|
1. قضت هذه الدعوة المباركة،قضاءاً تاماً
،على ما كان شائعاً في ((نجد)) من الخرافات،وما كان شائعاً من تعظيم القبور
والنذر لها،والاعتقاد في بعض الأشجار ، وأحيت معالم الشريعة بعد اندثارها.
2. إن أهل نجد ، قد رجعوا إلى
التوحيد الخالص من شوائب الشرك والوثنية،كما رجعوا إلى الكتاب والسنة المطهرة ،
وحكموها في جليل الأمور وحقيرها.
3. كانوا متفرقين ، لا تجمعهم رابطة
،ولا يجمعهم حكم شرعي ، ولا قانوني ، بل كانوا مختلفين ومتفرقين ، في المشارب
والمنازعات .
فوحدت هذه الدعوة كلمتهم ، وجمعت شملهم ، وجعلتهم تحت راية واحدة وأخضعتهم لسلطان
واحد ، يسوسهم بكتاب الله المجيد ، وسنة رسوله .
4. كانوا في نهاية من الجهل
والغباوة ، إلى حد أن اعتقدوا في الأشجار والغيران .
فنشرت الدعوة فيهم ، علوم الشريعة المطهرة وآلاتها ، من التفسير ، والحديث ،
والتوحيد، والفقه والسير ،والتواريخ، والنحو ، وما إلى ذلك من العلوم
وأصبحت الدرعية ، كعبة العلوم والمعارف ، يفد إليها طلاب العلوم من سائر النواحي
من أرجاء نجد ،واليمن ، والحجاز ، والخليج العربي ، وانتشر العلم في جميع الطبقات
، حتى قال المؤرخين : أصبح الراعي يرعى المواشي في الفيافي ، ولوح التعليم في
عنقه .
حتى من قوة انتشار العلم وسريانه ، ظهر العلماء الراسخون ،وألفوا الكتب القيمة في
مختلف العلوم ، بعد ذلك الجهل العظيم الذي خيم على أرجاء نجد وتركها تتخبط في
دياجير الظلمات والأوهام .
5. انتشر الأمن في جميع أرجاء نجد ،
حتى كان الماشي والراكب ، يمشي المسافات الطويلة ، ذات الليالي والأيام، لا يخاف
إلا الله ، ولو كان عنده من الأموال ما تنوء بحملها عصبة من الرجال .
6. لم تكن نجد معروفة لدى الأمم،
وكانت حقيرة وليس لها حساب ولا ميزان،ولا قيمة ، ولم يكن لها ملك،ولا حاكم معروف
، ما عدا بعض الأمراء الصغار الذين كانوا يحكمون قرية أو قريتين . فأصبحت نجد
ببركة هذه الدعوة مملكة موحدة طار صيتها في الآفاق ،ووضعت في صف الأمم .
وكانت الدولة إذ ذاك الدولة العثمانية ، حسبت لها ألف حساب وحساب وخافت على
سلطتها وسيطرتها من هذه الدولة السعودية المباركة ، حتى جرت الجيوش الجرارة
لمحاربتها ، وإماتتها.
7. إنه بقي من آثارها ، هذه الدولة
السعودية الحاضرة الممتد سلطانها من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً
.
دولة الكتاب والسنة والتوحيد النقي ، دولة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دولة
نشرت العدل والأمن والسلام .
دولة عززت من مركز العلم ، وقامت بنشره بين جميع أفراد الرعية ، وكل من يفد إليها
.
فأسست المعاهد العلمية والكليات ، والمدارس وأنفقت الأموال الطائلة للمدرسين
والدارسين ، سواء كانوا من الوطنيين ، أو غيرهم .
دولة تمثل الصدر الأول والسلف الصالح ، في أحكامها وهيمنتها على الأخلاق ،
وتحكيمها للكتاب والسنة.
دولة تسهر على مصالح الرعية ، وتعمل لرفاهية الشعب ومحاربة الفقر ، ورفع مستوى
المعيشة ، كما تسهر على راحة الحجاج ، وبذل جميع الوسائل لرفاهية الحجاج ، وتذليل
جميع العقبات أمامهم ، وترغيبهم في العودة المرة بعد المرة ، إلى الحج بيت الله
الحرام ، وزيارة المسجد النبوي ، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام .
وبالجملة فهي أحسن الدول العربية في تحكيم الشرع ، ونشر الأمن والعدل والعلم ،
ومحاربة أهل البدع والضلال ، والأخذ على أيدي السفهاء والعابثين بالأخلاق ،
والمنتهكين الحرمات .أيدها الله ، ووفقها للخير والنفع العام .
المصدر كتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية
ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه