لا يؤمن أحدنا إلا إذا كان حب رسول الله صلى الله عليه وسلم جزءاً من عقيدتنا ،
بل إن حبه صلى الله عليه وسلم فوق حب الأهل والوالدين والنفس التي بين جنبينا –
معشر المسلمين – وقصة الفاروق عمر رضي الله عنه في حب المصطفى صلى الله عليه
وسلم معروفة يرويها الصحابي عبد الله به هشام القرشي والحديث في صحيح البخاري "
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال له عمر :
يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لا ، والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك ) . فقال له عمر :
فإنه الآن ، والله ، لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (
الآن يا عمر .)
والحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره
أن يقذف في النار " رواه البخاري في صحيحه يعلمنا أن حب رسول الله صلى الله
عليه وسلم دين ندين به ويواكب حبنا لله تعالى ، فلولاه ما عرفنا ربنا .
وما أراه من كثير من الإخوة في الذود عن الحبيب صلى الله عليه وسلم في " النت ،
والبالتوك " دليل ساطع على حبهم رسولَ الله ورغبتهم في أن يدفعوا عنه – صلى
الله عليه وسلم – سهام الأعداء وأذاهم الذي يشتد أواره في الدول الغربية ، إذ
ترى الكثير من المواقع العنكبوتية تنال من الحبيب محمد ، وتطعن فيه ، وتسيء
إليه ، كما دأبت بعض الصحف الغربية تشوّه صورة النبي صلى الله عليه وسلم ،
وتهزأ به في صور كرتونية كاريكاتيرية ، أو صور خبيثة ينشرها المجرمون للنيل منه
ومن الإسلام والمسلمين ، ولإغاظة مسلمي أوربا والعالم ، وهذا دأب أعداء الله في
كل زمان ومكان ، لا يهنأ لهم عيش إلا إذا أظهروا كره الإسلام ونبيه .
فهل جدّ هذا الآن أو إنه قديم قدم الحق والباطل ؟! يقول تعالى في محكم آياته
مخاطباً نبيه الكريم " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " فهل
أوضح من هذا وأبلغ في وصف ما تشبعت به قلوبهم من العداوة والكره للإسلام ورمزه؟!
فالأعداء –إذاً- لم يكونوا لِطافاً في يوم من الأيام ، ولم تنقص كراهيتهم
للمسلمين ، وربما زادت كلما رأوا شرائح من المفكرين الواعين يدخلون في دين الله
أفواجاً ، وكلما شعروا أن الإسلام دين القرن الحادي والعشرين دون منازع على
الرغم من محاربتهم الشديدة له ، ومحاولة القضاء عليه وعلى معتنقيه وأهله .
في فترات متقاربة – منذ سنوات - أرى رسائل تدخل صندوق بريدي تطلب من الغيورين
أن يوقعوا على إغلاق غرفة يسب فيه أصحابها نبيـّنا المعظم ، أو التوقيع في
صحيفة يومية أوربية - تخير الناس في إباحة صور ورسومات للنبي صلى الله عليه
وسلم – نطلب فيها أن تمتنع الصحيفة عن نشر ما يسيء إلى نبينا ، أو الامتناع عن
تصوير فيلم يظهر فيه أحد الممثلين في صورة خير الأنام عليه الصلاة والسلام
......
وينشغل هؤلاء الأحباب في القفز هنا وهناك ، ويطلبون منا أن نفعل ما يفعلون ،
وهم يظنون أنهم يحافظون على قدسية النبي صلى الله عليه وسلم ، وينافحون عنه
أمام الشانئين والكارهين الحاقدين .... وينسون أن إغلاق ثقب من ألف ثقب لا يجدي
فتيلاً ، ففتح غرفة تنال من الإسلام وأهله يحتاج إلى طلب شخص واحد وتوقيعه ،
بينما يحتاج إغلاقها إلى الملايين من التوقيعات !! وما أصعب أن تـُغلق غرفة ٌ ،
وما أسهل أن تـُفتح غرفٌ كثيرة ، فهل تريدوننا أن ننشغل أيها الأحباب بأمور لا
تفيد ونحن نلعب مع المجرمين لعبة الإغماءة ، فيضحكون منا ، ويهزأون بنا وهم
يرون ضعف حيلتنا ، وسوء تصرفنا ، كمن يرى الماء تدخل غرف البيت من الصنابير
الخربة ، فيعمد إلى تنشيفها بالقماش أو الورق وهي تمتد وتتسع ، وينسى أن يغلق
الصنابير أو يصلح التالف منها قبل المسح والتنشيف !! .
وبدلاً من المظاهرات سواء في أوربا أو البلاد الإسلامية التي يرى فيها أعداؤنا
غوغائية ، وأراها – وقد يراها غيري - تنفيساً مؤقتاً عما في النفوس ، سريعاً ما
ينتهي دون فائدة ويحسب " المنفـّسون " أنهم صدقوا الله ما عاهدوا عليه ، وانتهى
سعيهم في نصرة الدين ونبيّه العظيم ، ومضَوا في " انتباهتهم النائمة " لا يلوون
على شيء أرى أن من الواجب أن نفكر تفكيراً عقلانياً منطقياً في الطريقة
الإيجابية التي ترمي إلى نصرة الدين القويم ، ونصرة الحبيب محمد صلى الله عليه
وسلم .
وحتى لا أكون ممن ينبـّهون ثم ينامون ، ويحسبون أنهم أحسنوا صنعاً ، وهم في
الحقيقة لا يعلمون ، أقترح ما يلي :
1- أن ينشط الدعاة في بلاد الغرب يشرحون الإسلام
، ويعرّفون به في الندوات والمحاضرات ، ويدعوهم إلى المراكز الإسلامية ليتعرفوا
عن كثب على الإسلام وأهله .
2- أن يعيش المسلم هناك مثالاً حياً للمسلم
الملتزم الواعي ، يصدق في العمل والوعد ، ويؤدي واجبه بكل أمانة وإحسان ، يعين
الضعيف ، ويعامل جيرانه ومن يعمل معهم بلطف وأخلاق . فيكون داعياً إلى الله
بقوله وعمله وحسن تصرفه . ويجلو عن أفكار المجتمع الأوربي كل سلبية يحملونها عن
الإسلام وأهله .
3- أن يحسن المسلم لغة القوم الذين يعيش بينهم ،
فينشط في وسائل إعلامهم المرئية والمقروءة والمسموعة يوضح الإسلام ويقف على
سيرة النبي الوضيئة صلى الله عليه وسلم ، ويجلو الشبهات العالقة في نفوس الناس
، يناقش ويحاور ويقود المجتمع إلى معرفة الإسلام وشريعته بلباقة وكلام واضح
مفهوم .
4- أن ينشئ المسلمون نوافذ إعلامية محلية ووطنية
في البلد الذي يعيشون فيه ليصلوا إلى كل الشرائح في البلدان التي يقطنونها .
5- ومن المفيد بشكل ملحوظ أن ينشئ المسلمون
مؤسسات تجارية نشطة قوية تجذب المجتمع إليها فيتسوقون منها ويقتربون من
المسلمين بيعاً وشراء ، كما يقتربون منهم إعلاماً وفكراً .
6- أن يكون المسلم محباً لوطنه الجديد الذي انتسب
إليه ، ويخدمه بإخلاص وتفان ، وأن يمارس فيه العمل السياسي على كل الصعُد فيضرب
مثلاً رائعاً في كمال الإنسان المسلم في كل الميادين .
والمسلم يعمل بذكاء ، ويخطط بفهم ، ويعمل بروية ونشاط ، وليس في قاموسه ردّة
الفعل ، والاعتباط في التخطيط ، ولا الجزئية في العمل .......
فهلاّ أثبتنا لأنفسنا وللعالم أجمع أننا الرجال ؟؟