|
في العدد ( 28 ) نشرنا مشكلة الأخ ( م . أ . س ) ،
وملخصها : أنه شاب مستقيم وهو مرح مع أصدقائه يضحك معهم كثيراً ، ولكن إذا دخل
بيته يذهب منه الضحك والحديث فلا يتحدث مع أبيه ولا أمه ولا مع إخوته ، بل إنهم
إذا سألوه عن أمر ما لا يجيبهم إلا بكلمة أو كلمتين ثم يسكت ، وأي شخص يلقاه
يتحدث إليه ويضحك معه .
وقد حمل إلينا البريد مشاركات جميلة ومبدعة لحل هذه
المشكلة نختار لكم بعضاً منها :
دواؤك فيك
أخي الكريم .. إن مشكلة عدم التفاهم مع أهل البيت وعدم التعامل والضحك معهم
بمرح وبشاشة كسائر الأصحاب والأصدقاء حالة طبيعية تعترينا نحن بني البشر ، أو
لعلها سمة من سمات الإنسان ، والسبب طبعاً هو الالتصاق اليومي والمستمر بهم
والتحسس من نصائحهم ووعظهم .
أرأيت لو أن أحد أصدقائك رآك وأنت ترتكب محظوراً ( كالتدخين ) مثلاً ثم أسدى
إليك نصيحة أو قام بتوبيخك وتقريعك ، وعلى الطرف الآخر رآك أبوك أو أمك أو أخوك
الأكبر وفعل نفس ما فعله صديقك من نصح وتوبيخ ، أيهما أشد وقعاً وتأثيراً في
نفسك ؟ وأيهما أكثر إيلاماً وتحسساً ومثيراً لغضبك ونفورك ؟ لا شك أن التعامل
مع الآباء والأهل يفقد المرء الشعور بالمرح ، وذلك بسب القيود المفروضة ،
وأيضاً بسبب الرتابة المملة في البيت ، فتخيل أخي لو أن عمرك الآن 30 عاماً
وجدول حياتك هو نفسه منذ عشرين سنة ، ألا يدعوا هذا إلى الملل والفتور
والاكتئاب ؟
بيد أن الخروج إلى الشارع والاحتكاك بالمجتمع يُشعر المرء بالحرية والتمرد على
القيود والالتزامات بنواميس المجتمع وتفاعلاتها بسبب حرية الحركة والتغيير
والتجديد والمشاركة في الحوارات والنقاشات .
وعلى العكس منه تماماً في المنزل ، فالأب مشغول بعمله والأم مهتمة بشؤون البيت
والأولاد بينهما ومشاكل الحياة .. بينما تعيش أنت وحيداً فريداً متقوقعاً
منكمشاً ، وهذا لا أرضاه لك البتة .
كل ما سبق أخي الكريم تشخيص للحالة التي تعيشها ويعيش أمثالها كُثر غيرك ، وبعد
التشخيص إليك بعضاً من العلاجات ، فقل بسم الله وتوكل عليه .
* قم بالتغيير الجذري لحياتك وأعد ترتيب النظام
القديم وتحمّل نظاماً جديداً مُحدّثاً شاملاً وكاملاً ، وغيّر جدولك اليومي
وطريقة نومك وأكلك وشربك وحديثك ولباسك وغرفتك و .. ..
* شارك في هموم البيت ومشاكله وأدل بدلوك في
حوارات الأبوين ومناقشاتهما وشاطرهما الأعمال المنزلية والتصورات والخطط
والمباحثات .
* تقرب من بعض إخوانك أو جميعهم علّك تحصل على من
يشبهك في قالبك " الفسيولوجي " ولا أظنك ستعود صفر اليدين ، وأكثر من القراءة
والإطلاع والاستماع للراديو ولا تدع الفراغ يسيطر على مشاعرك وأفكارك ويجمد
أحاسيسك .
ختاماً .. ابتسم وتفاءل وتذكر أن الإنسان يؤجر على كل ما فيه مصلحة ومنفعة ،
فما بالك لو تصنّعت الابتسامة في البيت وحاولت جاهداً خلق جو من البهجة
والبشاشة وزرعت الابتسامة والمرح والدعابة في أرجاء البيت ، فقد بأتي بوم من
الأيام وتصبح مدمناً على البسمة ولو تصنعاً ، وعليه فدواؤك فيك ولا تشعر .
عصام الكهالي – إب
سمو الروح
إن الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال في كل شيء ، وأي شيء يزيد عن حده ينقلب
إلى ضده ، لذا أقترح عليك الآتي :
1 ـ توكل على الله واجعل الدعاء لك زاداً وادع
الله أن يعينك على بر الوالدين وصلة الأرحام.
2 ـ خفف من الضحك والمزاح مع الأصدقاء ، وكن
معتدلاً واغتنم جلستك معهم في حديث نافع ، وتذكر الحديث القدسي الرائع : ( ومن
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ).
3 ـ تذكر كفارة المجلس بعد انتهاء المجلس : (
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ).
4 ـ حاول عند دخولك المنزل رسم البسمة على وجهك ،
ولو أجبرت نفسك على هذا في البداية ، وأن تدخل على أهل المنزل وأنت تحيّيهم
بتحية الإسلام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وستجد تجاوباً لم تكن
تتوقعه ، فالبسمة لها تأثير سحري وفوري ، وتذكّر حديث الرسول صلى الله عليه
وسلم : ( أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشو السلام بينكم ).
5 ـ تقرب من الأطفال في بيتك وشاركهم لعبهم
البريء ، وستجد في ذلك متعة عظيمة ، وسيفرح الأطفال بذلك فرحاً شديداً.
6 ـ حادث والدك ووالدتك بأسلوب قريب إلى نفسيهما
وبأشياء يستمتعان بالحديث عنها ، وتحدث إليهما عن الدين وجماله وروحه .
وأخيراً .. فإن اهتمامك بهذا الأمر دليل على سمو روحك وعلو أخلاقك واهتمامك
بتنمية نفسك وتهذيبها .
أم عمر – الأردن
اسأل مجرب
إخوتي في الله .. لا أخفي سراً على الجميع بأني قد مررت لنفس المشكلة التي
كُتبت ، ولكني ولله الحمد خرجت منها بأحسن حال ، وسأحاول قدر المستطاع أن أكتب
العلاج الذي كنت أستخدمه لهذه المشكلة .
أولاً : اعتبر ما تمر به همّاً وعسراً ! وتيقّن
أن بعد العسر يسرا.
ثانياً : اصبر على ذلك الهم وسلّ نفسك بسلوى
القلوب المهمومة وراحتها بقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ، حيث
قال الله تعالى : " وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون " فالزم هذه الكلمات ما دمت تشعر بتلك الحالة ، وكذلك قال
الرسول صلى الله عليه وسلم : " عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، إن
أصابته سراء فشكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان خيراً له ، وما
ذلك لأحد إلا للمؤمن " ..
فهنيئاً لك هذا الخير يا مؤمناً في الدنيا وما عند الله خيرٌ وأعظم أجراً بإذنه
تعالى .
ثالثاً : أكثر من دعاء الهمّ والحزن وانكسر بين
يدي جبار السماوات والأرض واعترف له بضعفك وذنوبك وظلمك لنفسك ، فإن ذلك علاج
يعطي النفس راحة وطمأنينة.
رابعاً : أخي في الله إن لم ترحم جميع أفراد
أسرتك فعلى الأقل ارحم والدتك التي من المؤكد أن فؤادها يتقطع حزناً عليك ولما
حلّ بك ، وتتمنى لو تفديك بروحها لتسمع منك كلمة أو ترى ابتسامة ، وتخيل ذلك
اليوم الذي ستفقد فيه تلك الأم الرؤوم كيف سيكون حالك ؟ وأمنياتك وألمك على
التهجم والعبوس الذي طالما قابلتها به !
خامساً : أول ما تشكو ابدأ بالشكوى إلى الله
واتجه إليه بسؤالك وقل : " قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله " ، ثم انتقل إلى
أقرب صديق لك لكي يعينك على ذلك بالنصيحة والتوجيه ويدفع بثقتك إلى الأمام.
سادساً : حاول قدر المستطاع أن تجد مواضيع تتكلم
فيها مع أسرتك لكسر حاجز الصمت.
سابعاً : تذكر حال إخواننا المسلمين في فلسطين
والعراق وغيرهما وقد تشتت شمل أسرهم ، فالأطفال يُتّموا والنساء رُملن والرجال
أُذلّوا ، فمن تذكر مصيبة أخيه هانت عليه مصيبته .
جواهر التميمي - الشحر
الاقتداء
أخي الحبيب ( م . أ . س ) : بداية أحمد الله عز وجل أنك مستقيم على منهج الله ،
واعلم أن جانب المشكلة الأول أنك أكثر مرحاً وتفاعلاً مع الآخرين فهذا فضل من
الله أنك رجل اجتماعي ، أما الجانب الآخر فعلينا أن ننظر فيه أولاً إلى
المسببات ، فربما أن هناك حواجز نفسية وربما أن السبب هو عدم تبادل المشاعر
والعواطف بينك وبين الوالدين لسبب أو لآخر ، ولكي لا نطيل في شرح المسببات إليك
بعض المقترحات التي نسأل الله أن ينفعك بها ، وهي كالتالي :
1 ـ تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم
خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " ، وحاول أن تنقل جزءاً من هذا الضحك والتفاعل
إلى البيت لإدخال السرور على والديك ، وإذا كان من أعظم الأجر والثواب إدخال
السرور على مسلم فكيف إذا كان إدخال السرور على الوالدين والأقربين ؟
2 ـ قد يكون بينك وبين والديك فوارق في القدرات
العقلية والعلمية فلا تتكبر عليهما ! وقم دوماً بإذابة تلك الفوارق محتسباً
الأجر من الله ، قال تعالى : " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ، واعلم أن
قدوتنا في جميع تصرفاتنا وسلوكياتنا الاجتماعية هو المصطفى صلى الله عليه وسلم
الذي كان يتفاعل مع الصغير والكبير ، ناهيك عن مداعبته وحمله للحسن والحسين حتى
في صلاته.
3 ـ إذا لم تستجب لكل ما سبق فحاول مأجوراً أن
تتصنّع هذه السلوكيات لإدخال السرور على قلبيهما.
وتذكر أنك مثاب على ذلك العمل ، ولربما يوفقك الله ويجعلها سجية حميدة بعد هذا
التصنع .
يحيى محمد قايد – إب
حاسب نفسك
أخي الحبيب .. الجأ إلى ربك ثم حاسب نفسك على هذا السلوك الذي تعامل به والديك
وهما أقرب الناس إليك ! من أجزل عليك الحنان والعطف والشفقة ، وليس جزاء
الإحسان إلا الإحسان ، وإليك هذه الأفكار :
1 ـ اعلم أن طاعة والديك من طاعة الله ، ورضى
الله في رضاء ولديك ، وما فعلته خطأ وذنب في حقهما عليك ، فاتق الله تعالى
وحاسب نفسك بصدق .
2 ـ ابحث عن سبب ذلك ، وحاول أن تجد حلولاً وادخل
بيتك وأنت تتعوذ من الشيطان ، وداوم على قراءة القرآن والذكر والدعاء ، فالذكر
يشرح الصدور ويسعد النفوس .
3 ـ اعتذر لوالديك ولإخوانك من أجل إزالة ما بقي
من حزن وضيق في قلبك ، وابدأ معهم صفحة جديدة بعيداً عن الرتابة اليومية .
4 ـ حاور نفسك بهدوء وضع سلبياتك بوضوح ثم حاول
بإرادة صادقة أن تغير هذا السلوك إلى السلوك الحسن.
5 ـ عليك أن تلجأ إلى الله واسأله أن يبعدك عن
هذا وأن يهديك ويشرح صدرك وييسر أمرك.
حسين التام – مأرب
صاحبك عند الضيق
يقولون في المثل : إن النعمة تاج فوق رؤوس أصحابها لا يراها إلا من فقد هذه
النعمة ، ومن أعظم النعم وجود الأهل ، ومحبتهم لك وشوقهم إليك وأمنياتهم
الدائمة لرؤية الابتسامة تعلو شفتيك !
أخي العزيز .. ى بد من الاقتراب من أهلك والجلوس معهم ومعرفة أسباب التجهم الذي
يعلو محياك بمجرد ملاقاتهم وذلك لكسر الحواجز وإزالة العوائق ، ولعل من أفضل
السبل لذلك كثرة ممازحتهم ومشاركتهم في الأعمال المنزلية ! وما يدريك لعل عملاً
منزلياً يقرب القلوب ويعيد الابتسامة من جديدة .
أخي .. تذكر دائماً أن الأهل هم الأقرب إلى الشخص في كل أحواله ، لا سيما عند
حدوث الأزمات والمصائب ، ومن كان قريباً إليك في المصيبة والضائقة فبلا شك هو
أولى بابتسامتك وأنسك في جميع أحوالك.
أخيراً .. لا تنس شكر الله على نعمة الاستقامة والصلاح ، وعليك بتقوى الله في
السر والعلن لعله سبحانه أن يجعل لك مخرجاً ويرزقك من حيث لا تحتسب ، واسأله
سبحانه أن يشرح صدرك ويفرج مشكلتك .
فاطمة آل شامان – حوطة بني تميم
المصدر : مجلة مساء العدد الثلاثون
صفر 1426 هـ