. فمثلاً قد تنجب الزوجة ثلاثة
أطفال ، خلال سنوات الزواج الأربع الأولى ..! وسواء أكان ذلك رغبة منها ، أو
حباً في الأطفال ، من قبل زوجها ، أو كونه أمراً لم يحسبا له ، فإن ذلك سيترك
أثراً سلبياً ، في العلاقة بين الزوجين ، ما لم ينتبها له .
ما بعد الصدمة :
راجعي نفسك :
العقل يقتضي من الزوجة أن تتأكد هل هي قد اشبعت حاجات زوجها .. لست ممن هوايتهم
رمي كرة المسؤولية – دائماً – في مرمى الزوجة ، لكني أرى أن من الجيد أن تتأكد
المرأة ألا مسؤولية لها ، في وقوع زوجها ، في مثل تلك العلاقات .
يفترض أن ينتهي الموال : " ما قصرت معه في شيء " .. أو إنني سألته : هل قصّرت
معك في شيء ، وأجاب بالنفي .
لأني وجدت أن بعض الزوجات تكون مثل بعض وزراء الخارجية ، فيما هو عليها ، فتعمد
للنفي ، وتكون وزير إعلام ، فيما هو لها ، فتعمد إلى الإشادة ..!!
الزوج ذو العلاقة ليس دائماً سيئ :
ليست وجود العلاقات ، في حياة الزوج – دائماً – علامة على سوئه .. إن وجود مثل
تلك العلاقات ، قد يكون بسبب ضعف الزوج ، حين تتصل عليه فتاة ، وتظل تطرق باب
جواله ، ثم تمدّ معه حبل حديث ، لا يلبث ذلك أن يتحول إلى علاقة .. وقد يكون
وجود العلاقات ، في حياة الزوج ، بالفعل ، دليلاً على سوئه ، خاصة حين يكون ذا
علاقات قبل الزواج ، ثم فقط جمّدها وقت الزواج ، ليستأنفها بعد ذلك .!
وهذا يكون – غالباً – حين تكتشف الزوجة وجود علاقات لزوجها ، في أيام الزواج
الأولى ، او على الأقل ، في شهر الزواج الأول .
وقبل مدة كلمتني فتاة ، ذكرت أنها سافرت مع زوجها لقضاء أسبوع العسل ( !! ) ..
وحين كانت تجلس معه ، في غرفة الفندق ، دقّ جواله ، فنظر فيه ولم يرد ، وبعد
دقائق استأذنها أن يحضر لها عصيراً طازجاً .. ولم يفت الزوجة ، فإذا هي تطالع –
من النافذة – خروجه .. ولم يخب ظنها فقد خرج وهو يتكلم في الهاتف ، وظل يتمخطر
في الشارع ، وهو يتحدث ، قرابة ربع ساعة .. ورجع ، ومضى بعض الوقت ، لتستغل
غفلة منه عن جواله ، ولترجع إلى الرقم الذي كان يتحدث معه ، تلك الساعة ، وإذا
هي فتاة ..!
وربما أستطيع القول إن هناك فرقاً ، في دنيا الأزواج ، بين من يكون سوءه (
مقصوراً ) على وجود علاقات نسائية ( هاتفية أو نتية ) .. فهو يعامل زوجته
باحترام ، ويشبع غالب حاجاتها ، ولا يقصّر في النفقة عليها ، قدر ما يستطيع ..
ثم هو رجل له احترامه بين أهله وزملائه .. ويعطي الناس حقوقهم .. ويجتهد في
أداء حقوق الله عليه .
فرق ( كبير ) بين مثل هذا الزوج ، وزوج آخر تعدّ العلاقات النسائية ، في حياته
، واحدة من الخروق ( الخلقية ) ، التي يمتلئ بها ثوب سلوكه .. بحيث إنه لا يشبع
حاجات زوجته ، ويتهرب منها ، وربما قصّر في النفقة عليها وعلى أولاده .. ثم إن
تعامله معها غير جيد .. وهو قبل ذلك ذو دين رقيق ، فقد يجمع الصلوات ، فضلاً عن
كونها يؤديها في البيت ، بل ربما كسل عن أدائها .
وعلاج النموذج الأولى أرجى من علاج النموذج الثاني .. والأول قد يكون وراء
تورطه – غالباً – سبب .. وهو يشعر أن ما يمارسه سلوك سيء ، حتى وهو يمارسه ..
ثم هو حريص على الحفاظ على سمعته ، وهو يضع اعتباراً كبيراً لأبنائه .. على حين
يكون النموذج الثاني قد خلع رداء المسؤولية .
وقد يكون الأول خضع لتربية جيدة ، لكنه بشر اعترضته حفرة فوقع فيها ، على حين
يكون النوذج الثاني قد تعرض لتربية غير جيدة ، وإن كانت النية فيها طيبة ( !! )
.. ومن ثم فهو قد يكون يعشق الحُفَر ..!!
قوة الشخصية في الموطن الخطأ :
لكني وجدت أن من أسباب تورط ضعاف النفوس ، من الأزواج ، في العلاقات ، من
أسبابه قوة شخصية الزوجة ، التي قد تكون طغت على شخصية الزوج .. وفي ظل ذلك قد
تتعامل معه كولد ، لا كزوج ، فلا تشبع حاجته للتقدير والاحترام ، ولأن الزوج
يحب أن يشعر بذلك فإنه يبحث عن صوت أنثوي حانٍ ، يشبع ذلك عنده . فكيف حين يكون
سلوك الزوجة قد طبع البيت بطابع الصخب ، خاصة حين تكون الزوجة سريعة الانفعال
والغضب .
وكذلك ضعف تفاعل الزوجة ، في العلاقة الخاصة مع الزوج ، وتحويلها إلى علاقة
ميكانيكية ؛ باسم الخجل حيناً ، وعدم الاعتياد ، حيناً آخر .
وكذا اعتياد الزوجة على ارتفاع صوتها ، أو خشونة لغتها مع زوجها وأولادها . ولا
أزال أذكر حين كلمني شاب ، قدم للمشكلة بقوله : أريد أن أكون صريحاً معك .. ثم
راح يحكي كيف أن زوجته ضبطته أكثر من مرة ، في علاقة هاتفية ، بفتاة ، ما دعاها
إلى تركه ، والذهاب لأهلها .. ويسأل كيف له أن يحل مشكلته ، ويعيد زوجته ..
ورحت أسأله ، وأنا أثني على صراحته ، واعترافه بخطئه : لا أود إحراجك .. ولكني
أود أن توضح لي ما الذي دعاك إلى أن تتحدث مع فتاة أجنبية ، وقد حباك الله
بزوجة ..؟! .. فأجابني ، والخجل يغلف كلماته : أنا وزوجتي كلنا تزوجنا صغار ..
ولم نعرف التعامل الأمثل ، في الحياة الزوجية ، فكان يغلب علينا الخشونة ..
وحين تعرفت على هذه الفتاة أحسست باهتمام غير عادي منها بي ؛ تسألني عن أكلي
ونومي ... بينما تصفق زوجتي في وجهي الباب ..! ومع أن هذا الإحساس له بعده
النفسي .. إلا أني عقّبت على كلامه بقولي : أنت تدرك تماماً أن هذه الفتاة
تسوّق نفسها لديك .. ولكنك لو ارتبطت بها لربما صفقت الباب بوجهك ..!!
حين يكون دور زوجته معه كثرة الطلبات ، ولا تتبع ذلك ، بصورة عفوية ، الشكر
والدعاء ، ثم يسقط في براثن امرأة تغرقه ، في بحيرة من المديح .
أحياناً حين لا تتاح للزوج فرصة الخلو بزوجته سوى وقت النوم المتأخر
، كأن يكون ساكناً مع أسرته ، وتكون زوجته منشغلة معهم ، ولأن البيت يسكنه إخوة
الزوج البالغون ، فإنها لا تستطيع أن تبدي زينتها لزوجها سوى في غرفتهما الخاصة
، وربما بعد أن تنهي أعمال بيت العائلة ..!
عالجي بحكمة :
الزوجة ، وهي تشكو وضع زوجها ، المتورط بالعلاقات ، قد تبدو منفعلة ، ومن ثم
فإن حماسها يصل إلى القول : " إني كرهته .. كيف يخونني " .. أو : " أنا سأطلب
الطلاق .. لا يمكن أن أبقى مع زوج خائن " ..! لكني وجدت أن ذلك – في الغالب –
ليس هو الحقيقة ، وأن الزوجة تحب زوجها ، بدرجة كبيرة ، لكنها مصدومة .. وتريد
أن توصل ، بمثل كلامها السابق ، من تحدثه ، مستوى الصدمة لديها ، وتحسسه بشدة
وقع المشكلة عليها ..!
إذا قدّر لك وفاتحت زوجك ، في الموضوع ، فمن الحكمة ألا يكون ذلك وأنت منفعلة ،
فستكون النتائج غير جيدة .. وأن تكوني ، حين الحديث معه ، قادرة على ( ضبط )
نفسك .. ثم لتُفَرّقي ، في الحديث معه ، بين ذاته وسلوكه .. يمكنك – مثلاً – أن
تقولي : أنا مصدومة جداً .. أنا لم أكد أصدق نفسي .. معقول فلان يفعل هذا ..!
كما يمكنك الحطّ من شأن ذلك الفعل ، كأن تقولي – مثلاً - : " هذا سلوك غير جيد
إطلاقاً .. هذا سلوك لا يمكن أن تحتمله زوجة ، تحب زوجها "
وفي المقابل ليس من الجيد إطلاقاً أن تنال الزوجة من ذات زوجها ، لأن هذا
سيستفزه ، ومن ثم فبدلاً من أن تدفعه إلى الاعتذار ، قد يركب رأسه ، ويحاول
شرعنة سلوكه ، ويصبّ عليها الاتهامات .. فلتجتنب الزوجة العاقلة – مثلاً – قول
: " أنت خائن .. أنت لم تتربّ ، أنت إنسان فاشل .. الآن ادركت ان لك وجهين ..
عرفت أنك كنت تخادعني .. عرفت أن كل علاقتك بي تمثيل في تمثيل " .
ولو قدر ألا تملك الزوجة نفسها ، وتفوّهت بمثل هذا الكلام ، فمن الجيد ألا
تكرره ، على الأقل ..!!
لكن الأولى أن تتكلم معه ، إن قدر لها المواجهة ، بـ( قوة ) ولكن بـ( أدب ) ..
بحيث يكون كلامها على النحو التالي : " أنت زوجي وأنا زوجتك .. عشنا حياة جميلة
.. لست كاملة لكني حرصت على أن أبذل كل جهدي .. وقد أكون مقصرة ، فأنا أنتظر
منك تنبيهي ..
ثم أنت رجل كبير ولست صغيراً .
رجل متعلم ولست جاهلاً .
رجل عاقل ولست أحمق .
أقسم لك لو لم يعجبك لون ثوب ، لما دخل بيتي .
ولو لم يعجبك لون من الطعام ، لما شممت رائحته ، في المطبخ .
ولو لم تعجبك مني كلمة ، لحاولت مسحها من ذاكرتي .
لكن هذا السلوك لا أرضاه ، ولا أقبله .. أبداً "
وجميل – وقتها – أن تقوم بمحاذاته ، وأن تضع عينيها في عينيه ..!
وما مضى يمكن إذا كانت الزوجة ( مصرّة ) على مكاشفة الزوج .. لكني ، في الحالات
العادية ، أي حين تكتشف الزوجة علاقة ، في حدود المكالمات أو الرسائل ، وهي لا
ترغب – إطلاقاً – أن يحدث هجر بينها وبين زوجها ، فضلاً عن الطلاق .. فأرى أن
تتماسك جيداً .. ثم تراجع قراءتها لـ( شخصية ) زوجها ، لتتأكد من ( تقاربها )
معه .. فمثلاً قد تكون الزوجة ( وقورة ) أكثر من اللازم ، والزوج يحب المزاح ..
وقد تكون الزوجة ( حساسة ) ، بحيث أن الزوج يرى ان عليه أن يتحفظ ، في كل كلمة
يقولها لها ، وإلا راحت تفسرها تفسيراً سلبياً .
وقد يكون الزوج ( رومانسياً ) ، وعجز أن يدخل الزوجة ، في ذلك العالم ، لأنها
تربّت في مجتمع لم يعتد ، على تلك الأمور .
وقد يكون الزوج يحب الرومانسية ، لكنها يخجل من ممارستها علنياً ، مع زوجته ،
ولذلك يسرقها ، ويستمتع بها عبر العلاقات ، باعتبار أن من يكلمها لا تعرفه ..!
وهنا تكون الزوجة هي المبادرة ، ويكون الزوج كمن يدخل مدرسة محوّ الأمية ،
ليتعلم الحروف الهجائية ..!
احرصي – قدر الإمكان – ألا تخرجي مشكلتك خارج بيتك ، حتى ولا لأهلك ، إلا في ظل
ظروف محدودة ، لأن ذلك قد يفاقم المشكلة ، وقد يأخذ أهلك صورة سلبية عن زوجك ،
في وقت لا يستطيعون تقديم حلٍّ ناضج لك .
وتأكيدا على ما سبق ، فليس من الحكمة مصارحة الزوج .. فحين مصارحة الزوج
باكتشاف علاقة له مع امرأة أو نساء قد يراعي ردّة ( الفعل ) القوية ، فيعتذر ،
لكن بالتأكيد ستكون ردّة الفعل ، في كل مرة ، أقل من سابقتها ، ومن ثم فإن هذا
قد يجرئ الزوج ، على المضي أكثر في ذلك الطريق .
وقد يقلب بعض الأزواج الطاولة – كما يقال – على الزوجة ، فيفتعل مشكلة أخرى ،
تكون هي المسؤولة الأولى عنها ، لكي تنسى المشكلة الأولى ، وتؤثر السلامة ..
فحين تسأله عن وجود علاقات له ، غير جيدة ، يلتفت إليها ، وهو يقول : قبل ذلك (
كله ) أجيبيني : من الذي سمح لك أن تفتحي جوالي ..؟!! ليجعل من فتح الجوال ، أو
الحاسب ، مشكلة يهرب بها عن المشكلة الأصلية ، التي حاولت زوجته مناقشتها معه .
وقد يكون بعض الأزواج وقحاً ، كما أسلفت ، فيبدي عدم المبالاة ، وهو يعترف بذلك
.
حين يقدر أن تكتشفي ، لزوجك علاقة ما ، ثم تصارحيه ، ويعتذر لك ، عن تورطه ، في
معاكسة أو وجود علاقة ، بادري إلى شكره ، وأظهري إعجابك بثقته بنفسه ، وتجدد
حبّك له .
احذري الاتصال ، على ما تجدينه ، في جوال زوجك ، من أرقام تشكين أنه لنساء ، له
معهن علاقات ، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة ، أقلها تعبك النفسي ، في ظل لا
مبالاة من تتصلين عليها ، وأسوأها أن يكون من تتصلين عليه رجلاً ، له علاقة
صداقة أو زمالة بزوجك ، فإما أن يكون سيئاً ، ويظل يتصل عليك ويحرجك ، دون أن
يدري أنك زوجة زميله أو صديقه . وقد يذكر لزوجك اتصالك ، ثم يطّلع زوجك على
الرقم ، ليعرف انك المتصلة ، وقد يداخله شك ، أو على الأقل يقع ، في نفسه أنك
تتابعين اتصالاته ، وهو أمر له وقع سيء على نفسه .
احذري أن يكون همّك أن تستشيري ، في مشكلتك تلك ( أيّ ) أحد حولك ؛ من صديقة أو
زميلة ، فقد يكون حماسها كبيراً ، وتفاعلها صادقاً ، ونيّتها طيبة ، لكن ذلك
كله لا يلزم منه أن يكون حلّها صحيحاً ، أو حتى قريباً من الصحة .
ليس من العقل أو الحكمة ، حين تريد الزوجة مناقشة زوجها ، وثنيه عن المعاكسة ،
وعتابه حين التورط فيها أن يكون ضمن إقناعك له بترك العلاقات ، أو عتابك له ،
على وجودها ، أن تقولي : هل ترضا أن أعاكس أنا .. أو تقولي ، وهو أسوأ : ألا
تخشى أن أعاكس مثلك .؟!! لأن بعض الأزواج الحمقى ، قد يأخذ هذا المر محمل الجد
، ثم يظل يضيق على زوجته .
بعض الزوجات تتذمر من كثرة أسئلة زوجها لها ، عمن اتصلت عليه ، ومن اتصل عليها
، مع تأكدها بأن له علاقات بنساء .. وهنا فإن صبر الزوجة ، في ظني ، أولى ، من
أن تفاتحه بشيء من ذلك .
هناك فرق ، في رأيي ، بين زوج له علاقات ( متعددة ) بنساء ، وبين زوج له علاقة
بامرأة ( واحدة ) ، فهو في الأولى ( عابث ) بالتأكيد ، وهو في الثانية ، قد
يكون مبتلى ..!
احذري أن تحاولي اختبار زوجك ، أو التأكد من تورطه ، في مثل ذلك السلوك ، عن
طريق الاتصال عليه ، من بطاقة هاتفية ، وإن كانت مجهولة الهوية ، أو تطلبي من
إحدى صديقاتك القيام بذلك الدور .
الشيء الذي أقف عنده كثيراً ، ويصعب عليّ تجاوزه ، حين تكتشف الزوجة ، بأدلة
قاطعة ، علاقة لزوجها تصل حدّ اللقاء الجنسي ، وليس مرة واحدة ، أخطأ فيها ،
وبدا عليه الأسى .. ولكن أكثر من مرة .. أو أن يكون يصارح زوجته بذلك دون
مبالاة .. وبعض الزوجات ، تبتلى بمثل هذا اللون من الأزواج ، مع قلّتهم ، ومع
أنها تشعر بضيق لا ضفاف له ، وتعيش حياة بئيسة ، وتظل تشكو لكل أحد .. إلا أنها
لا تستطيع اتخاذ قرار ، ولو بالذهاب لأهلها .. لأنها تخشى أن يطلقها ، فهي –
على حسب تعبير من سمعت منهن – ( تحبّه ) ..!!
صحيح أن بعض الزوجات تجد نفسها مضطرة للبقاء مع زوج كهذا .. فوالداها متوفيان ،
أو في حكم المتوفيين .. وليس ثمة إخوة ، أو ان إخوتها يتلافون التدخل ، في
أمرها خشية أن يتورطوا بها وبأولادها ..! خاصة وقد تكون لا مال لديها ، وليست
مرتبطة بعمل .. فهنا قد يعذرها الإنسان .. وإن كان يرثي لها ، لأن جدار نفسها
سيظل يتصدع يوماً بعد آخر .. وستموت بالتقسيط .
لكن حين يكون لديها المال ، الذي تستغني به عنه ، أو يرزقها الله بأهل يقفون –
بعقلٍ – إلى جانبها ، ويناصرونها بحكمة .. فإن بقاءها لديه ، بحجة حبّها له ،
هو دليل حاسم ، على أنها لا تحبّ نفسها ..!!
وقد يمنع من ابتليت ، بمثل هذا الزوج ، من تركه ( خوفها ) من أخذه الأبناء ،
وممارسته الضغط عليها من خلالهم .. وهنا فإن على الزوجة ، منذ البداية ، ألا
تبدي للزوج ، أن ما يربطها به ، ويبقيها لديه هم الأولاد .. بل من الجيد أن
تظهر عكس ذلك تماماً ، فتشير إلى أن الأولاد أولاده ، وعليه أن يقوم عليهم
ويرعاهم .. وحينها سيدرك أنها ستورطه بهم ، وأنى لرجل مهما كان أن يرعى أطفالاً
، منهم الصغار ، الذين يحتاجون إلى رعاية أكبر .
كما أن على الزوجة ، التي قدر أن يسلك زوجها هذا المسلك ، أن تحرص على أن تمتلك
أدلة ، على تورطه بذلك الأمر ، لا لتفضحه ، فهو سيظل أبو أولادها .. ولكن لتجعل
من تلك الأدلة وسيلة ضغط عليه ، فيما يتصل بالأبناء .. وكأنها تشير أن الأمر لو
وصل المحكمة ، فإنها ستطالب بحضانة الأبناء ، لأن والدهم ليس كفؤاً للحضانة ،
بسبب ما يمارسه من سلوكات تسقط العدالة والمروءة .. بحيث ربما تنازل لها ، قبل
المحكمة ، أو حتى أمامها ، لكن بهدوء ، ودون إثارة ، خوفاً على سمعته .. بل إن
بعضهم لم تكن الزوجة تملك شيئاً من الأدلة ، لكن جزمها في تهديده ، جعله يتخوف
، ومن ثم ينصاع .
إن بين النساء بوناً شاسعاً ، في ردّة الفعل ( الحقيقية ) ، وليست المبدئية ..
أعني التي يتخذ على إثرها موقف فعلي .. فعلى حين قد تلجّ زوجة بطلب الطلاق ،
لأنها عرفت أن زوجها يحادث امرأة .. ومع أنه اعتذر ، وابدى ندمه ، وعاهدها على
عدم الرجوع ، أصرت على الفراق .. وعلى الطرف الآخر هناك من يغرق زوجها ، في
الاتصالات ، التي قد تصل للقاءات والممارسات ، ولكنها تدس رأسها ، في الرمل ،
وتبدي العجز ، عن اتخذا أي قرار .
ولا أنسى كيف صدمت جداً ، وشعرت بألم نفسي ، وزوجة لم يمضي قطار زوجها كثيراً ،
تتصل عليّ وتخبرني أن زوجها ، الذي اعتاد على التردد على دول يمارس فيها الفسق
، وتتواجد فيها المومسات ، قد نقل لها مرض نقص المناعة ، الإيدز .. وأن أهلها
غضبوا جداً ، وأرجعوها إلى منطقتهم .. وهي تتساءل ، وقد أصيبت الآن ، وهي تحب
زوجها ، عن رأيي في رجوعها له ..!!
ومن خلال مشواري ، في الاستشارات ، أعترف أن عامة الزوجات ، خاصة من يكون لديها
أطفال ، يصعب عليها نفسياً طلب الطلاق ، بل هناك من تقف عن بعض التصرفات السهلة
، خشية أن يؤول الأمر إلى الطلاق .. وهذا الأمر هو الذي يتوافق – نفسياً – مع
طبيعة المرأة ، التي هي أكثر اهتماماً من الرجل بأمور البيت ، والحفاظ عليه .
ومن هنا فإني أهمس في أذن كل مستشار ألا يعجل في طرح موضوع الطلاق ، فإن هذا
المقترح ، بحد ذاته ، قد يصرف صاحبة المشكلة ، في الاستمرار عرض مشكلتها ،
ويجعلها تحاول البحث عن مستشار آخر ..!