|
تأملّـتُ الحيـاةَ رأيـتُ فيها --- وحوشاً ضاريـة تنهـش بفيـها
وكلّ مـن فيهـا ذئـابٌ --- وقانـونَ غـابٍ سـاد فيهـا
فالقـويُّ فيها يدعـى شريفٌ --- والضعيف يقولون أرعناً وسفيهاً
عَجِبْتُ لِمَنْ باعت ضمائرها بِزهدٍٍ --- وتعرضها ببخس، فمن يشتريها؟
فشاهدت أعمالاً من الإنسان تخري --- وتحزن،ووصمة عار قد وصم فيها
فالفضيلة في الحياة غَدَت رمـاداً --- ونار حقـدٍ، تشتعل وتَـدُبُّ فيهـا
فولدٌ عاص أبدى لوالـده عقوقـاً --- وابنة ضـآلة هجـرت ذويهـا
وأخٌ لاخـوته مـا راعى لرحـمٍ --- وأخـتٌ قست فزهـدت في أخيها
وزوجةٌ بكيدها خربت بيوتـاً --- وزوجٌ ظالم بغى وعتا واستبدّ فيها
وأبٌ ماجـنٌ ، مُدمن يَتيّم صغاراً --- وأمٌ عنهم تخلّت بجهلها خسرت بنيها
وكمّ حاكم أمعن في رعيّته ظلمـاً --- فراح كسيّدٍ يشتري ويبيع فيهـا
فجعل نفسه للعدوّ ساعداً ومُعينـاً --- ويزهـو بفعلـه ويتباهـى تيهـاً
وآخر مُجرمٌ وكان للعـدوّ عميل --- فهو بالخيانة كالحاكم مُقلداً وشبيها
وغيره، وغيره قـد بـاع نفسه --- بِثمن بخسٍٍ فكان للنفس يُخزيهـا
فجرائم من عهـد آدم سُطـرت --- فكان ابنه الأول مُجرمـاً وسفيهـا
وقد توالت الجرائمُ في الخليقة بعده --- وجرت أحداث عَـزَّ حصرها وتحصيها
فهكذا نرى الدنيا بالأحقاد قد جُبلت --- تبـات وتصبح ،فلا تأمـن لياليهـا
فتعدّدت الأسباب والأحقاد قد كثرت --- فأخ يخشى أخاه وأمّ لا تأمن بنيهـا
فأبناء إسرائيل أول مـن طغـت --- فتمادت في الأرض ببغيها وبغيها
فقتلت كثيراً من الأبرياء وشرّدت --- أمماً وشعوباً ، وبكفرها قتلت نبيها
وعاثت في الأرض فساداً ولم تزل --- بلا خَجَـلٍ ولا حيـاءٍ يعتريهـا
فتجمّعت من أقاصي البلاد وعسّكرت --- بأرض قـومٍ ليست لأمِّها وأبيهـا
وإذ قال ربُّكَ للملائكة اسجـدوا --- فتمرّدَ الطاووس فأصبح مُبعَداً وكريها
فتأمّل في الدنيا يا بن آدم واتعظّ --- سبحان من للأكوان مُجريها ومُرسيها
فسليمان - الدنيا بأسرها دانت له --- فأَلْقته أرضاً سُوسَةٌ ، ودُفـِنَ فيهـا
فتزوّد الخيـرَ منها فهي زائلـة --- ولن يبقـى فيهـا إلاَّ وجـه باريهـا
عبد القادر اللبّان (لندن): 05-10 - 1990