بسم الله الرحمن الرحيم
سمعت كثيراً أن الحياة قاسية , أن الفراق يقتل , أن قسوة الحياة تصيبك
ببرود شديد تستوي عندك الدنيا , فكنت أظنه كلاماً إنشائياً لا حقيقة له ,
حتى قدّر الله أمره وفارقتنا أمي !!
أمي والله رغم المي عليك إلا ان ايامك في المستشفى كانت تسعدني بقربي منك
وبرؤية إيمانك وتفاؤلك بأن الله سيكتب لك الخير , كان الصباح له معنى الذي
يبدأ بك والمساء الجميل الذي ينتهي بك , كل يوم أشتاق له لأكون قريب منك ,
أحبك وأكره مرضك و ألمك , هل تعلمين أن ابتسامتك الجميلة التي أجدك فيها كل
صباح وتقولين " عايش انتظرك وانتظر اخبارك الحلوة معك" كانت عندي أفضل
العبارات التي قيلت لي وكنت أخبي عنك الألم وأظهر لك كل خبر جميل تسعدين به
, لم أتخيل انك ستفارقينني يا أمي !!
أقدار الله يا أمي ستمضي علينا رغم كل الظروف ورغم صعوبتها علينا وعدم
قدرتنا على قبولها , ما كنت أتوقع أن الأم تموت ! ما كنت أتوقع أنك بشبابك
ولم تصلين الخمسين يقدر الله أمره وتفارقين حياتنا المملة بدونك , ما انسى
أول يوم تدخلين فيه العناية المركزة ثالث أيام عيد الفطر واقول لك أبشرك أن
الدكتور يقول أن امك افضل حالة لدينا في العناية, وهي الوحيدة التي ستنتقل
إلى الجناح ! وأن جارتك في غرفة العناية العجوز قاربت التسعين من عمرها ,
كنّا ندعي لها بالشفاء لأن حالتها الصحية صعبه , ونحمد الله على فضله علينا
, وكل يوم نذكرها و ندعي لها تدرين أنها يا أمي جارتك العجوز مازلت على قيد
الحياة , واننا حزننا عليك تقطعت منه قلوبنا !
كنتي تبين راحتي وتقولين نام ريح أنت ما نمت تعبتك , يا زين تعبك أبي أخدمك
والله أني أحس أني أحسن إنسان واتباهى قدام اخواني انك أكلتي من يدي وأنتي
تبين تسعديني, أدري انك عفيفه وشابه وتقدرين تخدمين نفسك , لكن وافقتي أني
ارتب شعرك وارتب اظافرك رغم أنك ترفضين انك تستعطفين أحد لكن وافقتي خفت من
قبولك انك تمهدين لودعاك لنا , لكن كنت سعيد باللي أسويه لك , أيامك
الأخيرة يا تاج راسي عالقة
والله ما أتخيل يا قرة عيني أنك فارقتي حياتنا الكئيبة ! والله لا أدري ما
هو السبب الذي يقودني إلى المستشفى التي كنتي فيه , يمكن أني أبحث عنك ؟!
تدرين أني اشوفك خلف كل عباءة سوداء تمر أمامي ! لعلي أجدك
تدرين أني ابحث عنك بعد سماع كل كلمة ( يمه ) حولي !
ما جاءني شعور النقص او الفقد إلا بعدك , أحس اني ناقص أحس في شيء كبير
فقدته ما شعرت بالغيرة أبد إلا بعدك , صرت اغار من كل واحد أمه عنده ابحث
عنك حتى اشبع رغبتي بأمومتك لي لعل الجرح يخف , كنت اسمع البيت كثير ولا
توقعت اني بـ أشعر فيه يوم من الأيام ,
الرجل يبقى طفل وأن ماتت أمه كبر
وأنا اسرع اللي كبروا من يوم خليتها
أنا الطفل الذي يبحث عن أمه ويبي يقبّل قدمها ويقبّل يدها ويقبّل عيونها ,
يبي ينام على صدرها لعله يجد ما يبحث عنه !
أشعر بتأنيب الضمير اني استعجلت بأني دفنت جسدك الطاهر , لعل الله يقدر
أمره وتعودين لنا , كل الدنيا بعدك فقدنا حلاوتها وجمالها ولا أدري كيف
سأعيش بدونك , لا أدري كيف سأبشرك بأن الله سيرزقني بطفل أرغب برعايتك له
وابحث عن هداياك له , لا ادري كيف سأعتمر بدونك , لا أدري كيف سأشرب القهوة
بدونك , لا أدري كيف سأزور أهلك بدونك , لا أدري من سيناديني لتكمل لمّة
العائلة الصغيرة , والله أن الفقد علينا كبيررر , ياجعلك في أعلى الجنة ,
ما كنت أظن أن المرض يأخذك مني يا غالية , والله اني مششششتاق لك ومشتاق
لجلوسي معك , قصة مرضك من أصعب القصص في حياتي التي لا أدري كيف سـ أنساها
, تدرين أن الجوال وانتي بالمستشفى كان مهم عندي واتصالات الصباح , التي
أنتظر اخبار المستشفى بأن يبشروني او يطلبوني لإنهاء إجراء يخصك يا قرة
عيني , حتى جاءني اسوء اتصال في حياتي واللي لن يكون هناك اسوء منه على
الإطلاق , أنك اللي كنتي قبل ساعة أنظر لك ولوجهك الجميل , فارقتي دنيانا
والله ان الحزن ملء قلبي ولا أعرف كيف سيذهب , ما عرفت أنك وأنتي بالمستشفى
أمرتي بأن كل ذهبك يباع وتصدقتي فيه الله يقبله , ما في رصيدك ريال إلا
وتصدقتي به , سجادتك بتفقدك يا جعلك للجنة , والله لا يضيعك الله يا صاحبة
المعروف ويا راعية الفضل , انتقلتي إلى رحمة الله وتركتني بدونك وأصبحت
الرجل الذي فقد أمه , يا أن الدنيا صغرت في عيني ولم أبالي بان يموت من
يموت بعدك , يازين ابتسامتك وانتي بالمستشفى ويمازحونك الاطباء اسمك عايشة
و ولدك اسمه عايش , يا جعلك في الجنة تعيشين وياجعلي ما أبطي عنك , يارب
عجل بشوفة أمي وضمتها اشتقت لها الله يرحمك رحمة لا تشقين بعدها أبدا ,
الحمد لله من قبل ومن بعد , الحمد لله , على اللي حصل
اللهم ارحم أمي , وامهات المسلمين ,,
اللهم أحفظ أبوي وأطل في عمره على طاعته
عايش بن ماجد بن عايش
أبن الوقورة عايشة بنت طلق رحمها الله
30 / 10 / 1440هـ
|