|
السؤال : لدينا مجموعة أسئلة عن الصيام فنرجوا منكم الإجابة عليها جزاكم
الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء ؟
الجواب :
يجيب عليها فضيلة الشيخ حامد عبد الله
العلي
*** ما معنى حديث ( إلا الصوم فإنه لي
وأنا أجزي به ) وما معنى أن ليلة القدر خير من ألف شهر ، وفي أي ليلة هي ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله
عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة
، فإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل
: إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من
ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح
بصومه ) متفق عليه
ومعنى إلا الصوم فإنه لي ، أي إن حسابه عند الله بغير المضاعفة المعلومة الحسنة
بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، بل هو أعظم من ذلك بكثير ، وقد ورد ما يدل على
هذا المعنى في رواية الترمذي ولفظها ( إن ربكم يقول : كل حسنة بعشر أمثالها إلى
سبعمائة ضعف والصوم لي وأنا أجزي به ) .
وذلك كما يقول الملك أعطوا الناس أعطياتهم بكذا وكذا ، إلا فلان فأنا سأعطيه ،
وفي ذلك إشارة إلى أن العطاء سيكون كبيرا بغير حساب ، ولهذا قال تعالى ( إنما
يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) والصيام عبادة الصبر .
وأما ليلة القدر فهي في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان ، وكثير العلماء
يقولون إنها في ليلة السابع والعشرين من رمضان ، ومعنى كونها خير من ألف شهر ،
بيان فضلها وأن العبادة فيها مضاعفة كعبادة العابد في ألف شهر ، فمن قامها
فكأنها قام ألف شهر ، ومن ذكر الله فيها أو قرأ القرآن أو دعا فكذلك ، وهذا من
فضل الله تعالى على هذه الأمة ، لما كان أعمارهم أقل ، وأجسادهم أضعف ، عوضهم
الله تعالى بمضاعفة الأجر في هذه الليلة والله اعلم
***
قضيت أيام من رمضان الماضي متفرقا كل شهر صمت يومين ، وقيل لي إن هذا لا يجوز
يجب أن يكون الصيام متتابعا وفي شوال ؟
قضاء رمضان يجب على التراخي ليس على
الفور ، ويجوز تأخير القضاء إلى قبل رمضان التالي ، سواء متفرقا أم متتابعا ،
وما فعلته صحيح لاحرج فيه ، في قوله الأئمة وجماهير الخلف والسلف .
***ما
هو يوم الشك ، وماحكم صومه ؟
يوم الشك هو اليوم الذي يلي التاسع
والعشرين من شعبان إن لم يتبين هلال رمضان ، لأننا لانعلم هل سيكون أول رمضان
أم يتم شبعان ثلاثين يوما ؟ ولا يجوز لأحد أن يصومه من باب الاحتياط ، خشية أن
يزاد في رمضان ، لحديث عمار رضي الله عنه : ( من صام يوم الشك فقد عصى أبا
القاسم صلى الله عليه وسلم ) رواه أصحاب السنن
هذا إن كان صحوا ، أما إن كان حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين من شعبان غيم
، فقد اختلف العلماء هل هو أيضا يوم الشك ؟ والصحيح أنه يوم الشك أيضا ، ولا
يجوز صومه أيضا لعموم الأدلة منها الحديث السابق ،وحديث ( لاتقدموا شهر رمضان
بصوم قبله بيوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه ) رواه مسلم من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
ولحديث ( فإن غم عليكم فأكلموا عدة شعبان ثلاثين ) متفق عليه
فإذن الخلاصة أننا يجب أن نصبح يوم الثلاثين من شعبان مفطرين لاصائمين ، إن لم
تبين هلال رمضان الليلة السابقة ، إلا شخصا اعتاد أن يصوم يوما فصادف كونه يوم
الشك ، فهذا لاحرج أن يصوم ما اعتاد أن يصوم .
***هل
تجب النية لصوم الفريضة والنافلة ومتى تجب ؟
نعم تجب النية لكل عبادة ، لحديث ( إنما
الأعمال بالنيات ) ولكن نية النافلة تجزيء في النهار بشرط أن يكون قد أكل قبل
ذلك ، لحديث عائشة ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل عندكم من
شيء ؟ فقلنا لنا ، فقال إني إذن صائم ) رواه الجماعة إلا البخاري ، وفي هذا
دليل على أنه نوى الصيام من النهار .
أما صيام الفرض فيجب أن تكون النية من الليل ، لحديث ابن عمــــر عن حفصه ( من
لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه أصحاب السنن .
ولكن النية لاتكون بالتلفظ بل في القلب ، لذلك قال العلماء : من خطر في قلبه
ليلا أنه صائم فقد نوى ، وينبغي أن يعلم أن النية تأتي تلقائيا تبعا للعلم ،
ومعناها عزم القلب على الصيام غدا ، فإن تسحر أو أكل في الليل أكل من يريد
الصيام ، فقد نوى ، وكل صائم في كل ليلة من رمضان ، يستحضر في قلبه أنه صائم
غدا تلقائيا ، إلا إن كان مريضا أو مسافرا ، فقد يحصل له تردد لانه يرخص له في
الفطر ، وعليه إن أراد أن يصوم أن يعزم على الصوم قبل الفجر ، فإن بدا له أن
يفطر وكان من أهل الأعذار جاز له أن يفطر أيضا .
***
رمضان الماضي كنت كثير النوم ، فهل النوم كل النهار يبطل الصوم ، ومرة من
المرات حصل معي إغماء ، لأنني مصاب بفقر الدم ، هل الإغماء يبطله ؟
أما الإغماء فلو أغمي على الصائم ، كل
النهار فلم يفق ولا لحظة منه لا يصح صومه ، لان الصوم كف النفس عن المفطرات ولا
يضاف ذلك إلى زائل العقل ، لكن لو أفاق من نهار رمضان ولو قليلا صح صومه ، لانه
قد وقع الإمساك فيه ، وأما النائم فيصح صومه ، لان النوم لا يبطل الصيام عند
جميع العلماء ، لكن يجب عليه أن يقوم لاداء الصلاة في وقتها ، ولاينبغي للصائم
أن يقضي ليله بالسهر ، ونهاره بالنوم ، فرمضان شهر وضعه الله للاستكثار من
العمل الصالح ، وليس للنوم والأكل .
لكن من كان معذورا لانه مريض مثلك ، فلا حرج أن يرتاح بالنوم في نهار رمضان ،
فإن شق عليك الصوم ، فالله تعالى قد أباح لك الفطر لانك من أهل الأعذار ،
فالمسافر والمريض لهما أن يفطرا ويقضيا بعد ذلك .
***ما
هو جزاء من يفطر في نهار رمضان عمدا من غير عذر ؟
روى أبو أمامة الباهلي قال : سمعت رسول
الله صل الله عليه وسلم : بينا أنا نائم أتاني رجلان ، فأخذا بضبعي فأتيا بي
جبلا وعرا ، فقالا : اصعد . فقلت : إني لا أطيقه . فقال : إنا سنسهله لك .
فصعدت ، حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة . قلت : ما هذه الأصوات ؟
قالوا : هذا عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ،
مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما . قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يفطرون
قبل تحلة صومهم رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما .
وكفى بمن يفطر في رمضان عمدا ، كفاه إثما أنه انتهك حرمة ركن الإسلام .
*** هل
يجوز للإطفائي أن يفطر إن احتاج الفطر لإنقاذ الناس ، خاصة وأنه يدخل في جوفه
كثير من الدخان أثناء عملية الإنقاذ ؟
نعم يجوز لمن يحتاج الفطر لإنقاذ إنسان
من هلكة ، مثل إنقاذ من في حريق ، أو غريق ونحوهما ، يجوز له الفطر ، وعليه
القضاء بعد ذلك ، والاطفائيون إن دخل جوفهم الدخان بسبب عملية الإنقاذ ،
يحتاجون شرب أدوية بعد ذلك ، فلا حرج من ذلك كله ، يفطرون ويقضون بعد رمضان .
***
الحامل والمرضع إن خافتا على النفس أو الولد هل تفطران ؟
الحامل والمرضع سواء خافتا على أنفسهما
أو الولد ، أو كليهما معا ، يجوز لهما الفطر ، وأصح أقوال العلماء أن عليهما
القضاء فقط .
وبعض العلماء يقول : يجب مع القضاء الإطعام أيضا عن كل يوم مسكين إن كان الفطر
بسبب الخوف على الولد فقط ، دون النفس ، والإطعام ليس على الام بل على ولي
الطفل ، والأصح أن الواجب القضاء فقط إن شاء الله ، قياسا على من يفطر لإنقاذ
غيره ، فهو يقضي فقط باتفاق العلماء ، وكذلك الحامل والمرضع ، فإن زاد ولي
الطفل مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم من باب الاحتياط فهو حسن .
***هل
الأفضل للمسافر الفطر أو الصوم ؟
قال تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على
سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) . فالفطر
للصائم المسافر جائز بنص القرآن .
لكن من لا يشق عليه الصوم ، ويكون القضاء أشق عليه بعد ذلك ، فالصوم أفضل له من
الفطر في السفر ، لانه أسرع في براءة الذمة ، وأيسر عليه ، والله تعالى يحب
اليسر ، فإن حصل في الصوم فهو أولى ، لان كثيرا من الناس يقول يشق علي بعد ذلك
القضاء لطبيعة عملي ، والصوم في سفر مريح أيسر علي من القضاء .
أما من يشق عليه الصوم ولو مشقة يسيرة فالفطر أفضل لحديث ( إن الله يحب أن تؤتى
رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) رواه أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنه .
فإن شق عليه الصوم جدا ، فالفطر في السفر في هذه الحالة متأكد ، ولاينبغي
الصيام والحالة هذه لحديث ( ليس من البر الصيام في السفر ) متفق عليه
***
سمعت أنه ليس كل مرض يجوز معه الفطر في رمضان ، فما هو المرض الذي يجوز فيه
الفطر في رمضان ؟
كل مريض يخشى على نفسه الضرر من الصوم ،
ويشق عليه ، يجوز له الفطر لعموم قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر
فعدة من أيام أخر )
***
حتى وجع الرأس ، والأسنان ؟
إن احتاج إلى تسكين الآلم ، لانه يشق
عليه تحمله ، فلا حرج ، لعموم الآية ، ولان الله تعالى أخبر فيها أنه يريد
التيسير ، فكل ما يحصل به التيسير على المريض والمسافر ، يجوز اتباع الرخصة فيه
.
***
قدمت من سفر وكنت مفطرا فيه ، ولكن وصلت الظهر ، ووجدت زوجتي طهرت من حيضها في
أثناء ذلك النهار ، فجامعتها ونحن في نهار رمضان ، لأننا لم نكن صائمين ذلك
اليوم أصلا ، وقيل لنا عليكما الكفارة ، فهل هذا صحيح ؟
، كلا ليس بصحيح، لاشيء عليكما ، لان من
أفطر لعذر ثم زال العذر في أثناء النهار ، لم يجب عليه الإمساك بقية اليوم ،
وأنت كنت مفطرا لعذر ، وكذلك زوجتك .
لكن من أفطر لغير عذر ، ثم ندم وتاب ، يجب عليه الإمساك بقية اليوم عند عامة
الفقهاء ، وكذلك من أفطر يظن الفجر لم يطلع ثم تبين له أن قد طلع ، يجب عليه
الإمساك ، ومن أفطر يظن الشمس غربت ثم تبين أنها لم تغب ، يجب عليه الإمساك حتى
تغرب .
***
كنت مسافرا ونويت الفطر وعزمت عليه ،ولكن لما وصلت إلى محطة بنزين ، وجدتها
مغلقة ، ثم أكملت سفري ولم أفطر حتى غربت الشمس ؟
يجب عليك قضاء ذلك اليوم ، لان العزم
على الفطر يبطل الصيام ، فالنية يجب استصحابها في أثناء كل فترة الصوم من الفجر
إلى غروب الشمس ، ولكن لك أجر نية صوم التطوع ذلك اليوم ، لان صيام التطوع يجوز
أن تكون نيته في النهار .
***هل
وضع الطيب على اللحية والثياب يفطر الصائم ؟
كلا وضع الطيب والعطور لا يفطر الصائم
لعدم الدليل على ذلك .
***
والسواك ؟
يستحب السواك للصائم في أثناء الصيام ،
ومن كرهه بعد الزوال فلا دليل مع هذه الكراهة ، بل يستحب ذلك مطلقا ، وحديث (
خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) لا يخالف سنة السواك ، لان الخلوف
أصلا يخرج من المعدة ، وليس من بين الأسنان ، وقد دلت نصوص كثيرة على استحباب
أن يتعاهد المسلم ما بين أسنانه بالتنظيف والله أعلم .
*** هل
سحب الدم من الوريد يبطل الصوم ؟
لا يبطل الصوم ، والذين قالوا يبطل
الصوم قاسوا على الحجامة ، ولكن الصحيح أن الحجامة لا تبطل الصوم ، لحديث انس (
أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه احتجم وهو صائم ،
فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أفطر هذان ، ثم رخص بعد ذلك في الحجامة
للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم ) رواه الدار قطني ، والقول بأن الحجامة لاتفطر
الصائم مذهب جمهور العلماء واحتجوا أيضا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن
النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم رواه البخاري .
***
جامعت زوجتي في إحدى ليالي رمضان وأخرت الغسل عمدا إلا بعد طلوع الفجر وصمت هل
يصح هذا ؟
لا حرج عليك ، لحديث عائشة : ( أن النبي
صل الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم رمضان ) متفق عليه
*** في
رمضان الماضي كنت أحيانا أحتلم في نوم النهار ؟ فهل يضر ذلك الصيام؟
كلا لا يضر ذلك الصيام ، بإجماع العلماء
، الاحتلام لا يؤثر على الصوم .
*** هل
العادة السرية تبطل الصوم ؟
نعم تبطل الصوم ، لان الحديث القدسي
يقول عن الصائم ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) ، وهذا لم يدع شهوته ، فهي
تبطل الصوم مثل الطعام والشراب ولهذا جعلت في سياق واحد في الحديث السابق .
*** هل
قطرة العين والأذن تفطران الصائم ؟
قطرة العين والأذن لاتفطران الصائم ،
لانهما ليسا أكلا ولا شربا ولا في معنى الآكل والشرب ، وليسا منفذا طبيعيا
للحلق ، بخلاف الأنف ، وبعض الناس يقول إنك تحس بطعم قطرة العين أحيانا في حلقك
، فنقول مجرد وجود الطعم ليس دليلا على حصول الفطر ، لان أحيانا من لطخ قدميه
بشيء يجد طعمه في حلقه ، وبعض أنواع الطيب تضعه على خدك ، فتجد طعمه ، فهذا ليس
دليلا .
والدليل على أن قطرة الأذن والعين لاتفطران الصائم ، أن الكحل والتداوي
بالتقطير في العين والأذن ، كان معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم
يرد ما يدل على أنهما يفطران ، وما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو عفو ،
وهذا رأي شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
وقطرة الأنف ؟
قطرة الأنف تفطر الصائم لحديث ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ) وإنما
نهاه عن المبالغة في الاستنشاق في الوضوء لانه يحصل به الفطر.
*** هل
حقنة الأنسولين أو غيرها تفطر الصائم ؟
أصح قولي العلماء إن الحقنة التي لاتغذي
الجسد ، مثل الأنسولين وما يأخذه المريض من الدواء عن طريق حقنــــة في العضل ،
أن ذلك كله لا يفطر الصائم ، لان الله تعالى قال ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم
الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) والحقنة
التي ليست في معنى الطعام والشراب ولاتغني عنهما ، ليست أكلا ولا شربا ، ولا هي
في معناهما ، ولم يرد نص يدل على أنها تبطل الصوم ، فلا نص ولا قياس ، والأصل
عدم إثبات ما يبطل الصوم إلا بالنص ، فهي لا تبطل الصوم إن شاء الله تعالى
،وهذا أيضا رأي شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وجماعة من العلماء .
***
والحقنة التي في الوريد التي تسمى المغذي ؟
هذه تفطر الصائم لأنها في معنى الأكل
والشرب ، فهي تغني عنهما ، بل هي خلاصة الطعام والشراب أصلا .
*** إن
دخل في حلقي شيء من غير قصد مثل تراب أو غبار أو دخان أو حشرة هل يبطل ذلك
الصوم ؟
لا يبطل الصوم ، لان هذا مثل النسيان
وفي الحديث ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه )
متفق عليه
ما
رأيك في الذي يفطرون على سيجارة ؟
أقول لهم أولا شهر رمضان ، فرصة العمر
ليتخلص المسلم من هذه العادة السيئة وهي التدخين ، وهي عادة محرمة ، لانه
لايمكن أن تكون الشريعة الكاملة التي حرمت كل الخبائث ، ولم تبح إلا الطيبات ،
لايمكن أن تبيح للإنسان سما قاتلا باتفاق الأطباء ، إلى جانب ما فيها من إيذاء
المسلمين والملائكة ، فقد ثبت أن الملائكة تتأذى بالريح الخبيثة ، ولهذا أمر
الاسلام المسلم أن يكون نظيفا دائما ، ويستاك ويغسل أطرافه خمس مرات في اليوم ،
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلم أن يحضر الجماعة في بيت الله الذي تحفه
الملائكة ، إن كان عليه رائحة البصل والثوم ، وقال إن ذلك يؤذي المؤمنين ويؤذي
الملائكة ، وكذلك التدخين هو من أعظم الأذى ، ولهذا بدأ العالم بعزل المدخنين
في المطارات ، والمرافق العامة في غرف معزولة ، حتى لا يؤذوا الناس .
فالواجب على المسلم أن يغتنم فرصة شهر الصبر ، فيقلع عن التدخين ، وما مثل الذي
يفطر على السيجارة إلا كمثل الذي حلب ناقته حتى إذا امتلأ إناءه ، دفق اللبن في
التراب ، فالصائم ينال ثوابه عند فطره ، ويستجاب دعاءه في هذه اللحظة لانه أتم
عبادة جليلة مع الله تعالى ، فهذا المدخن بدل أن يختم عمله الصالح بالدعاء عسى
الله أن يتقبل منه ، يختمه بهذه العادة السيئة .
*** هل
يجوز للصائم أن يذوق شيئا يريد شراءه أو يطبخ فيذوق الطبيخ ؟
لاحرج في ذلك ، لان الذوق لا يدخل به
الشيء إلى الجوف ، وقد رخص الصحابة للصائم يريد أن يذوق الطعام .
***
بلع الريق هل يفطر الصائم ؟
لا يفطر الصائم بلع الريق حتى لو وصل
طرف الفم ثم بلعه ، ولا النخامة يبلعها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وهذا
هو الصحيح وهو رواية عن الإمام احمد ، ولو كان ذلك يفطر الصائم ، لاصبح الناس
كالموسوسين ، وضاقت عليهم هذه العبادة ، وشق عليهم امتثال أمر الله تعالى فيها
، والله تعالى لما وضع للناس العبادات أراد تيسيرها عليهم ، لهذا قال في شأن
الصوم لانه شاق بعض الشـيء ( يريد الله بكم اليسر ) وقال في التطهر لانه يشق
أيضا لتكراره والحاجة إلى الماء فيه في شدة البرد والحر ، قال : ( ما يريد الله
ليجعل عليكم من حرج ).
فالواجب اتباع التيسير على الناس في أمور العبادات ، وسد الذرائع في أمور
الفواحش والمنكرات ، لان من الناس من يعسر العبادة ويضع لها شروطا ما أنزل الله
من سلطان ، بينما يجيز للناس فعل المنكرات ويزعم أن هذا من باب التيسير عليهم ،
وقد خالف مقصود الشريعة في الحالين .
***
كنت مريضا جدا ولكن صمت وفي آخر النهار ، لم أستطع إلا أن أتقيأ عمدا ، فوضعت
إصبعي في حلقي وتقيأت ثم أكملت صومي ، فهل علي القضاء ؟
نعم عليك القضاء لان من استقاء عمدا
يبطل صومه ، أما من ذرعه القيء أي غلبه ولم يتعمده فلا يبطل صومه ، لحديث ( من
ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض ) أصحاب السنن إلا النسائي من
حديث أبي هريرة.
***
ذهبت إلى طبيبة النساء والولادة وأنا صائمة في رمضان وفحصتني وكان في ذلك إدخال
في المهبل ، فهل هذا يفطر الصائم ؟
لا يفطر الصوم ، لعدم الدليل على ذلك ،
بل أبلغ من ذلك وهي الحقنة في الدبر لاتفطر الصائم ، وهو رأي شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله تعالى .
*** لو
إن أنسانا نظر إلى صور مثيرة وخرج منه المذي ، وهو صائم هل ينقض ذلك صومه ؟
الواجب على المسلم أن لا ينظر إلى الصور
المثيرة ، سواء كان صائما أم لا ، وفعل ذلك في الصوم أشد إثما، فالنظرة المحرمة
سهم من سهام إبليس يصطاد بها ضعاف الإيمان ويقودهم إلى فعل الفواحش ، والنظر
إلى ما حرم الله تعالى النظر إليه من مفاتن النساء ، يفسد القلب ، ويجعل فيه
وحشة ، وثقل يمنع من النشاط في الطاعة والعمل الصالح ، ويورث قسوة ، وضيق في
الصدر ، وكدر في الأخلاق ، وغض البصر يورث سكينة في القلب ، ولذة في العبادة ،
ونور في البصيرة ، ونشاط على العبادة .
ولاتفطر هذه المعصية الصائم ، لان ليس كل معصية تبطل الصوم ، بل يحصل بها الإثم
المضاعف ، وينقص اجر الصوم ، ولكن لا يبطل الصوم ، حتى لو نزل بسبب ذلك المذي .
***
كان علي قضاء من رمضان الماضي ، و أخرت القضاء بلا عذر إلى أن قرب الآن رمضان
هذا العام ، ويصعب علي القضاء الآن ، فهل يجوز أن أؤجل أيضا؟
لا يجوز للصائم أن يؤجل قضاء صيام رمضان
إلى أن يأتي رمضان الذي يليه ، ولديه فسحة سنة كاملة يمكنه أن يقضي الصوم
متفرقا بأيسر ما يكون عليه ، فيجب على المسلم الآن أن تصوم قضاءه قبل أن يأتي
رمضان ، ولا يجوز التكاسل في القضاء لانه قد ضاق وقته ، وعلى أية حال من لم يقض
ما عليه حتى جاء رمضان التالي ، فإن وجوب القضاء يبقى عليه في ذمته إلى أن يموت
، ويجب عليه أن يقضيه حتى بعد رمضان ، وعليه التوبة أيضا من التأخير لغير عذر ،
وبعض العلماء يوجب عليه أيضا إطعام مسكين مع القضاء إن أخر القضاء إلى ما بعد
رمضان التالي .
***
والدنا مات وعليه صوم من رمضان لم يقضه ، فهل نصوم عنه ؟
إن كان قد مات في أثناء رمضان ، فلا
يصام عنه ، لانه لم يجب عليه أصلا ، لكن إن كان قد عاش بعد رمضان وأجل القضاء ،
ثم مات قبل أن يقضي ، فيصوم عنه أولاده أو أحد أقرباءه لحديث ( من مات وعليه
صوم صام عنه وليه ) متفق عليه والصحيح أنه عام في كل صوم رمضان أو نذر أو غيره
.
فإن لم يوجد أحد يصوم عنه ، يطعم عنه من كل يوم مسكين ، ويؤخذ من تركته ، إلا
أن يتبرع أحد أولياءه فلا حرج .
***
نمت ليلة العيد وقلت إن كان رمضان فأنا صائم وإن كان عيد أفطر ، ثم تبين أنه
رمضان ، فهل التردد في النية يؤثر ؟
لا يؤثر هنا ، لان الصائم يبني على
الأصل ، وهو بقاء رمضان ، وصيامه صحيح.
***
ومتى يؤثر الشك ؟
يؤثر إن كان يعلم أن غدا رمضان ، ثم
تردد في النية ، لان النية تبع للعلم ، ولهذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية تجوز
نية غير الجازم إن كان مضطرا مثل انه لا يقطع أن غدا رمضان ، لسبب ما . انتهى
كلامه
ونقول : مثلا يكون في بلد غير مسلم ، أو يصبح أسيرا ولا يخبر ، ونحو ذلك .
*** ما
رأيكم في الإمساك قبل أذان الفجر بعشر دقائق ؟
من شك أو خاف فأخذ الاحتياط فلا حرج ،
أما أن يلزم الناس بالإمساك قبل الفجر بزمن محدد ، فهذا لا يوافق الشرع ، لانه
إيجاب زيادة في زمن الصوم بغير دليل ، فالله تعالى أباح الآكل والشرب إلى طلوع
الفجر ، ولا يحل لاحد أن يشرع ما لم يؤذن به الله تعالى ، وقد يوقع المسلمين
ذلك في الحرج .
*** هل
يجوز الأكل أثناء الأذان ؟
إن كان الأذان في الوقت تماما ، لم
يقدمه المؤذن على وقت الفجر ، فالواجب الإمساك فورا عند سماع الأذان ، لا يجوز
الأكل أو الشرب أثناء الأذان .
***
متى يحل الفطر للصائم ، هل يشرع تأجليه إلى نهاية أذان المغرب ؟
الواجب تعجيل الفطر لحديث ( لا يزال
الناس بخير ما عجلوا الفطر ) متفق عليه ، وفي حديث آخر رواه أحمد والترمذي (
احب عبادي إلي أعجلهم فطرا ) .
فسنة المسلمين أن يفطروا أول ما تغرب الشمس ، بعكس اليهود فهم يؤخرون الفطر إلى
طلوع النجوم .
***
رجل كبير في السن لا يمكنه أن يصوم فماذا عليه ؟
كل من يعجز عن الصوم عجزا مستمرا ، يجب
عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا ، لقوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام
مسكين ) ومعنى يطيقونه هنا أي يبلغ طاقتهم ، أي لا يستطيعونه ، سواء كان مريضا
مرضا لا يرجى برؤه ، أو كان شيخا كبيرا ، أو ضعيفا هزيلا لا يمكنه الصوم ، فهو
مثل المريض ، وحتى لو زال المرض بعد ذلك ، من حيث لم يتوقع المريض ، لايجب عليه
القضاء إن كان قد أطعم عن كل يوم مسكينا متبعا كلام الأطباء أن مرضه لن يبرأ .
أما المريض بمرض يرجى برؤه ، فيؤجل القضاء إلى أن يمكنه ذلك .
*** ما
هي سنن الصوم ؟
تعجيل الفطر وتأخير السحور ، والإكثار
من أعمال الخير ، وأن يقول عند الفطر ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن
شاء الله ) وأن يفطر على رطب فإن عدم فتمر فإن عدم فماء ، وأن يكف لسانه عن
اللغو والرفث ،وإن سابه أحد أو شاتمه فليعرض عنه ، ويكثر من قراءة القرآن فإن
شهر رمضان هو شهر القرآن.
*** هل
يجوز لي أن أعتكف وأشترط أن أذهب إلى الدوام ؟
نعم يجوز للمعتكف أن يشترط ذلك ، فيخرج
من المسجد للدوام ، ثم يعود إليه بعد الدوام ، وله ثواب الاعتكاف على قدر بقاءه
في المسجد ؟
***
نذرت أن أعتكف في مسجدنا ثم رأيت أصدقائي يريدون الاعتكاف في المسجد الحرام فهل
يجوز لي أن أبدل نيتي في نذري ؟
نعم يجوز في هذه الحالة ، لان رجلا قال
للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ( يا رسول الله نذرت أن فتح الله عليك مكة
أن أصلي في بيت المقدس ، فقال صل ها هنا ) رواه أحمد وأبو داود ، والاعتكاف في
المسجد الحرام لاشك افضل .
وجاز هذا لانه أتى باعتكاف أفضل مما نذر ، أما لو أراد أن يغير نيته ويعتكف في
مسجد جماعة المصلين فيه أقل ، فلا يجوز ، لانه أقل فضلا .
*** هل
يشترط الصوم للاعتكاف ؟ وما هي مدته ؟
لا يشترط في أصح قولي العلماء ، لعدم
الدليل ، فهذه عبادة ، وتلك عبادة ، ولكن الأفضل أن يكون صائما .
أما المدة ، فيقول العلماء لا أحد لأكثره ، وأما أقله فأصح الأقوال أن كل ما
يصدق عليه اسم الاعتكاف ، فهو اعتكاف ، حتى يوم أو بعض يوم ، فلا حرج أن يدخل
الصائم المسجد ليبقى فيه من ضحى يوم الجمعة إلى التروايح مثلا وينوي الاعتكاف ،
وله أجر الاعتكاف إن شاء الله تعالى ، لانه لا يوجد دليل على التحديد بمدة
محددة ، وفي هذه الحالة نرجع إلى دلالة الإطلاق في الاسم .
*** ما
هو أعجب سؤال وردكم في الصيام ؟
سألني سائل مرة أن العائلة كانوا
مجتمعين على مائدة الإفطار ، قال كنا ننتظر الأذان ، وأخي الصغير مشاغب جدا ولا
يرعوي عن فعل أي شيء ، فاختبأ وراء الباب في الغرفة المجاورة ، وقلد صوت المؤذن
، وكان بارعا في تقليد الأصوات ، وذلك قبل الأذان بخمس دقائق تقريبا ، فانقض
الجميع على المائدة ، وبينما نحن نأكل ونشرب ما لذ وطاب وسال له اللعاب من
الطعام والشراب ، سمعنا المؤذن مرة أخرى ، فعرفت المقلب الثقيل ، وانطلقت أركض
وارءه حتى هرب إلى خارج البيت ، فما هو الحكم ؟
فكان الجواب لاشيء عليكم إن أمسكتم بعدما تبين لكم الخطأ ، حتى يؤذن المؤذن ،
فمثلكم مثل الذي أكله بغير قصد ، أو ناسيا ، والواجب أن يحتاط الصائم في معرفة
وقت الإفطار والله أعلم
نقله الواضح في شبكة الفوائد