|
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن مما يحرص المسلم على فعله في كل
حين وخاصة في هذه الأيام المباركة :
1- أداء الصلاة مع الجماعة :
فالصلاة أمرها عظيم قال صلى الله عليه وسلم :
(( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ))
[رواه الترمذي].
وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات ، وهي آخر وصية وصى بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمته عند موته فقال : (( الصلاة ، الصلاة ، وما ملكت
أيمانكم )) [رواه أحمد] .
وهي آخر ما يُفقد من الدين ، فإن ضاعت ضاع الدين كله ، قال صلى الله عليه
وسلم : (( لتُنقضن عُرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس
بالتي تليها فأولهن نقضاً الحُكم وآخرهن الصلاة )) [رواه أحمد].
وقد جعلها الله عز وجل من الشروط الأساسية للهداية والتقوى ، واستثنى الله عز
وجل أهل الصلاة من الأخلاق الذميمة والصفات السيئة .
وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الحد الفاصل بين الإسلام والكفر ترك
الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها
فقد كفر )) [رواه الخمسة].
وقد تساهل أناس في أمر الصلاة في المساجد مع جماعة المسلمين والله عز وجل
يقول في كتابه الكريم :
{ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ
وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ } [البقرة:43] وهو نص في وجوب صلاة الجماعة
ومشاركة المصلين في صلاتهم .
وفي صحيح مسلم أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى
المسجد ، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
(( هل تسمع النداء بالصلاة ؟ )) قال : نعم ، قال : (( فأجب )).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من
سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر ، لم تقبل منه الصلاة التي صلى
)) قيل : وما العذر يا رسول الله ؟ قال : (( خوف أو مرض )) [ رواه أبو داود
وصححه الألباني ] .
وسأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما فقال : رجل يصوم النهار ويقوم الليل ، لا
يشهد جمعة ولا جماعة ؟ قال ابن عباس : (( هو في النار )) .
فاحرصوا على أداء الصلاة مع الجماعة وتوبوا إلى الله عز وجل من التقصير
والتفريط والتهاون والتكاسل عن أدائها .
2- البعد عن الركون إلى الكفار
وموالاتهم : والأصل في ذلك الولاء
للمؤمنين والبراء من الكفار والمشركين وهو أوثق عرى الإيمان وهو من أعمال
القلوب لكن تظهر مقتضياته على اللسان والجوارح قال عليه الصلاة والسلام : ((
من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ))
[أخرجه أبو داود].
قال شيخ الإسلام – ابن تيمية – رحمه الله : (( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا
الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، ولا يوالي إلا لله ، ولا
يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما أبغضه الله )) .
ومن صور موالاة الكفار :
التشبه بهم في اللبس والكلام وكذلك
الإقامة في بلادهم أو السفر إليها للنزهة ومتعة النفس ، وكذلك اتخاذهم بطانة
ومستشارين ، ومن الصور المنتشرة أيضاً مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في
إقامتها أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها . ومن صور الموالاة لأعداء هذا
الدين تعظيمهم ، والتسمي بأسمائهم ، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم ، دون النظر
إلى عقائدهم الفاسدة .
3- المحافظة على الوقت :
فإن رأس مال المؤمن في هذه الدنيا هو وقته الذي يزرع فيه للدار الآخرة يقول
صلى الله عليه وسلم : (( اغتنم خمساً قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل
سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك )) [رواه الحاكم
وصححه الألباني].
وإن كنت – أخي المسلم –
تحافظ على مالك وتقتصد في صرفه فإن الوقت كالمال كلاهما يجب الحرص عليه
والاقتصاد في إنفاقه وتدبير أمره ، وإن كان المال يمكن جمعه وادخاره وتنميته
فإن الوقت عكس ذلك . فاحرص على وقتك واعمل لآخرتك كما أمرك ربك { وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56].
قال الإمام النووي :
( وهذا تصريح بأنهم خُلقوا للعبادة ، فحقَّ عليهم الاعتناء بما خُلقوا له ،
والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة ، فإنها دار نفادٍ لا محل إخلادٍ ، ومركب
عبور لا منزل حُبورٍ ، ومشرعُ انفصام لا موطن دوامٍ ) .
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين ، ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .