بسم الله الرحمن الرحيم
1- إن العالم الإسلامي اليوم مأزوم بالصراع مع ذاته أكثر مما هو مأزوم بالصراع
مع الآخرين .
2- قد كان السلف يكرهون الشهرة حتى في الأعمال التي يكون لها أصل , لكنه ليس
بظاهر أو ليس بقوي , فيحبون موافقة الناس ويكرهون مخالفتهم ؛ لما فيه من مدعاة
الاغترار والإعجاب ورؤية الذات , ونشر الفرقة بين الناس .
3- سعة الشريعة لن يحتويها مذهب بعينه .
4- الانتساب مقبول بلا فخر ولا استعلاء ولا انعزال , وتاريخ الإسلام صنعته شعوب
شتى , كالكرد والفرس والترك والهند والبربر وغيرهم .
5- علينا ألا نسمح بحديث سلبي نتبادل فيه الطرائف التحقيرية عن شعب أو جنس أو
قبيلة أو إقليم , بصفة تعميمية بأنه بخيل أو جبان أو عنصري أو متكبر أو نذل ..
ففي كل واد بنو سعد , وفي كل بلاد الإسلام خير .
6- تحريف بعضهم اسم (( الوطنية )) إلى (( الوثنية )) هو غلو غير محمود , وتقبيح
لمعنى حسن في ذاته .
7- الانتماء لجماعة أو حزب أو طريقة ينبغي أن يُنظر إليه باتزان : فإن كان على
خير أو في مباح , فليس بعيداً عن الانتساب الفقهي أو القبلي حين يعرى من
العصبية , وإن كان على محرم , أو منابذة للشريعة , أو شكل انشقاقات عن وحدة
الأمة , كان حَرياً بالمنع والتحريم .
8- ليس يسوغ أن نحاكم الناس بموجب قوائم , أو نحكم بالخطأ والانحراف على إنسان
ما لمجرد أنه مع مجموعة خاصة , منتمياً أو متعاوناً .
9- لا يسوغ أن نعد مزاجنا أو كرهنا أو اختلافنا مع مجموعة ما سبباً في الإطاحة
بهم أو تجاهل صواباتهم , أو سوء الظن بما يصدر منهم , وكأن من ليس معنا فهو
ضدنا ! .
10- قد يوجد الإنسان الفاضل ضمن مجموعة مقصرة , أو يوجد المفرّط مع مجموعة
فاضلة .
11- لا تحلم بأن يتفق الناس على كل شيء .
12- العلماء الراسخون متطبّعون على الخلاف ؛ ولذا لا يُحدث في قلوبهم تغيراً
ولا وحشة , وقلّما تكلّم بعضهم في بعض بما ينقصه أو يحط من قدره , والغالب
عليهم حسن الظن و التعاذر والموضوعية والتقوى .
13- لئن كان العلماء قد اختلفوا في مسائل من فروع الشريعة , فقد اتفقوا قطعاً
على وجوب محبة المؤمنين بعضهم بعضاً , وعلى تحريم التباغض والتحاسد و التحاقد
بين المؤمنين .
14- إن مما يثير البؤس والحسرة في القلب أن يصرف شاب وقته وجهده في إعادة إنتاج
الخلاف بطريقة آلية غير واعية , فيكون شغله الشاغل : هذا قال , والآخر رد ! .
15- على المرء أن يحذر من أن يُحدث فتنة بين الناس بنقل الحديث وتوسيعه ,
والإضافة إليه .
16- من السعادة والتوفيق أن يكون المؤمن سبباً في إزالة الإحن أو تخفيفها ,
وتقريب القلوب .
17- الإنسان الذي عظمت فضائله وكثرت حسناته وزاد علمه , يحتمل منه من الآراء
المرجوحة والضعيفة ما لا يُحتمل من غيره .
18- إن الحماس المفرط للرأي أو للمتبوع , واعتقاد أنه حق مطلق يحمل كثيرين على
العنف والإطاحة بمن يختلفون معه .
19- لا سبيل إلى جمع الأمة على مذهب واحد , بل الخلاف لا بد منه , وهو واقع إلى
قيام الساعة .
20- غالب العلماء وقع بينهم خلاف لسبب معتبر , ولكن قد يوجد من بعض المنتسبين
إلى العلم والفقه من يقول في مسألة على سبيل التعصب والهوى .
21- المتعصب لا يدري أنه متعصّب ؛ لأنه لا يقرأ دوافعه جيداً , وهو يرى تعصب
الآخرين الذي هو عنده (( كالشمس في رابعة النهار )) ! أما تعصبه هو , فهو تمسك
وثبات وحرص على الحق والتزام بالدليل ! .
22- يتعين على العلماء والمفتين وطلبة العلم أن يحرصوا على الدقة في أقوالهم ,
والتحري والنظر في الأدلة , والتحقيق وعدم الهجوم على القضايا بغير روية ولا
تثبت .
23- على طالب العلم والمفتي أن يحرص على الوضوح والدقة في عباراته , ويقدّم بين
يدي فتواه بخطوط عريضة يؤثر بها في نفسية المتلقي وعقله , ثم يقدم الفتوى التي
سُئل عنها بغير التباس .
24- بعض طلبة العلم أصبحوا يُسرعون إلى إقحام لفظ ( الكفر ) , وكأنهم يرونه من
البيان والبلاغ والزجر .
25- الخلاف لا يعني أن تتخيّر من أقوال العلماء ما تشاء , إلا أن تكون المسألة
متكافئة الأدلة , فيكون الاختيار أحد وجوه الخروج من المسألة.
26- الفارق بين الشريعة وبين الهوى : أن الشريعة وحي ملزِم , وما سواها فهو
الهوى .
27- إن القول في القضايا الكبرى هو من أعظم الأمانة التي تنوء بحملها الجبال ,
ولا بد أن يتحقق في القائل مع تمام الديانة : العلم والفقه والبصيرة .
28- غالب مجادلات الناس ومقاولاتهم وهرجهم , هو من اعتقاد كل منهم أنه أولى
بالحق , بسبب أثارة يسيرة من العلم اغتر بها وظن نفسه على شيء , وليس هو على
شيء , ولكن أكثرهم يجهلون .
29- بعض الناس لا يتصور الورع إلا في الترك , ويغفل عن الورع في الفعل حين يكون
متردداً بين الوجوب والاستحباب ! .
30- الورع والاحتياط سلوك شخصي تفعله بنفسك , فلا تُلزم به حتى أقرب الناس إليك
.
31- التقليد ضرورة في بعض الأحيان ؛ لأن كثيراً من عامة الناس ليس عندهم فقه
ولا دراية بالعلوم الشرعية , فلا يسعهم حينئد إلا التقليد .
32- كم عدد أولئك الذين يستطيعون الاستنباط وفقه الأدلة والجمع بينها وفهم
مشكلها دون الاعتماد على غيرهم من العلماء المتخصصين .. إنهم قليل .
33- إننا بحاجة إلى تدريس أدب الخلاف في مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا , وتدريب
الشباب والفتيات على ممارسته عملياً ؛ ليتحوّل إلى عادة وعبادة في الوقت ذاته .
34- إن عصرنا الحاضر عصر انفتاح , تكسّرت فيه الحدود وتحطّمت الحواجز , إنه عصر
الفضاء والإنترنت , وأسلوب المنع والحظر والتشويش لم يعد يُجدي والحل الوحيد هو
النزول إلى الميدان ومقابلة الحجة بالحجة .
35- تجاهل المتفق عليه وإغفاله في مقابل تكريس الخلاف في أمور يترتب عليها آثار
سلبية كبيرة .
36- الحكمة أن تؤلف الناس على ما تراه , وأن تقيم الجسور الواصلة , بدلاً من
القطيعة أو تضخيم الفوارق وحفر الخنادق .
37- إن سكينة الإنسان , واستقرار نفسه , وهدوء لغته , وحسن عبارته , وقوة حجته
؛ هو الكفيل بأن تنصاع له القلوب , وأن يصل الحق الذي يحمله إلى أفئدة الآخرين
, وأن يغلب حقّه باطلهم .
38- إن الدين لم ينزل لتأجيج الصراع بين الناس , بل لضبط العلاقة وتنظيمها
وعمارة الأرض .
39- إن أفهام الرجال ليست وحياً , والمدارس الفقهية أو الحركية ليست هي الإسلام
, وإن كانت تنتسب إليه وترجع إليه .
40-الإنصاف خُلُق عزيز يقتضي أن تُنزل الآخرين منزلة نفسك في الموقف .
41- ليس من السداد جمع عثرات فلان و فلان , وتصنيفها في كتاب أو موقع إلكتروني
, حتى لو كان ذلك صحيحاً , لما فيه من تتبع العثرات والغفلة عن الصوابات ,
وتربية النفس على النظر في المثالب و المعايب , وهو انحياز للأنانية والهوى
والبغي .
42- من الناس من يتورّع عن أكل الحرام , أو شرب الخمر , أو مشاهدة الصور
الخليعة , ولكن يصعب عليه كف لسانه عن الاستطالة في الأعراض .
43- إن من الإنصاف أن تقبل ما لدى خصمك من الحق والصواب , حتى لو كان فاسقاً ,
أو مبتدعاً, أو كافراً .
44- إن المتعصب أعمى لا يعرف أعلى الوادي من أسفله , ولا يستطيع أن يميّز الحق
من الباطل , وقد يتحوّل المتعصّب بالحرارة نفسها والقوة نفسها من محب إلى مبغض
.
45- الخطأ أن تُختصر الأمة في رجل ؛ فإن هذه الأمة جعل الله فيها من الخير
وتنوع المواهب والقدرات والعلوم ما لا يخفى .
46- إن الله تعالى شرع لنا التعاون مع أي كان على البر والتقوى مع أيّ كان , ما
دام الأمر محل التعاون براً وتقوى , ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان مع
أي كان , فحدد موضوع التعاون ولم يحدد الجهة أو الشخص .
47- إن جو الحرية الشرعية هو المكان الذي تزدهر فيه الأفكار الصحيحة .
48- إن الإسلاميين من أحوج الناس إلى الحرية , وعليهم أن يكونوا حرباً على
الاضطهاد , وألا يسمحوا بممارسته مع خصومهم , ما لم يكن إثماً بواحاً .
49- مراجعة الأساليب والطرائق والمقررات بهدوء وتجرد وتدرج ضرورة حياتية شرعية
.
50- (فقه الممكن ) لا يعني القدرة المادية فحسب , بل يعني أن ذلك ممكن دون
أضرار تلحق , تكون مثله أو أكثر منه .
51- إن من الوضوح والمكاشفة أن نتصارح في الخلافات التي توجد بيننا , على أن
تكون هذه المصارحة سبيلاً إلى تجاوزها , والقضاء على الجوانب السلبية فيها .
52- ليس أسوأ ولا أكثر جناية على الحقيقة من الخصومات والمماحكات التي لا تدع
للموضوعية والتعقل موضعاً , وتحوّل المتحاورين إلى متبارزين في حلبة مصارعة .
53- من الادعاء أن يجعل فرد نفسه الفرقة الناجية , ثم يصم الآخرين بالضلال
ويتوعدهم بالنار .
54- ليس يجدر بحصيف يبتغي نجاة نفسه أن يقول : إنه كالذي كان عليه النبي
وأصحابه .
55- ثمة فرق بين (( التفرق )) و (( الاختلاف )) , وأن التفرق مذموم بإطلاق ,
فلا يقع إلا في مقام الذم , أما الاختلاف فليس كذلك , وقد يأتي في مقام الذم ,
أو في مقام العذر وعدم المؤاخذة , أو يقع ممدوحاً أحياناً .
56- الاختلاف يكون فيه المحمود والمذموم , أو يكون فيه من يعذر ومن لا يعذر .
57- إن كان اختلاف التضاد في مسألة يسوغ فيها الاختلاف , بحيث يكون مبنياً على
حجة شرعية , وعلى استفراغ الوُسع والطاقة في النظر والتحري , ولم يؤد إلى تفرق
, ولم يخرق إجماعاً قطعياً , فهو محمود.
58- الأمة لا يمكن جمعها على رأي واحد .
59- جمع الناس على رأي واحد سبب في خمول ورتابة الفكر .
60- المناظرة يدخلها حب الانتصار, ويندر من المتناظرين من يدخل وفي نيته أن
يرجع إلى قول خصمه إن استبان له صوابه .
61- إن أفضل وسيلة للاتفاق مع مفارقك أو مخالفك , هي أن تضع نفسك في موضعه .
62- ضيّق العلم والعقل , ضيّق العطن , سريع المؤاخذة , حاضر الاتهام .
63- اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية , أما اختلاف العقول , فلا بد منه ؛ لأنها
لو اتفقت لكفانا منها عقل واحد , فالاختلاف تلاقح وإبداع , وتنوع واجتهاد.
64- إن وحدة الصف الحقيقية تكون بالاجتماع على معاقد الشريعة الكبرى وكلياتها
ومسلماتها , مع التفريق بينها وبين الفروع واللواحق والمسائل الاجتهادية .
65- الوحدة المبنية على شروط وفروع واجتهادات ومفردات , هي عرضة للخلاف كلما مر
جزء من الوقت , وكلما تنوعت الاجتهادات , وكلما كثر الناس , وكبرت عقولهم ,
واتسع علمهم , وبحثوا وحققوا .
66- أعظم معوقات النهوض ومسببات الفشل والإحباط وذهاب الريح ؛ هو الاختلاف
العريض , حين يتحول إلى شتات وفرقة وتناحر .
السبت 1433/4/24 هـ
|