الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ،
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
المسألة الأولى :
اعلم أن :
- المقيم يمسح يوماً وليلة
- المسافر ثلاثة أيام
يبتدئ من وقت مسحه على خفيه ، وهو قول أحمد بن حنبل اختاره ابن المنذر وهو
المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله
عنه ، ولو أحدث ولم يمسح لم يعتبر شيئاً ، فإذا مسح ابتدأ المدة حتى ولو
كان مسحه لتجديد وضوء ، واعلم أن دليل التوقيت في حق
المقيم والمسافر حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه المخرج في
صحيح الإمام مسلم قال { جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم }
والتوقيت على ما جاء في هذا الحديث في حق المقيم والمسافر
أمر واجب على الصحيح
إلا أن المسافر الذي يخشى فوات رفقة أو يتضرر بالنزع ونحو ذلك من الأعذار ،
له أن يمسح إلى زوال عذره ، كما قال بذلك بعض أهل العلم مثل شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله " لما روى ابن ماجه والدار قطني في سننه والبيهقي في
السنن الكبرى عن عقبة بن عامر : أنه وفد على عمر بن الخطاب عاماً ، قال
عقبة : وعَلىَّ خِفاف من تلك الخفاف الغلاظ ، فقال لي عمر : متى عهدك
بلبسهما ؟ فقال لبستهما يوم الجمعة ، واليوم جمعة ، فقال له عمر : (( أصبت
)) وهذا الأثر إسناده صحيح .
المسألة الثانية :
لا بد أن يُدخل الخفين أو الجوربين على طهارة ، كما هو محل اتفاق عند أهل
العلم ويجوز على الصحيح .. أن يدخل الخفَّ رجلَه اليمنى بعد غسلها قبل غسل
اليسرى ، ثم يغسل اليسرى ويدخلها الخف .
ولو أدخل خفّيْه في قدميه قبل أن يغسلهما لم يجزه ، ووجب عليه
نزعهما ثم غسل قدميه ، وفي الصحيحين وغيرهما عن المغيرة بن شعبة رضي الله
عنه أنه : كان مع النبي صلى الله عليه وسلم
في ذات ليلة في مسير ، فذكروضوء النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ومسح برأسه ثم أهويت لأنزعخفيه فقال : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ،
ومسح عليهما ) .
المسألة الثالثة :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم المسح على الخف أو الجورب
المُخَرَّق ، وأصح ما قيل في هذه المسألة أنه : يجوز المسح على المُخَرَّق
والمرقَّع ؛ إذ لا دليل على منع المسح على الخف المُخَرَّق
قال الإمام المشهور سفيان الثوري رحمه الله : ( امسح عليها ما تعلقت به
رجلك ، وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مُخرّقة مشقّقة مرقّعة ) وهذا
قول إسحاق وابن المبارك وابن عيينة وأبي ثور وغيرهم فلذلك لا يمنع المسلم
ولا المسلمة من المسح على الخف أو الجورب المخرق ما دام اسمه باقياً ، ولو
كان فيه من العيوب ما فيه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (21/174) (....وكان مقتضى
لفظه ( أي الحديث ) أنّ كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه فلهم أن يمسحوا عليه
وإن كان مفتوقاً أو مخروقاً من غير تحديد لمقدار ذلك ، فإن التحديد لا بد
له من دليل "
المسألة الرابعة :
لم يَرد حديث تقوم به حجة في كيفية المسح على أَعْلى الخفّين ؛ فلذلك يكفي
المسلم والمسلمة إمرار اليد على القدم اليمنى واليسرى ، بحيث يصدق عليه أنه
مسح ، ويقتصر بالمسح على أَعْلى الخف أما مسح أسفل الخف فلم يثبت فيه دليل
، وقد روى أبو داود وغيره بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمح على ظاهر خفيه .
المسألة الخامسة :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم الطهارة بعد نزع الخفين أو الجوربين
بعد المسح عليهما ، هل يبقى على وضوئه أم تنتقض طهارته ؟
أصح الأقوال فيما يظهر من حيث الدليل : أن طهارته باقية ، ونُقل هذا القول
عن جماعة من أهل العلم ، منهم الحسن البصري والنخعي وقتادة وعطاء وغيرهم
واختاره ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية .
* قلت : القائل - العلوان - إن هذا القول هو الصحيح ؛ لأنه مذهب الخليفة
الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يخالفه في ذلك أحد من الصحابة
فيما أعلم .
* فإن قيل أيعيدهما أعني : الخفين أو الجوربين مرة أخرى ، ويبتدئ مدة المسح
من جديد ؟ ويحصل بذلك تسلسل ، كلما أوشكت المدة أن تنقضي ، نزع خفيه أو
جوربيه ثم أدخلهما ، ويصدق عليه أنه أدخلهما على طهارة .
قلت : القائل - العلوان - هذا ممنوع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (
دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) والمقصود بالطهارة هنا : الطهارة بالماء ،
والذي ينزع خفيه ويريد إدخالهما مرة أخرى إنما يدخلهما على طهارة مسح ،
وهذا لا يجوز ؛ لأنه لم يُدخلهما على طهارة ماء ، والنص جاء بطهارة الماء ،
ولم يرد بطهارة المسح ، ولذلك لا يجوز إعادة الخفين أو الجوربين ، والمسح
عليهما منعاً للتسلسل الحاصل بالجواز ..
المسألة السادسة :
إذا مسح أي ـ المسافر ـ يوماً وليلة فما فوق ، ثم قدم بلده الذي يسكن فيه ،
فلا يجوز له في هذه الحالة المسح على الخفين ، بل ينزعهما ثم يغسل قدميه ؛
لأن رُخَص السفر قد انتهت بالوصول إلى البلد ، فلا يجوز الزيادة عن اليوم
والليلة في المسح ، كما هو قول جمهور العلماء ، وإن وصل بلده وقد مضى دون
يوم وليلة يتمهما . وأما المقيم : إذا مسح يوماً ثم سافر ، فإنه يمسح يومين
زيادة على اليوم ، فيكون مسحُه ثلاثة أيام ، وهذا الصحيح من أقوال أهل
العلم والله أعلم .
المسألة السابعة :
إذا لبس جورباً على جورب ، فإن كان لبس ذلك على طهارة فالحكم في هذه الحالة
للفوقاني ، وإن مسح على التحتاني صح ذلك على الصحيح . وأما إن لبس الفوقاني
على حدث ، فلا يجوز له أن يمسح على الفوقاني عند جمهور أهل العلم ؛ لأنه
لبس ذلك على غير طهارة . فإذا مسح على التحتاني ثم لبس الفوقاني جاز له
حينئذ المسح على الفوقاني ، وفي هذه الحالة على هذا القول إذا نزع الفوقاني
فالحكم كالحكم فيما إذا نزع خفيه وقد سبق أن الطهارة لا تنتقض .
وهذه المسائل السبع من أهم المسائل في المسح على الخفين والسؤال يكثر عنها
. فالمسلم لم يقيد بمذهب أو بقول أحد سوى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم
أو ما اتفق عليه أهل العلم - والله الموفق للصواب والهادي إلى سبيل الرشاد
.
منقولة من قناة الشيخ على التيليجرام /
https://telegram.me/al3lawan
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
|