بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمدلله والصلاة على رسول الله ،،،، وبعد ،،
فإن الكثير من الناس - ولله الحمد - يعيشون في هذا الزمن في رغد من العيش ،
فالمال قد فاض في أيدي الكثير منهم ، رواتب ضخمة ، وتجارات كثيرة ، ومساكن
واسعة ، وسيارات فارهة ، ومع ذلك الكثير منهم يشكو قلة البركة فيما أُعطوا
، حتى أصاب بعضهم القلق ، وتناسوا قول الله ﷻ ﴿ ومامن دابة في الأرض إلا
على الله رزقها يعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ﴾ .
فالله قد تكفل بالرزق ، فمن صدق في توكله رزقه الله من حيث لا يحتسب ( لو
أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ) .
والبركة إذا نزلت في المال صار كثيرا ، وإذا نزلت في الأولاد صاروا نافعين
، وإذا نزلت في العمر صار مُنْتِجا أينما حل نفع ،،،،
فالله - جل في علاه - إذا أراد بعبده خيرا بارك له فيما أعطاه ، حتى يُصبح
القليل كثيرا ، والصغير كبيرا بإذن الله .
إذن ؛ فما سبب قلة البركة ؟!
ثمة أسباب لقلة البركة ، أُجْمِلها فيما يلي :
السبب الأول :
قلة تقوى الله ﷻ ، يقول الله ﷻ ﴿ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا
عليهم بركات من السماء والأرض ﴾ .
فبالتقوى تنزل البركات من السماء ، وتخرج من الأرض ، وبعدَمِها تُنْتزع
البركات من الأرزاق .
السبب الثاني :
الغفلة عن الدعاء وعدم الإلحاح على الله بذلك .
جاء في سنن أبي داود أن النبي ﷺ دخل المسجد يوما فوجد أبا أمامة وحيدا
وعليه علامات الهم والغم ، فقال له : يا أبا أمامة مالذي أجلسك في المسجد
في ساعة ليست بساعة صلاة ؟ فقال يارسول الله : هموم أصابتني وديون أثقلتني
، قال ﷺ : ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن أذهب الله همك وقضى دينك ؟ فقال : بلى
يارسول الله ، قال : قل : إذا أصبحت وإذا أمسيت ؛ اللهم إني أعوذ بك من
الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، وأعوذ بك من
غلبة الدين وقهر الرجال ، فقال أبو أمامة : فقلتهن فأذهب الله همي وقضى
ديني .
السبب الثالث :
العقوق وقطيعة الرحم ، فإنهما سبب رئيس لضيق المعيشة وقلة الأرزاق والبركات
، يقول ﷺ : من أحب أن يُبْسَط له في رزقه ، ويُنْسأَ له في أثره ، فليصل
رحمه . أخرجه البخاري ومسلم .
فالبر والصلة من أعظم أسباب البركات في الأموال والأولاد والأعمار .
السبب الرابع :
الإمساك عن الصدقات وعن الإنفاق ، فلقد اقتضتْ حكمةُ الله ﷻ أن مَنْ أنفق
وتصدق ، ويسَّر على المعسرين ، ونفس كرب المكروبين ، فإن الله ييسر عليه ،
ويفرج كربته وهمه وغمه ، حيث يقول النبي ﷺ : يا أسماء أنفقي يُنْفِق الله
عليك . أخرجه مسلم .
ويقول الملَك كل صباح : اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا . اخرجه
البخاري ومسلم .
السبب الخامس :
الكسل وترك العمل ، فدين الإسلام هو دين العمل ، وليس الجلوس عن العمل من
الإسلام في شيئ .
قال ﷺ : وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي . صححه الألباني .
السبب السادس :
التوكل الصادق على الله مع بذل أسباب الرزق ، فالطيور تخرج كل صباح تبحث عن
أرزاقها ، لم تنم في أعشاشها وفي أوكارها ، بل انطلقت على فطرتها ، قال ﷺ :
لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا
وتروح بطانا . أخرجه أحمد والترمذي والنساء وابن ماجة وابن حبان والحاكم ،
وقال الترمذي : حسن صحيح .
أسأل الله أن يمن علينا جميعا بالتوفيق والرزق والبركات ،،،
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
كتبه / د. خالد الحسن
١٤٣٧/٦/٤ هـ
|